(مكتب الدراسات والتوثيق بهيئة التنسيق الوطنية)
كانت أولى المحاولات من أجل تأسيس قضاء جنائي دولي على المستوى الدولي ما ورد في معاهدة فرساي لعام 1919، وتم ذلك في نص المادة 227 من هذه المعاهدة ،التي أقرت مسؤولية إمبراطور ألمانيا “غليوم الثاني ” عن الجرائم التي ارتكبت في الحرب العالمية الأولى، ومع ذلك فقد فشلت هذه المحاولة لمحاكمة الإمبراطور، بسبب رفض هولندا تسليمه إلى الدول المتحالفة ،وبعد أحداث وويلات الحرب العالمية الثانية، والفظائع والانتهاكات الخطيرة، تم إنشاء محكمتي نورمبرغ وطوكيو ، لمحاكمة المتهمين بارتكاب تلك الجرائم والانتهاكات، وكانت هذه المحاكمات السابقة الأولى في هذا المجال،وبمرور الزمن واندلاع أحداث البلقان المروَعة(1991-1995)، ومجازر راوندا الفظيعة(1993-1994)، قام مجلس الأمن بمهمة الإدانة باستصدار القرارات وإنشاء محاكم خاصة ومؤقتة، استنادا” إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمحاكمة مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة{ البوسنة والهرسك} و{راوندا}، ولكن بكل ما قامت به هذه المحاكم من أدوار لمحاكمة مجرمي الحرب فإن مواقف كثيرة وانتقادات عدة قد وجِهت لها، مما أدى إلى التسريع والطلب لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة ،تتفادى كل مل أعترى هاتين المحكمتين من نواقص وعيوب وانتقادات، وقد تم ذلك في مؤتمر روما الدبلوماسي المنعقد في عام 1998 متوَجا” باعتماد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة ،وتكون مهمَة هذه المحكمة محاكمة الأفراد الذين ارتكبوا أكثر الجرائم وحشية وفظاعة، وتفادي ظاهرة الإفلات من العقاب وتكون حالة رادعة ، ويؤدي ذلك إلى احترام قواعد القانون الدولي.
إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة: انعقد مؤتمر روما في مقر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة عام 1998، وقد شاركت في المؤتمر وفود 160 دولة ومنظمة دولية بين الحكومات ، و238 منظمة غير حكومية، وانبثق عن المؤتمر مكتب المؤتمر الذي يرأسه الرئيس ونوابه واللجنة الجامعة، ولجنة الصيَاغة، وعند طرح المشروع على الوفود وجدت تعقيدات حول تعريف الجرائم واختصاص المحكمة ، ودور المدعي العام ومجلس الأمن مما أدى إلى إرساء حلول توفيقية، وفي الجلسة الأخيرة طلبت الولايات المتحدة الأمريكية إجراء التصويت على هذا المشروع ، فصوَت 120 وفدا”لصالح تبني النظام الأساسي للمحكمة ، في حين رفضت 7 وفود هذا المشروع، وإمتنع21 وفد عن التصويت، وبذلك تم اعتماد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة، الذي تضمن ديباجة مشكَلة من 12 فقرة تليها 128 مادة موزَعة على 13 بابا”،.
نفاذ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة :’فتح باب التوقيع على النظام الأساسي أمام جميع الدول في روما بمقر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة عام 1998، وبعد ذلك في مقر وزارة الخارجية الإيطالية من نفس العام، وبعد ذلك التاريخ بقي باب التوقيع مفتوحا”في نيويورك بمقر الأمم المتحدة، حتى 31 ديسمبر لعام 2000، وتودع صكوك التصديق أو القبول أو الموافقة أو الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة، كما يفتح باب الانضمام إلى النظام الأساسي امام جميع الدول، ويبدأ نفاذ النظام الأساسي بموجب المادة 128 منه من اليوم الأول من الشهر الذي يلي اليوم الستين من تاريخ إيداع الصك الستين للتصديق أو القبول أو الانضمام أو الموافقة لدى الأمين العام للأمم المتحدة ، وقد دخل نظام روما الأساسي حيز التنفيذ عام 2002 بموجب المادة 126 بعد انقضاء الستين يوما” على انضمام الدولة الستين إلى النظام الأساسي، وقد بلغ عدد الدول الأطراف في النظام الأساسي 124دولة حتى عام 2016ولاتزال الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية و” إسرائيل” من دون انضمام.
مقر المحكمة: يكون مقر المحكمة في لاهاي بهولندا أو في أي مكان آخر عندما ترى ذلك مناسبا”
أجهزة المحكمة الجنائية الدولية الدائمة: أولا” ـ هيئة الرئاسة: تعتبر أعلى هيئة قضائية في المحكمة، وتتكون من رئيس ونائبين له يتم انتخابهم جميعا “بالأغلبية المطلقة لقضاء المحكمة، ومدة ولاية أعضاء هيئة الرئاسة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وفقا” للفقرة الأولى من المادة 38 من النظام الأساسي ، وتتولى هيئة الرئاسة ممارسة المهام التالية :
1ـ الإدارة السليمة للمحكمة باستثناء مكتب المدعي العام، وعليها وهي تتطلع بمسؤوليتها التنسيق مع المدعي العام إلتماس موافقته بشأن جميع المسائل ذات الاهتمام المتبادل.
2ـ أ ي مهمة أخرى موكلة إليها بموجب النظام الأساسي.
ثانيا” ـ دوائر المتابعة: 1ـالدائرة التمهيدية: تتألف من عدد لا يقل عن ستة قضاة من ذوي الخبرة في المحاكمات الجنائية، يعملون في هذه الدائرة لمدة ثلاث سنوات، وتقوم الدائرة التمهيدية بالتأكيد على الإذن ببدء التحقيق أو برفضه، وتقرر ما إذا كانت القضية تندرج ضمن اختصاص المحكمة من دون الإخلال بقرارات المحكمة لاحقا”، فيما يتعلق بالاختصاص في قضية أو مقبوليته. ويجوز للدائرة التمهيدية إصدار أوامر بالقبض أو أوامر بالمثول امام المحكمة بناء على طلب المدعي العام واوامر ضمان حقوق الأطراف في إجراءات الدعوى، وعند الاقتضاء تقوم بتوفير الحماية للمجني عليه والشهود وحقوقهم، والمحافظة على الأدلة أو حماية المعتقلين أو الذين امتثلوا استجابة لأمر المثول، وتصون المعلومات المتعلقة بالأمن الوطني. وتعقد الدائرة التمهيدية جلسة بحضور المدعي العام والمتهم لإقرار التهم أو رفضها، وفي هذه الجلسة على المدعي العام أن يدعم التهم بأدلة مستنديه وأن يعرض موجز للأدلة كافة لإثبات وجود أساس جوهري للاعتقاد بأن المعني قد ارتكب الجريمة المنسوبة إليه، وللمتهم الحق بالاعتراض على التهم والطعن في الأدلة المعتمدة من طرف المدعي العام والحق في تقديم الأدلة.
2ـ الدائرة الابتدائية: تتألف من عدد لا يقل عن ستة قضاة، وتعد الدائرة الابتدائية الجهاز القضائي الذي يمارس إجراءات المحاكمة، وبحسب المادة 64 من النظام الأساسي لهذه المحكمة تقوم هذه الدائرة باعتماد جميع الإجراءات اللازمة لضمان سير المحاكمة على نحو سريع، وفي نهاية المطاف تقرر هذه الدائرة بترك المتهم أو إدانته، وبحسب المادة 68 من نظام المحكمة يمكن أن تجري المحاكمات في جلسات سرية مغلقة من اجل حماية المعلومات السرية وحماية الشهود.
3ـ دائرة الاستئناف: تتكون من الرئيس وأربعة قضاة، وتعد هذه الدائرة جهة طعن في العديد من القرارات التي تصدرها الدوائر الابتدائية والتمهيدية، لأي سبب كان يؤثِر على عدالة أو مصداقية الإجراءات والقرارات الصادرة عن المحكمة.
ثالثا”ـ مكتب المدعي العام: يتولى المدعي العام رئاسة المكتب، ويساعده نوابه، ويعمل المدعي العام ونوابه لمدة تسع سنوات ولا يجوز إعادة انتخابهم، وتعتبر اختصاصات المدعي العام مختلطة تجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق، ويتضح ذلك في تحريك المدعي العام للدعوى أمام المحكمة بناءا”على طلب إحدى الدول الأطراف أو من تلقاء نفسه، وسلطته في مباشرة التحقيق وجمع الأدلة.
علاقة المحكمة بالأمم المتحدة: جاء في نص المادة الثانية من النظام الأساسي للمحكمة أنه: “تنظَم العلاقة بين المحكمة والأمم المتحدة بموجب اتفاق تعتمده جمعية الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي ويبرمه بعد ذلك رئيس المحكمة نيابة عنها” أي أن كل منهما هيئة دولية تمثل المجتمع الدولي، فالمحكمة تحتاج إلى الأمم المتحدة في المجال الإداري والمالي والعدالة الجنائية تساهم في حفظ السلام العالمي.
الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة: جاء النص على الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة في الباب الثاني من نظام روما الأساسي، فتضمنت المادة الخامسة من نظام روما الأساسي تعدادا” حصريا” للجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، وتشتمل على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، والمتمثلة في أربع فئات من الجرائم وهي 1ـ جريمة الإبادة ـ2ـالجرائم ضد الإنسانية ـ 3ـ جرائم الحرب ـ4ـ جريمة العدوان.
أولا”ـ جريمة الإبادة: لقد عرَفت السادسة من نظام المحكمة جريمة الإبادة الجماعية بقولها:” لفرض هذا النظام الأساسي، تعني الإبادة الجماعية 1ـ أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكا “كليا” أو جزئيا” او قتل افراد أفراد ال جماعة2ـ إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة 3ـ إخضاع الجماعة عمدا” لأحوال معيشية يقصد منها إهلاكها كليا” أو جزئيا”4ـ فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة 5ـ نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.”
أركان جريمة الإبادة في ظل نظام المحكمة: 1ـ الركن المادي : ويتمثل في سلوك إيجابي أو سلبي ونتيجة إجرامية مترتب عليه وعلاقة سببية بين السلوك والنتيجة فجريمة الإبادة في نظام المحكمة حددتها المادة السادسة منه واعتبرت الأفعال التالية إحدى صور جريمة الإبادة وتتمثل في
أ ـ قتل أفراد الجماعة
ب ـ إلحاق الضرر الجسدي أو العقلي بأفراد الجماعة <أفعال تعذيب ـ اغتصاب ـ أو عنف جنسي ….الخ>
ج ـ إخضاع الجماعة لأحوال معيشية بقصد الإهلاك الفعلي كليا” أو جزئيا”
د ـ فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة
هـ – نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
2 ـ الركن المعنوي في جريمة الإبادة : يعتبر الركن المعنوي ركنا” أساسيا” لقيام وثبوت جريمة الإبادة الجماعية ، حيث يشترط أن يتوفر لدى أي مرتكب أي صورة من صور جريمة الإبادة النية أو القصد لإبادة جماعة كليا” أو جزئيا”، وهذا ما جاءت به المادة السادسة من النظام الأساسي عند تعريفها لجريمة الإبادة ، فقد اشترطت هذه المادة أن ينوي مرتكب الجريمة إهلاك تلك الجماعة القومية أ, الأثنية أو العرقية أو الدينية كليا” أو جزئيا”بصفتها تلك ، وبالتالي لابد من وجود قصد خاص لدى الجاني وهو قصد الإبادة ،ولا يشترط الإبادة الكاملة للجماعة بل يكفي أن يؤدي ارتكاب أي من الأفعال السابقة ضد شخص وأكثر من المنتمين إلى جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، طالما أن هذا الفعل قد جاء في سياق أفعال مماثلة وواضحة ضد أفراد هذه الجماعة بقصد إهلاكها كليا” أو جزئيا”.
3 ـ الركن الدولي لجريمة الإبادة الجماعية: معنى الركن الدولي بأن تقع الحرب بتخطيط من دولة محاربة وتنفيذ مواطنيها، ضد رعايا دول الأعداء في سياق نزاع دولي مسلح، وتكون هذه الجرائم مرتبطة ارتباطا” وثيقا” بهذا النزاع، ولكن الجرائم تصبح دولية رغم وقوعها في إطار نزاع داخلي مسلح غير دولي، في الحالات التي تتم فيها انتهاكات جسيمة للمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.
ثانيا”ـ جرائم الحرب: جاء في نص المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة في فقرتها الأولى على اختصاص المحكمة بنظر جرائم الحرب ولاسيما عندما ترتكب هذه الجرائم في إطار خطة سياسية عامة، أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم، وحددت الفقرة الثانية من هذه المادة صور جرائم الحرب الخاضعة لاختصاص المحكمة، وذلك في أربع حالات: أ ـ الجرائم الناتجة عن الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وهي : 1ـ القتل العمد ـ 2 ـ التعذيب والمعاملة اللاإنسانية ـ 3ـ تعمد إحداث معاناة شديدين أو إلحاق اذى خطير بالجسم أو الصحة ـ4ـ إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك ـ5ـ إرغام أسير الحرب أو شخص آخر مشمول بالحماية بالخدمة في صفوف قوات دولية معادية ـ6ـ تعمد حرمان أي اسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة نظاميةـ 7ـ الإبعاد أو النقل غير الشرعي او الحبس غير المشروع 8ـ أخذ الرهائن.
ب ـ الجرائم الناتجة عن الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السا رية على المنازعات المسلحة الدولية:1ـ تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون في الأعمال الحربية. 2ـ تعمد توجيه هجمات مواقع مد نية، أي المواقع التي لا تشكل أهداف عسكرية. 3ـ تعمد شن هجمات ضد موظفين أو منشآت او مواد، ومركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدات الإنسانية، أو حفظ السلام عملا” بميثاق الأمم المتحدة.
4 ـ مهاجمة أو قصف المدن والقرى أو المساكن أو المباني التي لا تكون أهداف عسكرية باي وسيلة كانت.
5 ـ قتل أو جرح مقاتل استسلم مختارا”، يكون قد ألقى سلاحه، أولم تعد لديه وسيلة دفاع.
6 ـ قيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة، أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.
7 ـ تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو الخيرية أو الآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة الا تكون أهداف عسكرية.
8 ـ تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها، مالم يكن هذا التدمير تحتمه ضرورة حربية.
9 ـ نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تم الاستيلاء عليه عنوة.
10 ـ إجبار رعايا الطرف المعادي على الاشتراك في عمليات حربية ضد بلدهم.
11 ـ استخدام السموم والأسلحة المسممة.
12 ـ استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو المواد الأخرى.
13 ـ الاعتداء على كرامة الشخص وبخاصة المعاملة المهينة للكرامة.
14 ـ الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري أو التعقيم القسري.
15 ـاستخدام الأشخاص المدنيين كدروع .
16 ـ تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقا” لقواعد القانون الدولي.
17ـ تعمد تجويع المدنيين، كأسلوب من أساليب الحرب، لحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف.
18 ـ استخدام الأطفال دون الخامسة عشر إلزاميا” أو طوعيا “في القوات المسلحة الوطنية واستخدامهم فعليا” في الأعمال الحربية.
19ـ استخدام اسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية، تسبب بطبيعتها أضرارا” زائدة او آلاما” لا لزوم لها أو ان تكون عشوائية، على ان تكون موضع حظر شامل.
ج ـ الجرائم المتمثلة في الانتهاكات الجسيمة للمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف ل عام1949.
ثالثا”ـ الجرائم ضد الإنسانية: نصت المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة على الأفعال التي تعتبر جرائم ضد الإنسانية وهي:
1ـ القتل العمد ـ أي قيام مرتكب الجريمة بقتل شخص أو أكثر كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين ،وأن يكون الجاني على علم بطبيعة سلوكه هذا أو كان لديه النية أن يكون لديه هذه الصفة.
2ـ الإبادة : لا يشترط أن يرتكب هذه الجريمة في هذه الحالة ضد جماعة قومية أو دينية أو إثنية أو عرقية معينة ، في حين يعد ذلك ضروريا” لقيام جريمة الإبادة الجماعية طبقا” للمادة السادسة من نظام المحكمة.
3ـ الاسترقاق
4ـ السجن والحرمان الشديد
5ـ التعذيب
6ـ الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي
7ـ الاختفاء القسري للأشخاص
8 ـ اضطهاد أي جماعة محددة لأسباب سياسية أو عرقية أورومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية
9ـ الفصل العنصري
10 ـ الأفعال اللاإنسانية المسببة للأذى البدني أو العقلي الجسيم.
الركن المعنوي للجرائم ضد الإنسانية: يلزم لقيام هذه الجرائم السابقة ودخولها في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة أن يتوفر الركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي العام، الذي ينطوي على العلم والإرادة بأن سلوكه قد أتاه كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي، وتقوم يه الدولة أو منظمة ضد مجموعة من السكان المدنيين، أو كان لديه النية وقت اتيانه هذا السلوك أن تكون له هذه الصفة.
الركن الدولي للجرائم ضد الإنسانية: هذه الجرائم تعد جرائم دولية حتى لو لم تقع بناء على خطة مرسومة من جانب دولة ضد جماعة من السكان ذات عقيدة معينة تتمتع بذات جنسية هذه الدولة.
رابعا”ـ جريمة العدوان: عمدت الولايات المتحدة خلافا” لمعظم الدول في العالم إلى استبعاد وضع تعريف واضح لجريمة العدوان، لإبقاء جريمة العدوان خارج اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، حيث تم وضع مجموعة من الأسس والثوابت التي تقرر حتى في وجود هذا التعريف ، ان يبقى صلاحية تحديد وقوع العدوان وتحديد الطرف المعتدي من صلاحيات مجلس الأمن عملا” بالمادة 39 من الميثاق، والاَ تنظر المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في جريمة العدوان الاَ بعد أن يعتمد مجلس الأمن قرارا” يؤكد فيه اقتراف هذه الجريمة ويحدد مقترفيها.
ممارسة المحكمة لاختصاصها: أولا” ـ الإحالة من الدول الأطراف: يجوز لكل دولة من الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة ان يحيل إلى المدعي العام للمحكمة أية قضية متعلقة بجريمة او أكثر من الجرائم الداخلة باختصاصها، وأن تطلب الدولة من المدعي العام القيام بإجراءات التحقيق في هذه الحالة بهدف التوصل إلى ما إذا كان يتعين توجيه الاتهام إلى شخص أو أكثر بارتكاب هذه الجريمة، ويمكن لدولة غير طرف في النظام الأساسي أن تقبل اختصاص المحكمة بخصوص إحدى الجرائم التي وقعت في إقليمها، أو كانت الدولة غير الطرف هي دولة جنسية الشخص المتهم باقتراف هذه الجريمة، وذلك بإعلان قبولها ممارسة هذه المحكمة لاختصاصها بخصوص تلك الجريمة، وان تتعاون مع المحكمة دون تأخير وفقا” للفقرة الثالثة من المادة 12 من نظام روما الأساسي.
ثانيا”ـ الإحالة من قبل مجلس الأمن: يستطيع مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أن يحيل إلى المدعي العام دعوى يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت طبقا”للفقرة ب من المادة 13 من نظام روما الأساسي، على أن الجريمة لابد أن تكون واحدة من الجرائم المشار إليها في المادة الخامسة من نظام روما.
ثالثا”ـ الإحالة من قبل المدعي العام: يستطيع المدعي العام بمباشرة التحقيق من تلقاء نفسه على أساس المعلومات التي يتلقاها من كل نوع ومن كل مصدر، بما في ذلك الدول وأجهزة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وحتى الأفراد، وفقا” للفقرة الثا نية من المادة 15 من نظام المحكمة، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد عارضت هذا النص ، وعبرت عن خشيتها من إساءة المدعي العام لسلطته في التصدي بداءة لتحريك الدعوى ، وقد تم وضع بعض القيود على ممارسة المدعي العام بخصوص ذلك أ ـ إذا خلص المدعي العام إلى أن هناك من الأسباب ما يدعوه إلى البدء بالتحقيق وجب عليه الرجوع إلى ا لدائرة التمهيدية طالبا”الإذن بالتحقيق، ولهذه الدائرة أن تمنح الإذن أو ترفضه. ب ـ في حالة الإذن بالتحقيق وإجرائه بمعرفة المدعي العام، فإن قرار الاتهام يجب دوما “أن يصدر من الدائرة التمهيدية.
الاختصاص الزماني للمحكمة: لا تطبق نصوص النظام الأساسي إلاَ على الأفعال التي تقع بعد تاريخ نفاذه، أما إذا أصبحت دولة من الدول طرفا”في هذا النظام بعد سريان نفاذه، فإنه لا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها بالنسبة للجرائم التي ترتكب على إقليم هذه الدولة إلا بعد سريان هذا النظام على تلك الدولة <ال مادة24> من نظام المحكمة.
الاختصاص المكاني للمحكمة: لا تختص هذه المحكمة بنظر الجريمة الواقعة في إقليم دولة ليست طرفا” في المعاهدة إلاَ إذا قبلت الدولة باختصاص تلك المحكمة بتلك الجريمة.
المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء: جاءت المادة 28 من النظام الأساسي بمبدأ يقضي بمسائلة القائد العسكري أو الشخص تحت سيطرته على هذه الجرائم، إذا كانت هذه الجرائم مرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين في حالتين: أـ إذا ثبت أن القائد العسكري أو الشخص القائم مقامه، قد كان يعلم أو يفترض أنه كان يعلم بسبب الظروف الموجودة في ذلك الوقت أن القوات الخاضعة لإمرته أو سيطرته ترتكب او كانت على وشك ارتكاب أي من الجرائم التي تختص بها المحكمة.
ب ـ إذا ثبت أن القائد العسكري أو القائم مقامه ، لم يتخذ جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته، لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم، او لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة، ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، واعتبرت الفقرة ب من المادة 28 من النظام الأساسي ، ان الرئيس مسؤول عن الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة، والمرتكبة من قبل مرؤوسين ، يخضعون لسلطته الفعلية، وذلك في حالة ما إذا كانت هذه الجرائم قد ارتكبت بسبب عدم ممارسة سيطرته على هؤلاء المرؤوسين، ممارسة سليمة وذلك في الحالات التالية:
1 ـ في حالة علم الرئيس أو تجاهله متعمدا”أية معلومات، تبين بوضوح أن الأشخاص الخاضعين لسلطته وسيطرته الفعليتين ، يرتكبوا أو على وشك أن يرتكبوا هذه الجرائم.
2ـ حالة ما إذا كانت هذه الجرائم متعلقة بأنشطة، تدخل في إطار المسؤولية والسيطرة الفعليتين للرئيس.
3 ـحالة ما إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة، في حدود سلطته لمنع أو لقمع ارتكاب هذه الجرائم، أو لعرض المسألة على السلطات المختصة، للتحقيق والمقاضاة.
أسباب امتناع المسؤولية الجنائية: نصت المادة 33 في فقرتها الأولى من نظام المحكمة ” ان القاعدة هي عدم إعفاء الشخص من المسؤولية الجنائية في حال ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص هذه المحكمة، بناء على أوامر من الحكومة أو من رئيسه العسكري او المدني، الاَ أن هناك استثناءات أوردتها هذه الفقرة وهي:
1 ـ متى كان المرؤوس ملزما” بإطاعة أوامر الحكومة أو الرئيس المعني ويعاقب إذا امتنع عن ذلك.
2 ـإذا كان الشخص الجاني لا يعلم أن الأمر غير مشروع، لأنه لو كان يعلم بعدم مشروعية الأمر، ومع ذلك أقدم على تنفيذه، فإنه يسأل في هذه الحالة.
3 ـ لا يسأل الشخص جنائيا”، متى كانت عدم مشروعية الأمر غير ظاهرة، أي أن الجاني لا يدرك أن الفعل غير مشروع. أما الفقرة الثانية من المادة 33 من نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، افترضت ان حالة عدم المشروعية مؤكدة ما إذا كان مضمون أمر الرئيس هو تنفيذ جرائم إبادة أو جرائم ضد الإنسانية.
العقوبات التي تقضي بها المحكمة: قررت المادة 77 من نظام المحكمة الأساسي انه يجوز للمحكمة توقيع الجزاء على الشخص المدان بارتكاب جريمة منصوص عليها في المادة الخامسة، وذلك بإحدى العقوبات التالية :
1ـ السجن لمدة أقصاها 30 سنة.
2 ـ السجن المؤبد في حالة الجريمة الجسيمة.
أما عقوبة الإعدام فلم يدرج نظام المحكمة هذه العقوبة بسبب معارضة الدول والاتحاد الأوروبي والمنظمات غير الحكومية وجمعيات حقوق الإنسان.
مبدأ عدم تقادم الجرائم الدولية: تأكدت هذه القاعدة باعتماد اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم2391/دـ23/ في 26 نوفمبر 1968، بغاية عدم الإفلات من العقاب.
أهم القضايا اتي حققت وحاكمت فيها المحكمة :
1ـ دارفور السودان بموجب إحالة مجلس الأمن في قراره رقم 1593المؤرخ في 31/3/2005، إلى المدعي العام للمحكمة.
2 ـ حالة جمهورية الكونغو الديمقراطية لعا م 2004 إلى المحكمة الجنائية الدولية، وطلبها من المدعي العام رسميا” البدء في التحقيق بخصوص الجرائم التي تكون قد ارتكبت على أرض جمهورية الكونغو.
3 ـ حالة اوغندا: بتاريخ 29 /7/2004.
4 ـ حالة افريقيا الوسطى لعام 2004.