سكاي نيوز عربية – أبوظبي
من نضال المغربي
الثلاثاء 13 / 02 /2024
دخان يتصاعد فوق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة كما شوهد من معسكر للنازحين هناك يوم الخميس. تصوير: إبراهيم أبو مصطفى – رويترز. © Thomson Reuters
كثف الجيش الإسرائيلي قصفه على مدينة رفح الحدودية مع مصر في جنوب غزة التي نزح إليها أكثر من نصف سكان القطاع، بينما أطلق مسؤولون أميركيون انتقاداتهم الأشد حدة حتى الآن بشأن الخسائر البشرية بين المدنيين في غزة جراء عمليات إسرائيل التي تحول تركيز هجومها حاليا إلى رفح.
وبينما حذرت الولايات المتحدة، الخميس، من أن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح، “دون تخطيط أو بالقليل من التفكير”، ستكون “كارثة”، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اقتراحاً لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وقال فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية للصحافيين، الخميس، “لن ندعم القيام بشيء كهذا دون تخطيط جاد وموثوق به لأنه يتعلق بأكثر من مليون شخص يحتمون هناك، وأيضاً دون النظر في آثاره على المساعدات الإنسانية والمغادرة الآمنة للأجانب”.
وأضاف باتيل، أن الولايات المتحدة “لم تر دليلاً على أن إسرائيل وضعت تخطيطاً جاداً لمثل هذه العملية”.
وتنبع التخوفات من قيام الجيش الإسرائيلي بشنّ عملية عسكرية في رفح، من تواتر تصريحات أدلى بها كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت بشأن توسيع العمليات العسكرية في مدينة رفح، على الحدود مع مصر.
قلق أميركي وتجاهل إسرائيلي
وأبلغ وزير الخارجية أنتوني بلينكن، نتنياهو وغالانت، الأربعاء، بأن إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بقلق بالغ بشأن احتمال توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح.
ومع دخول الحرب الإسرائيلية شهرها الخامس في يومها الـ125، أفاد شهود عيان ومصادر طبية باستهداف قصف إسرائيلي جنوبي قطاع غزة، خصوصاً مدينة رفح.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة يتعرض لكارثة صحية وإنسانية نتيجة الحصار والاستهداف الإسرائيلي، مؤكدة أن 300 كادر طبي و450 جريحاً و10 آلاف نازح في مجمع ناصر الطبي يتعرضون للقتل والجوع.
وضع كارثي
وأشارت الوزارة إلى النقص حاد في أدوية التخدير والعناية المركزة والمستلزمات الجراحية، إضافة إلى توقف المولدات الكهربائية خلال أقل من 48 ساعة نتيجة نقص الوقود، ما أدى إلى فصل الكهرباء عن أجزاء من المستشفى لساعات عدة نتيجة نقص الوقود، مضيفة أن الجيش الإسرائيلي يمنع حركة سيارات الإسعاف، ويعيق وصول الجرحى والمرضى لمستشفى مجمع ناصر الطبي.
وحذرت وزارة الصحة الفلسطينية من استمرار تعرض مجمع ناصر الطبي لكارثة نتيجة تكدس النفايات الطبية وغير الطبية في الأقسام والساحات، حيث منع الجيش الإسرائيلي خروجها.
من جانبه، حذَّر المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، من عواقب “كارثية” لأي هجوم إسرائيلي على رفح المكتظّة بالمدنيين.
وأشار إلى مناقشات مكثّفة تجري بين إسرائيل ومصر حول ما يمكن القيام به على طول محور فيلادلفيا؛ وهو منطقة عازلة منزوعة السلاح على حدود غزة مع مصر، بموجب اتفاق السلام الإسرائيلي – المصري لعام 1979.
وكشف وينسلاند، في مؤتمر صحافي داخل المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، قبل أن يتوجه إلى واشنطن لعقد سلسلة اجتماعات مع المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن، عن أن هذه المسألة كانت مَثار بحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مع كل من القاهرة وإسرائيل، مضيفاً أنه لا يرى طريقة للخروج من هذا النزاع سوى بجلوس الطرفين والتحدث حول الموضوع.
اجتماع الرياض
في غضون ذلك، ناقش اجتماع وزاري تشاوري في العاصمة السعودية الرياض، مساء الخميس، تطورات الأوضاع بالمنطقة، وعلى رأسها المستجدات في قطاع غزة ومحيطه، والجهود المبذولة للتعامل مع تداعياتها الأمنية والإنسانية.
وشارك في الاجتماع الوزاري العربي وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر والإمارات، إلى جانب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
الدوحة (رويترز) – نفذت القوات الإسرائيلية غارة جوية على رفح في جنوب قطاع غزة يوم الجمعة تسببت في سقوط قتلى رغم انتقادات الرئيس الأمريكي جو بايدن لهجومها العسكري وتحذير وكالات إغاثة من سقوط عدد كبير من القتلى بين الفلسطينيين إذا تقدمت إلى داخل المدينة.
وتصاعدت وتيرة القلق الدولي بشأن مصير مئات الآلاف من سكان غزة الذين نزحوا إلى رفح منذ تهديد إسرائيل بشن هجوم بري على المدينة الواقعة على الحدود مع مصر.
وقالت واشنطن يوم الخميس إنها لن تؤيد أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح دون إيلاء الاعتبار الواجب لمحنة المدنيين، ووصف بايدن الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول بأنه “تجاوز الحد”.
وبعد ساعات من تصريحاته، نفذت طائرات حربية إسرائيلية غارات جديدة على غزة. وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن 15 شخصا على الأقل قتلوا في أحدث غارات جوية من بينهم ثمانية في رفح التي يلوذ بها حاليا أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وقال محمد النحال وهو مسن فلسطيني كان يقف بجوار أنقاض مبنى استهدفه القصف “كنا نايمين جوا ولما انضرب طلعنا برا، طلعنا من الشقة برا، بعد شوية انضرب كمان صاروخ تاني دمر الدار كلها بحالنا بمالنا”.
وأضاف “بنتي وجوزها وابنها دول كلهم استشهدوا، باقيين اتنين في المستشفى”.
ولم تعلق إسرائيل على أحدث الغارات الجوية. وتقول إنها تتخذ إجراءات لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين وتتهم مسلحي حماس بالاندساس بين المدنيين، بما في ذلك في مدارس مستخدمة كملاجئ ومستشفيات، وهو ما يؤدي إلى مقتل المزيد من المدنيين. ونفت حركة حماس هذه الاتهامات.
ويكافح أطباء وعاملون في مجال الإغاثة في رفح لتوفير المساعدات الأساسية ووقف انتشار الأمراض.
وقال يان إيجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين “لا يمكن السماح بأي حرب في مخيم ضخم للاجئين”، محذرا من “حمام دم” إذا امتدت العمليات الإسرائيلية إلى رفح.
* تزايد القتلى رغم الجهود الدبلوماسية
قالت وزارة الصحة في غزة يوم الجمعة إنه تأكد مقتل ما لا يقل عن 27947 فلسطينيا منذ بدء الصراع، منهم 107 خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة، إلى جانب إصابة 67459 آخرين.
وتقول إن كثيرين آخرين ربما ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض التي خلفها الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ بعد أن قتل مسلحون من حماس 1200 شخص واحتجزوا 253 رهينة في السابع من أكتوبر تشرين الأول وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وكثفت الولايات المتحدة هذا الأسبوع جهودها لضمان التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض اقتراحا طرحته حماس يتضمن أيضا إطلاق سراح المحتجزين لديها.
ورغم أن الولايات المتحدة هي الحليف الأهم لإسرائيل، فقد حثتها على تقليص حربها الشاملة إلى عملية تركز أكثر على استهداف قيادات حماس.
وفي واحدة من أشد انتقاداته حدة حتى الآن لحكومة نتنياهو، قال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض يوم الخميس “أرى، كما تعلمون، أن طريقة الرد في قطاع غزة جاوزت الحد”.
وذكر بايدن أيضا أنه يضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل وزيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين ووقف مؤقت للقتال من أجل السماح بالإفراج عن المحتجزين لدى حماس.
وقال بايدن “أضغط بشدة حاليا من أجل وقف لإطلاق نار يتعلق بالرهائن… هناك الكثير من الأبرياء الذين يتضورون جوعا، والكثير من الأبرياء الذين يعيشون في كرب ويموتون، ويجب أن يتوقف ذلك”.
* دول عربية تحاول احتواء الصراع
اقترحت حماس وقف إطلاق النار لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر يتم خلالها إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وانسحاب القوات الإسرائيلية والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب.
وكان هذا العرض رد حماس على اقتراح صاغه الأسبوع الماضي رئيسا المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ونقلته مصر وقطر للحركة.
وقال نتنياهو يوم الأربعاء إن الشروط التي طرحتها حماس “مضللة” وتعهد بمواصلة القتال وقال إن النصر بات قريبا وعلى بعد أشهر فقط.
وتقول حماس إنها لن توقع على أي اتفاق لا يتضمن وقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية. وتقول إسرائيل إنها لن تنسحب أو توقف القتال حتى يتم القضاء على حماس تماما.
وفي إشارة إلى استمرار الجهود الرامية إلى إحلال السلام، زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الشرق الأوسط في رحلة سريعة هذا الأسبوع في مسعى لتحقيق انفراجة ومنع اتساع رقعة الصراع في المنطقة. ووصل وفد من حماس إلى القاهرة يوم الخميس لإجراء محادثات لوقف إطلاق النار مع مصر وقطر اللتين تتوسطان في أحد مسعى دبلوماسي.
وناقش وزراء خارجية عدة دول عربية الوضع في غزة خلال محادثات في الرياض قالت وسائل إعلام إماراتية إن الإمارات دعت خلالها إلى بذل المزيد من الجهود لمنع اتساع رقعة الصراع في المنطقة.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود دعا إلى الاجتماع الذي عُقد يوم الخميس في الرياض. وضم الاجتماع وزراء خارجية قطر ومصر والأردن والإمارات وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ.
وأضافت الوكالة أن الوزراء العرب أكدوا على “ضرورة إنهاء الحرب على قطاع غزة والتوصل إلى وقف فوري وتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفقا للقانون الإنساني الدولي، ورفع كافة القيود التي تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع”.
من ناحية أخرى، ذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت يوم الجمعة طائرتين مسيرتين في غرب دمشق، ونقلت عن مصدر عسكري قوله إن الطائرتين كانتا من اتجاه هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل إلى الغرب من العاصمة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه لا يعلق على تقارير إعلامية أجنبية.
كما يتصاعد التوتر أيضا على الحدود بين إسرائيل ولبنان. ودوت صفارات الإنذار في بلدات بشمال إسرائيل، وقال الجيش الإسرائيلي إنه تصدى “لهدف جوي مشتبه به” قبالة ساحل مدينة حيفا.
وقال مصدر أمني لبناني إن طائرتي استطلاع مسيرتين غير مسلحتين انطلقتا من لبنان وحلقتا فوق الأراضي الإسرائيلية ثم عادتا. وقالت جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة إنها قصفت “أنظمة تجسس” في شمال إسرائيل لكنها لم تذكر نوع الأسلحة التي استخدمتها.
(شارك في التغطية الصحفية إيما فارج من جنيف ومايا جبيلي من بيروت وهنريت شقر من القدس وستيف هولاند من واشنطن وميشيل نيكولز من نيويورك – إعداد الشيماء سعد ودنيا هشام للنشرة العربية – تحرير سها جادو)