صالح حسن
العين الإخبارية – أبوظبي
الأحد 2023/4/9
(في الصورة) إحدى الوثائق التي تم تسريبها حول الوضع في أوكرانيا إحدى الوثائق التي تم تسريبها حول الوضع في أوكرانيا
كقنبلة تنفجر في وجه الجميع، ألقت وثائق أمريكية مسربة من وزارة الدفاع (البنتاغون) بظلال كثيفة على المشهد الأمني العالمي.
وإلى جانب الانكشاف الأمني الروسي الذي أظهرته الوثائق المسربة، وضعت العلاقات الأمريكية مع الحفاء على المحك.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز أوضحت الوثائق المسربة حجم المعاناة التي يواجهها الجيش الروسي في أوكرانيا، وقدرة واشنطن على تحذير أوكرانيا بشأن الضربات التي تخطط موسكو لتنفيذها.
وتحوي الوثائق المسربة تحذيرات أمريكية آنية ويومية حول توقيت الضربات الروسية ومواقع الأهداف، ما أتاح لكييف الفرصة للدفاع عن نفسها.
كما يكشف التسريب، الذي لا يزال مصدره مجهولاً، عن التقييم الأمريكي للجيش الأوكراني الذي وصفه بأنه في حالة يرثى لها. فيما توضح الوثائق، في الفترة من أواخر فبراير/ شباط وأوائل مارس/ آذار، النقص الحاد في ذخائر الدفاع الجوي والمكاسب التي حققتها القوات الروسية حول مدينة باخموت الشرقية.
وتشير التقارير الاستخباراتية أيضا إلى تجسس الولايات المتحدة على كبار القادة العسكريين والسياسيين في أوكرانيا، وهو ما يعكس معاناة واشنطن للحصول على رؤية واضحة لاستراتيجيات القتال في أوكرانيا.
ويبدو أن الوثائق الجديدة تظهر أن فهم أمريكا للتخطيط الروسي لا يزال واسع النطاق وأن الولايات المتحدة قادرة على تحذير حلفائها بشأن عمليات موسكو المستقبلية.
وتعزز الوثائق فكرة اعترف بها مسؤولو الاستخبارات منذ فترة طويلة وهي أن لدى الولايات المتحدة فهم أوضح للعمليات العسكرية الروسية أكثر من فهمها للتخطيط الأوكراني. فغالبًا ما يكون جمع المعلومات أمرًا صعبًا وأحيانًا خاطئ، لكن مجموعة الوثائق ربما تقدم الصورة الأكثر اكتمالا حتى الآن لأكبر حرب برية في أوروبا منذ عقود.
ويمكن للوثائق المسربة إلحاق ضرر حقيقي بالمجهود الحربي الأوكراني عبر كشف الوكالات الروسية التي تعرفها الولايات المتحدة أكثر من غيرها، وهو ما قد يمنح موسكو الفرصة لقطع مصادر المعلومات، وفقا للصحيفة، رغم تأكيد مسؤولين سابقين وحاليين أنه لا يزال من السابق لأوانه معرفة مدى الضرر.
لكن إذا كانت روسيا قادرة على تحديد كيفية قيام الولايات المتحدة بجمع معلوماتها ووقف هذا التدفق، فقد يكون لذلك تأثير على ساحة المعركة في أوكرانيا.
وأدى التسريب أيضا، إلى صعوبات في العلاقات مع الدول الحليفة وأثار شكوكا حول قدرة أمريكا على الحفاظ على أسرارها. فعقب مراجعة الوثائق، قال مسؤول استخباراتي غربي كبير إن تسريبها كان مؤلمًا وأشار إلى أنه يمكن أن يحد من تبادل المعلومات الاستخباراتية، لأن قيام الوكالات المختلفة بتبادل الوثائق مع بعضها البعض يتطلب ثقة وتأكيدات بأن بعض المعلومات الحساسة ستبقى سرية.
وقد تضر الوثائق أيضا بالعلاقات الدبلوماسية بطرق أخرى. فتوضح الوثائق الاستخباراتية التي تم الكشف عنها حديثًا أن الولايات المتحدة لا تتجسس على روسيا فحسب، بل على حلفائها أيضًا. وعلى الرغم من أن ذلك لن يفاجئ المسؤولين في تلك البلدان، لكن نشر مثل هذا التنصت على الملأ يعيق دائمًا العلاقات مع الشركاء الرئيسيين، مثل كوريا الجنوبية، التي تحتاج إلى مساعدتها لتزويد أوكرانيا بالأسلحة.
ففي الصفحات المنشورة على الإنترنت، هناك ما لا يقل عن وثيقتين حول المناقشات الداخلية لكوريا الجنوبية حول التبرع بقذائف المدفعية الأمريكية لاستخدامها في أوكرانيا، في انتهاك لسياسة سول بشأن تقديم المساعدات القاتلة. وأشارت الوثائق إلى أن المسؤولين الكوريين الجنوبيين كانوا قلقين من أن يتصل الرئيس الأمريكي جو بايدن برئيس كوريا الجنوبية للضغط على سول لتسليم القذائف.
قسم آخر من الوثائق، من وكالة الاستخبارات المركزية، أكثر وضوحًا حول كيفية علم الولايات المتحدة بمداولات كوريا الجنوبية، مشيرًا إلى أن المعلومات كانت من “تقرير استخبارات الإشارات”، وهو مصطلح تستخدمه وكالات التجسس لأي نوع من الاتصالات التي يتم اعتراضها من المكالمات الهاتفية للرسائل الإلكترونية.
إحدى الوثائق التي تضمنت معلومات اعتراضها، كانت في الفترة من أوائل إلى منتصف فبراير/ شباط، حيث دعا كبار قادة الموساد، وكالة التجسس الأجنبية الإسرائيلية، مسؤولي الموساد والمواطنين الإسرائيليين إلى الاحتجاج على الإصلاحات القضائية التي اقترحتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة. لكن كبار مسؤولي الدفاع الإسرائيليين نفوا فحوى الوثيقة، ولم تتمكن صحيفة نيويورك تايمز من التحقق منها بشكل مستقل.