تحرير: محمود مجادلة
عرب ٤٨/ أ ف ب
01/02/2025
أعلنت تسع دول عن تأسيس “مجموعة لاهاي”، مبادرة تهدف إلى حماية المؤسسات القضائية الدولية في مواجهة الضغوط المتزايدة. وشددت المجموعة على حق الشعوب في تقرير المصير، مؤكدة دعمها للعدل والجنائية الدوليتين، التي تواجه تحديات بسبب قضايا تتعلق بجرائم حرب إسرائيلية.
ممثلو “مجموعة لاهاي” (Getty Images)
اجتمع ممثلون عن تسع دول، أمس الجمعة، للإعلان عن تأسيس “مجموعة لاهاي”، وهي مبادرة تهدف إلى إعادة التأكيد على مبادئ العدالة الدولية، في ظل التحديات والضغوط المتزايدة التي تواجه سلطة المحاكم الدولية في إطار المساعي لمحسابة إسرائيل على جرائم الحرب التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
وفي بيان مشترك، قالت كل من بليز وبوليفيا وكولومبيا وكوبا وهندوراس وماليزيا وناميبيا والسنغال وجنوب إفريقيا إنها “تسترشد بأهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه”، مشددة على أن حق الشعوب في تقرير المصير لا يمكن التنازل عنه.
وقال نائب وزير العلاقات الدولية في جنوب إفريقيا، ألفين بوتس، خلال مؤتمر صحافي في لاهاي: “لقد اجتمعت هذه المجموعة من البلدان النامية للاتفاق على برنامج تحرك هدفه الدفاع عن مؤسسات الحكم العالمي، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية”.
وأضاف بوتس أن المحاكم الدولية التي تتخذ لاهاي مقرا، تتعرض لهجمات “لأن هذه المؤسسات تجرأت على محاسبة إسرائيل”. علما بأن محكمة العدل الدولية وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، ولا المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتعا بسلطة إنفاذ قرارات المحاكم.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2023، رفعت جنوب إفريقيا قضية أمام محكمة العدل الدولية، ضد جرائم الحرب الإسرائيلية في إطار حربها على قطاع غزة، موضحة أنها تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن الإبادة الجماعية.
كما حضت مجموعة لاهاي الدول الأطراف على “الامتثال لالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي” في ما يتعلق بمذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في تشرين الثاني/ نوفمبر بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نددت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية بهجمات على المحكمة، مشيرة إلى “تهديدات وضغوط وأعمال تخريب” بعد مذكرات الاعتقال التي أصدرتها في ما خص الحربين في غزة وأوكرانيا.
وفي بيانهم، أوضح ممثلو الدول المؤسسة، التي توصف بأنها من دول الجنوب العالمي، أن عمل المجموعة “سيستند إلى المبادئ والأهداف الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، ومسؤولية الدول في حماية الحقوق غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حق الشعوب في تقرير المصير”.
وأعربوا عن “حزنهم العميق لفقدان الأرواح وسبل العيش والمجتمعات والتراث الثقافي، نتيجة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وشددوا على رفضهم “الوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذه الجرائم الدولية”، مجددين التزامهم “بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعم تحقيق حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة”.
وشدد ممثلو الدول المؤسسة على مجموعة التزامات أبرزها منع نقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل في الحالات التي يثبت فيها وجود خطر بأن تُستخدم هذه الأسلحة في انتهاك القانون الدولي الإنساني أو حقوق الإنسان، أو في ارتكاب جرائم إبادة جماعية.
كما تعهدوا بـ”منع رسو السفن المحملة بالوقود أو المعدات العسكرية في موانئهم إذا كان هناك خطر واضح بأن تُستخدم هذه الشحنات لدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
ولفتوا إلى التزامهم، كذلك، بـ”منع رسو السفن التي تحمل وقودا أو معدات عسكرية في موانئها، إذا كان هناك خطر واضح بأن تُستخدم هذه الشحنات لدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تنتهك القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان”.
وشددوا على امتثال دولهم لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المعنون رقم “A/RES/ES-10/24” الصادر بتاريخ 18 أيلول/ سبتمبر 2024، والذي أقر بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، وطالب إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية خلال مدة أقصاها 12 شهرا.
وأكدوا دعمهم لطلبات المحكمة الجنائية الدولية وتنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في نظام روما الأساسي، لا سيما فيما يتعلق بمذكرات الاعتقال الصادرة في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، بالإضافة إلى التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية خلال العام نفسه.
كما أكد ممثلو الدول أنهم سيواصلون “اتخاذ تدابير فعّالة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة”. ودعوا “جميع الدول إلى اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعم جهود إحلال السلام والعدالة”.
كما حثوا في ختام بيانهم المجتمع الدولي على “الانضمام إلى مجموعة لاهاي والالتزام بمبادئ النظام الدولي القائم على سيادة القانون، باعتباره أساسا للتعايش السلمي والتعاون بين الدول”.
ووفق مراقبين، تعد مبادرة تأسيس هذه المجموعة “استثنائية وغير مسبوقة”، إذ يتشكل تحالف دولي للمرة الأولى، ويعلن بشكل واضح أن سيعمل لمحاسبة إسرائيل على الجرائم التي ترتكبها.