الكاتب: موقع الخنادق -غرفة التحرير
الإثنين 26 شباط , 2024
بين بنيامين نتن ياهو وجو بايدن
تشير التصريحات الرسمية الإسرائيلية إلى رفض كلي لقيام دولة فلسطينية، فيما تسعى إدارة الرئيس جو بايدن مع العديد من الدول عربية إلى إعداد خطة شاملة؛ تتضمن قيام دولة فلسطينية لتحقيق “سلام طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين” بالإضافة إلى إعادة تفعيل ملف التطبيع. في حين أن الأعمال العسكرية المستمرة بالتوازي مع الحركة الأمريكية الدبلوماسية التي تؤمّن الوقت المستقطع لصالح الكيان، تكشف شكل الحكم الفلسطيني الذي يحتمَل أن تتقبّل حكومة نتنياهو وجوده، ويتقاطع مع الطروحات الأميركية؛ حكم هش ضعيف القدرات العسكرية، يفتقد السلطة السيادية، أو أي مقوّمات تهدد “إسرائيل”. في هذا الصدد، ماذا تكشف هذه الطروحات؟
وثيقة نتنياهو “لليوم التالي”
طرح بنيامين نتنياهو، بعد منتصف ليل الخميس، وثيقة تتضمّن مجموعة من المبادئ عن “اليوم التالي للحرب”، لنيل مصادقة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) عليها. وتشترط الوثيقة، التي تعكس بحسب زعم مكتب نتنياهو “توافقاً شعبياً واسعاً في إسرائيل على أهداف الحرب والبديل المدني لحكم حماس”، والمقسّمة على ثلاث مراحل، “مواصلة الجيش الإسرائيلي لحربه حتى تحقيق أهدافها، بتدمير القدرات العسكرية والبنية التحتية السلطوية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين، ومنع أي تهديد مستقبلي من قطاع غزة”.
أمّا بالنسبة للخطة المدنية، فأوردت أن “الإدارة المدنية والمسؤولية عن النظام العام في القطاع، سترتكز على محليين من ذوي الخبرة الإدارية، قدر الإمكان؛ بشرط ألا يكون هؤلاء مرتبطين بدول أو كيانات تدعم الإرهاب أو تتلقى منها أي أموال”. ويترافق ذلك مع الدفع بمخطط شامل لـ”مكافحة التطرف” في جميع المؤسسات التربوية والثقافية والدينية والتعليمية في غزة، بمشاركة دول “لها باع طويل في تعزيز مكافحة التطرّف على أراضيها”، في إشارة ربما إلى دول كالإمارات والسعودية.
هذه هي أهداف الحرب المستمرة التي يراهن نتنياهو على ترسيخها أكثر فأكثر بالتوازي مع الضغط العسكري، وفرض واقع أمني، وحلّ الفصائل الفلسطينية تحت عنوان الإتيان بسلطة “مدنية” غير مرتبطة بأي تنظيمات مسلّحة. حكومة نتنياهو تُجمع على أن أي حل فيه إرساء لإنجاز حماس وتضحيات الشعب الفلسطيني غير مقبول، وهي لا ترفض المفاوضات المباشرة، لكن وفق الشروط الإسرائيلية، بمعنى آخر الكيان مستعد للتفاوض مع طرف لا يملك أيَّا من أوراق القوة، ومستسلم للشروط الإسرائيلية مسبقاً.
رؤية بايدن “لليوم التالي”
تبدأ خطة بايدن “لليوم التالي” بالإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة لمدة ستة أسابيع وتبادل للأسرى وتشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة، على أن يتم وقف إطلاق النار قبل شهر رمضان، وفق تقرير واشنطن بوست في 15/2/2024. وتتضمن الخطة، وفق ما أوردته الصحيفة، جدولاً زمنياً لإقامة دولة فلسطينية. وتتضمن الخطة، “إخلاء العديد من المستوطنات في الضفة الغربية؛ إعلان القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية؛ إعادة إعمار غزة؛ وضع ترتيبات للأمن والحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة معًا؛ وفي المقابل تحصل إسرائيل على ضمانات أمنية محددة؛ بالإضافة للتطبيع مع المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى”.
تسعى إدارة جو بايدن، لإحياء فكرة “حل الدولتين” والاعتراف بالدولة الفلسطينية كصفقة إقليمية في سياق استراتيجية الانقلاب الأمريكي على نتائج طوفان الأقصى وانعكاساته على محور المقاومة. وتهدف واشنطن بالدرجة الأولى إلى استبدال مكتسبات فصائل المقاومة وإنجازاتها العسكرية وتحييد جبهتها بروافع انتخابية أمريكية، والدفع بمسار التطبيع مجدداً، وإعادة تموضع محور “الاعتدال” العربي في عملية ضبط النظام القائم على القواعد في المنطقة. وتندفع الإدارة الأمريكية من ضرورة توجيه التحوّلات الإقليمية وفق رؤية واشنطن وشروطها بالاستفادة من الوقت الانتخابي، في ظل التشكيك في قدرة الكيان على تحقيق أهداف الحرب التي حددها من خلال الجهد العسكري وحده.
رؤية إدارة بايدن دونها العديد من العوائق والتحديات، في مقدمها “اليوم التالي” وموقع حماس السياسي والعسكري والاجتماعي، وموقع القضية الفلسطينية وموقف فصائل المقاومة من التنازلات المطلوبة. يسعى الطرح الأمريكي إلى توليد “كيان” فلسطيني بمعزل عن مسمّى شكل الحكم فيه، يعترف بالشرعية “الإسرائيلية”، لا يرى بالكيان الإسرائيلي عدوّاً، ولا يشكّل تهديداً عليه. في هذا السياق، يتحرّك المحور الإسرائيلي الخليجي الأميركي لاستثمار منجزات الكيان الإسرائيلي في تحقيق الأهداف التي لا تعيد الكيان إلى ما قبل 7 تشرين الأول. وعليه، ينحو باتجاه المتاجرة بنتائج الحرب على أهل غزة على المستوى الإنساني في محاولة الضغط على حماس ومحاصرتها، ومحاولة تخفيض أوراق القوة لديها مع الفيتو الأمريكي على الوقف الفوري لإطلاق النار، ودعم عملية رفح المقبلة.