الإثنين 11 كانون الاول , 2023 03:07
الكاتب: حسين شكرون -الخنادق
عشرات الآلاف يتظاهرون في لندن ضد العدوان الاسرائيلي على غزة
أثارت عملية طوفان الأقصى الجدل بين الكتّاب في الغرب حول مفهوم الحركة الصهيونيّة ونشأتها وأهدافها، ففي حين ذكر مؤلفون أن الصهيونية جاءت نتيجة لعملية تاريخية مسيحية، بدلاً من كونها ظاهرة يهودية أوروبية بحتة، وقد ساهمت عوامل عدّة في تأمين الدعم للحركة الصهيونية مثل الهولوكوست وكراهية الإسلام، والمصالح الرأسمالية والصناعية، والدعم الأميركي، خلص آخرون إلى أن أعمال العنف التي تمارس ضد اليهود اليوم هي هدية للصهيونية المسلّحة، لأنها تدعم وتؤكد من جديد جوهرها ومعتقدها الحاكم مع الإشارة إلى نظرتهم بأن وجود إسرائيل أمر غير أخلاقي في حد ذاته. وتعرض بعضهم لمضايقات عدة في سياق تكميم الأفواه الممارس من قبل السلطة في هذه الدول.
فيما يلي بعض المواقف في إطار النقاش الدائر حول الصهيونية ومواقف بعض النخب الثقافية منها:
– رفعت منظمة صهيونية دعوى قضائية ضد جامعة كاليفورنيا في بيركلي متهمة كلية الحقوق بالجامعة بالترويج لمعاداة السامية، والتمييز ضد اليهود من خلال السماح للمجموعات الطلابية بالتجمع دعما لغزة وبمنع الصهاينة من التحدث في اجتماعاتهم. وقال محامو مؤسسة لويس دي برانديز في دعوى قضائية مرفوعة أمام المحكمة الفيدرالية في سان فرانسيسكو: “إن الصهيونية جزء لا يتجزأ من الهوية اليهودية”. معاداة الصهيونية هي تمييز ضد أولئك الذين يعترفون بتراث أجداد اليهود – وخاصة العلاقة التاريخية لليهود بأرض إسرائيل”. ووفق الدعوى إنها “تستهدف الانتشار الطويل الأمد وغير المنضبط لمعاداة السامية في جامعة كاليفورنيا بيركلي”.
– اندمج القادة الغربيون خلف دولتهم المفضّلة في الشرق الأوسط، بمجرد أن أعلنت “إسرائيل” الحرب على غزة المحاصرة في السابع من أكتوبر. وجاء معظم الدعم الحماسي من بريطانيا. ورغم أن الدول الغربية الأخرى أبدت تعاطفاً ودعماً فورياً لـ”إسرائيل”، لكن من منطلق تاريخي ف”إسرائيل” ليست مجرد حليف لبريطانيا، بل هي بدعة بريطانيا. في هذا السياق، كُتب مقال قبل أيام قليلة فقط من بدء الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، يرى فيه المؤرخ إيلان بابي أستاذ بكلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكسيتر بالمملكة المتحدة، أن “الصهيونية كانت في الواقع نتيجة لعملية تاريخية مسيحية، بدلاً من كونها ظاهرة يهودية أوروبية بحتة. وبدلاً من التأمل في أمراض العنصرية التي لا تزال ترشد المجتمعات الغربية، فإن تكفيرهم عن الذنب يترجم عادة إلى دعم أعمى لدولة “إسرائيل” وسياساتها”.
“إن ما يمقته الغرب – وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة – هو تحمل أي مسؤولية عن المواقف التاريخية الغربية المعادية للإسلام والتي شكلت المشروع الصهيوني. كما أن الطبقات الحاكمة البريطانية – بما في ذلك أجزاء من الأرستقراطية الأنجلو يهودية – لم تعترف بالدور الذي لعبته نظرتها العالمية الإمبراطورية والمعادية للسامية في تسهيل وتوسيع صهيونية فلسطين”.
– قبل بضعة أسابيع، أجريت مقابلات مع العديد من الناشطين والباحثين المؤيدين للفلسطينيين في الولايات المتحدة، وقد أكّدوا جميعهم تقريبًا أنهم معادون للصهيونية، وأدانوا جميعًا أيضًا معاداة السامية. بحسب جوناثان غرينبلات، الرئيس التنفيذي لـ”رابطة مكافحة التشهير”، “إن معاداة الصهيونيّة، بحكم التعريف، كما معاداة السامية، وإن “معاداة الصهيونية أساسية لليهودية”. وأضاف، “يمكنك أن تكون منتقدًا حادًا للحكومة الإسرائيليّة دون أن تكون معاديًا للصهيونيّة؛ ويقول أيضًا إنه، مثل كثيرين آخرين، يدعم الهوية الفلسطينية والقومية الفلسطينية، بينما هو أيضًا صهيوني”.
– في مقال للكاتب جوستين ساكس بعنوان “يا أيها الصهاينة الصغار الحمقى” تحدث عن جرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين منذ بدء تنفيذ المشروع الصهيوني الذي يقضي بطرد الفلسطينيين من أرضهم وتهجيرهم واستيطان دولتهم. ويصف الكاتب الصهيونية بأنها أيديولوجية مصابة بجنون العظمة والتآمر، ومن أجل إنشاء هوية قومية يهودية مستقرة يجب أن تخاطب رغبتنا في تجاوز تاريخنا من القمع ومعاداة السامية. ويشير إلى أنه يتم تحقيق هذا القدر من الخدعة الأيديولوجية من خلال حرماننا من قدرتنا على رؤية الفلسطينيين كبشر.
كان هناك العديد من العوامل التي ساهمت في نجاح الصهيونية والدعم الدولي الذي حظيت به الدولة الصهيونية حديثة النشأة. وفي المعركة الأخيرة تم حشد أبواق إعلامية وثقافية هائلة لشرعنه وتجميل صورة الصهيونية. لكن بقيت العديد من الأصوات تكتب عن اغتصاب الصهاينة للأراضي الفلسطينيّة وممارسة التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، وأخيراً إدانة جرائم الاحتلال في معركة طوفان الأقصى مع ما يحمله ذلك من ثمن وظيفي وقانوني عليهم، كالذي حصل مع “ليز ماجيل” التي استقالت من منصبها في أعقاب موجة انتقادات واسعة طالتها على خلفية جلسة استماع في الكونغرس بشأن “معاداة السامية” في جامعات الولايات المتحدة بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وكانت ماجيل رئيسة جامعة بنسيلفانيا الأميركية المرموقة واحدة من رئيسات 3 جامعات أميركية تعرّضن لانتقادات حادة بعد مثولهن أمام الكونغرس في جلسة استماع مخصصة للبحث بمعاداة السامية في الجامعات.