رأي القدس
السبت , 14 ديسمبر , 2024
خرج الملايين في المدن والبلدات الرئيسية السورية احتفالا ببدء مرحلة جديدة من تاريخهم يمثّلها تحرير المعارضة البلاد من طغمة نظام بشار الأسد.
اتشحت سوريا، خلال هذه الاحتفالات، باللون الأخضر، الذي يميّز العلم الذي اعتمدته «الجمهورية السورية» التي نشأت مع استقلال البلاد عن فرنسا التي كانت تحتل البلاد، والذي اختاره المتظاهرون إثر الثورة على النظام قبل 14 عاما، ويزيح اللون الأحمر، الذي يميّز علم النظام، في خيار يقطع جذريا مع رموز الدولة والنظام السوريين السابقين، وفي إشارة تتضمن مساواة حكم الاستبداد الأسدي، الذي بدأ مع انقلاب حافظ الأسد، عام 1970، بحكم المحتلّ الأجنبيّ.
أشعرت الممارسات الوحشية للنظام، السوريين، بأنهم يتعاملون مع سلطات محتلّة، وازداد الأمر وضوحا بقرار نظام الأسد الاستعانة بقوات أجنبية من روسيا وإيران، وكذلك ميليشيات عسكرية غير نظامية من بلدان أخرى، لإعانته في قمع أبناء بلده الثائرين ضده، فكان طبيعيا أن يترابط، لدى السوريين، مطلبا النضال ضد الاستبداد والاحتلال معا، بحيث صار شعار «سوريا بدها حرية» (الذي تردّد في احتفالات أمس أيضا) يعني التحرّر من الطاغية المحلّي وحليفه المحتلّ الأجنبي سوية.
في هتافاتهم الأخرى، التي أطلقوها في احتفالاتهم أمس، استعاد السوريون أيضا المشاعر الوطنية الغامرة التي كانت سائدة أثناء نضال المكوّنات المختلفة، الإثنية والدينية، لسوريا، ضد المحتلين الفرنسيين منذ عشرينيات القرن الماضي.
في اجتماعهم في «ساحة الأمويين» أعاد المحتفلون وصل تاريخ استقلالهم الأول، بتاريخ الخلافة الأموية، التي حرص النظام البائد، ضمن خطط تأجيجه للعصبيات الطائفية، أن يقطع معها، فكان مجرّد وقوف مواطن لبضع دقائق في تلك الساحة سببا للاشتباه به والتحقيق معه.
استعاد محتفلو مدينة السويداء أيضا ذكر سلطان باشا الأطرش، قائد «الثورة السورية الكبرى» ضد الاحتلال الفرنسي، فأطلقوا اسمه على دوار شهير في المدينة، بدلا من اسم «دوار الباسل» والأخير كان الابن الأكبر لحافظ الأسد، والذي لم يُعرف له دور غير أنه كان يتم إعداده ليكون وريث أبيه، وكان مقتله في حادث سيارة، سببا لتسلّم البلاد إلى أخيه بشار!
وصل ثوار الشمال السوريون إلى دمشق، بعد فتحهم حلب وحماة وحمص، ليلتقوا بثوار القنيطرة والسويداء ودرعا وأرياف دمشق وأحيائها، ليستلموا بلدا حطّمها المستبدّ الداخلي/ المحتلّ الخارجي فجوّف جهاز الدولة محوّلا إياها إلى هيكل فارغ تتحكم فيه عصابات المخابرات والشبيحة والدول الأجنبية، ونهب اقتصادها ومالها، وحوّلها إلى مصنع ضخم للمخدرات، وأهان وأذلّ وقتل أهلها.
في أثناء ذلك، وخوفا من وقوعها في يد الثوار، قامت إسرائيل باستهداف البنى العسكرية السورية، لتذكر السوريين، مجددا، بالترابط العضويّ بين الاستبداد والاحتلال، وهو أمر، على أي حال، لا يمكن للسوريين، أبدا، أن ينسوه!