تحرك أمريكي لاحتواء التصعيد.. ولبنان يدعو إلى تحقيق دولي
بيروت: «الخليج»- وكالات
29 يوليو 2024
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على قرية حدودية بجنوب لبنان مع تصاعد التوتر (أ ف ب)
دعا لبنان، أمس الأحد، إلى إجراء «تحقيق دولي» في القصف الذي قتل 12 فتى وفتاة ببلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، محذراً من أن أي هجوم كبير على لبنان قد يُشعل حرباً إقليمية، بينما بدأت واشنطن تحركات سياسية لاحتواء التصعيد، وذكرت صحيفة أمريكية أن مسؤولين أمريكيين تبادلوا رسائل مع إيران لتهدئة التوتر في المنطقة، وذلك بعدما فرضت واقعة مجدل شمس نفسها بنداً رئيسياً على جدول اهتمام المعنيين الذين تقاطعت تحليلاتهم عند كونه مقدمة لتصعيد نوعي في حدة المواجهة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، وبينما لجأت إسرائيل إلى التهديد والوعيد، حذرت مصر من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان.
ودعا وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب، أمس الأحد، إلى «إجراء تحقيق دولي أو عقد اجتماع للجنة الثلاثية عبر اليونيفيل لمعرفة حقيقة الأمر»، وفق ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية. وتضم اللجنة الثلاثية مسؤولين من الجيشين اللبناني والإسرائيلي، إلى جانب قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ودعا بو حبيب إلى «التطبيق الكامل والشامل للقرار 1701» الصادر عن مجلس الأمن الدولي من الجهتين. وأشار بو حبيب إلى أن أي «هجوم كبير من قبل إسرائيل على لبنان سيؤدي إلى تدهور الوضع في المنطقة واشتعال حرب إقليمية». واستبعد بو حبيب «فرضية أن يكون حزب الله قد نفذ الهجوم على قرية مجدل شمس»، مشيراً إلى أنه «منذ بدء النزاع في الجنوب، لم يستهدف (الحزب) مواقع مدنية بل عسكرية فقط».
وبدا لافتاً على هذا الصعيد ما أعلنه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي حذّر «مما تعمل عليه إسرائيل لإشعال الفتن وتفتيت المنطقة». وكان جنبلاط قد تلقى اتصالاً من الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين. كما أكد رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان «أن الجولان لن يقع في فخ المشروع الإسرائيلي الذي يدعي حماية الأقليات».
وعلى الرغم من نفي «حزب الله» علاقته بالحادث، فقد حمله الإسرائيليون المسؤولية عنها. واستدعى الموقف المتفجر استنكار الأمم المتحدة عبر منسقتها الخاصة في لبنان جينين هينيس- بلاسخارت، التي أصدرت بياناً مشتركاً مع القائد العام لقوات «اليونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو أعربا خلاله عن إدانة أي اعتداء على المدنيين، محذرين من خطورة الدفع بالمنطقة نحو كارثة لا يمكن تصورها.
يأتي ذلك وسط تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، واتساع رقعة المواجهة نحو الداخل اللبناني. وقد نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أمريكي قوله، إن «مسؤولين في «حزب الله» أبلغوا الأمم المتحدة أن الحادث في مجدل شمس كان نتيجة سقوط صاروخ إسرائيلي اعتراضي مضاد للصواريخ على ملعب لكرة القدم». لكن وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت حمل «حزب الله» مسؤولية عملية الإطلاق مشدداً على أنه سيدفع الثمن، في حين كشف رئيس الأركان الجنرال هيرتسي هاليفي أن الصاروخ من نوع «فلق» وأن زنة عبوته تبلغ ثلاثة وخمسين كيلوغراماً.
وبينما توالت ردود الفعل الدولية والعربية المنددة والمحذرة من اندلاع حرب إقليمية، دخلت إيران على خط الأزمة وحذرت إسرائيل على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني من أي «مجازفة» جديدة في لبنان، فيما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن مسؤولين عرب وأوروبيين، أن «مسؤولين أمريكيين تبادلوا رسائل مع إيران لتهدئة التوتر في المنطقة». كما نقلت الصحيفة عن هؤلاء المسؤولين، أن الأطراف غير مهتمة بتوسيع الصراع، لكن احتمالات حدوث خطأ مرتفعة، وأوضحوا أن «مسؤولين أمريكيين تواصلوا مع نظرائهم في إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر». كما حذرت مصر من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان، على خلفية الأحداث الأخيرة في مجدل شمس، بما قد يؤدي إلى انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة، ودعت إلى الوقوف إلى جانب لبنان والعمل على درء المخاطر التي تتهده.
من جهة أخرى، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الأحد، أن «كل المؤشرات» تدل على أن «حزب الله» أطلق الصاروخ على الجولان. وقال بلينكن: «لا نريد أيضاً أن نرى النزاع يتصاعد. لا نريد أن نرى توسعاً. لقد كان هذا أحد أهدافنا منذ اليوم الأول، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وسنواصل القيام بذلك». وأضاف: «لكن مرة أخرى، أفضل وسيلة للقيام بذلك بطريقة مستدامة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة الذي نعمل جاهدين على تحقيقه في كل دقيقة تقريباً».
في غضون ذلك، شيّع عشرات الآلاف ضحايا سقوط القذيفة في مجدل شمس، وسط حالة من الحزن والأسى. وطرد عدد من أهالي مجدل شمس وزراء في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء كنيست من البلدة حضروا أمس، ومن بين المطرودين: نير بركات، وعيديت سيلمان، و يوآف كيش. كما هاجم عدد من أهالي مجدل شمس وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، وصرخوا بوجهه «ارحل من هنا يا مجرم، لا نريدك في الجولان».
« الشرق الأوسط» ترجئ رحلات
كشف رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، أمس الأحد، سبب تأخير عودة الرحلات إلى مطار بيروت. وقال الحوت في بيان: «تأخير الرحلات التي تصل في الصباح الباكر إلى مطار بيروت، حتى اليوم الاثنين، سببه أننا لا نفضل وجود عدد كبير من الطائرات في المطار بالوقت نفسه».
وأضاف: «لا معلومات تفيد بضربة تستهدف المطار ولا خوف من ذلك». وأعلنت شركة طيران الشرق الأوسط في وقت سابق «تأجيل عودة بعض رحلاتها إلى بيروت من مساء أمس الأحد إلى صباح اليوم الاثنين وذلك وفق جدول معين».
جامعة حيفا توقف العمل في مكاتبها
أبلغت جامعة حيفا موظفيها، أمس الأحد، بتغييرات في عملهم خوفاً من تصعيد محتمل في القتال بين إسرائيل و«حزب الله» في أعقاب حادثة بلدة مجدل شمس.
وطالبت جامعة حيفا موظفيها الذين يعملون من الطابق الخامس فما فوق في برج «أشكول»، بالعمل من بيوتهم وعدم الحضور إلى الجامعة. كذلك أرجأت الجامعة مراسم توزيع شهادات كان من المقرر أن تقام أمس الأحد. وكتبت إدارة الجامعة إلى الموظفين بخصوص تأجيل مراسم توزيع شهادات، أنه «لأسفنا الشديد، هذه الأيام لا تسمح لنا الآن بتنظيم مراسم وأفراح». (وكالات)