الدكتور يحيى أبو زكريا
المصدر: موقع إضاءات الإخباري
14 تشرين الثاني 2023
أكد الكاتب والباحث والإعلامي د. يحيى أبو زكريا، أن أمريكا جيّرت القانون الدولي لحماية الكيان الصهيوني، وأمدّته بكل الأضواء الخضراء لممارسة الإبادات المتتالية ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، لافتاً إلى أن تصريحات الوزير “إلياهو” هي انعكاس لعقيدة الكراهية ضد أبناء الشعب الفلسطيني المسلم.
وكالة مهر للأنباء _ وردة سعد: لم يبقى صاحب فطرة سليمة في أنحاء العالم، إلا وبات يعرف اليوم أن الكيان الصهيوني هو منبع الشرور وأصل العنصرية والكره والحقد للإنسانية.
والشواهد على ما أسلفناه كثيرة، ابتداءاً من مجازر الإبادة الجماعية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية عند احتلالها فلسطين عام 1948، وصولاً إلى الجرائم الحالية التي ترتكبها آلة الإجرام الصهيونية، ولعل قصف المشافي ودور العِبادة وغيرها من الأماكن؛ التي من المفترض أن تبقى آمنة، شاهداً إضافياً على طبيعة هذا الكيان الزائل.
وتوّج وزير ما يسمى “بالتراث” هذا التاريخ الحافل من الإجرام، بتصريحٍ كشف الستار عن طبيعة هذا الكيان، وذلك عندما دعى لاستخدام قنبلة نووية ضد اهالي غزة، مبرزاً للعالم أجمع ماهية هذا “التراث” الذي تمتّع ويتمتع به هذا الكيان الزائل.
وفي هذا الصدد صرح الكاتب والباحث والإعلامي د. يحيى أبو زكريا، بأن الوزير الصهيوني عندما هدد بالقنبلة النووية هو كان يعكس و يترجم عقيدة الكراهية و الاستئصال والإلغاء التي يكنّها اليهود للفلسطينيين المسلمين، مضيفاً: “يقينا إذا تعرضت إسرائيل لخطر وجودي فسوف تستعمل كل قنابلها النووية”.
وأكد الدكتور يحيى أبو زكريا أن تهديد ألياهو باستخدام القنبلة النووية يعكس حجم الانكسار الذي ألم بالجيش الصهيوني الذي هو العمود الفقري للدولة الصهيونية المعتدية.
لكل هذا وأكثر، وللغوص في خلفيات تصريح الوزير الصهيوني وانعكاساته عربياً وعالمياً، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة “وردة سعد” حواراً مع الكاتب والباحث والإعلامي الجزائري الشهير د. يحيى أبو زكريا، وجاء نص الحوار على الشكل التالي:
في الخطاب الاخير ركز سماحتة السيد حسن نصر الله على ان الكلمة للميدان، وعلى وجود تطور تصاعدي لأعمال المقاومة على الجبهة الشمالية حيث قال سماحته: “بين الجمعة والسبت الماضيين حصل ارتقاء بعمل المقاومة من مستوى حجم العمليات ونوعية السلاح ولأول مرة في تاريخ المقاومة في لبنان نستخدم الطائرات المسيرة الهجومية الانقضضاية وعلى مستوى نوع الصواريخ التي دخلت للمرة الأولى في المعركة” كيف تقرأون خطاب سماحته انطلاقا من هذه العناوين وعناوين اخرى متنوعة ؟
المقاومة الإسلامية في لبنان تملك تجرية طويلة في صراعها مع الكيان الصهيوني، وبحكم التاريخ المقاوم و طبيعة التفكير الإستراتيجي لسماحة السيد حسن نصر الله، تدرك أن الصراع مع الكيان الصهيوني صراع حضاري و طويل، لأنه بالتتابع هو صراع مع أمريكا والكتلة الغربية، و في نظر المقاومة الإسلامية فإن استنزاف الجيش الصهيوني سيحقق مجموعة من الأهداف أشار إليها سماحة السيد حسن في خطابه .
أما الخطاب فكان عاقلا متوازنا وراسما لمعالم المرحلة المقبلة في الجبهة الفلسطينية و الجبهة اللبنانية و الجبهات الأخرى، و لا شك أن عملية طوفان الأقصى الخالدة قد قربت بين ساحات المقاومة و رفعت من منسوب التلاقي و التشاور و التنسيق الاستراتيجي و التكتيكي … ويندرج في هذا السياق التصعيد في جنوب لبنان و استخدام الطائرات المسيرة، و هي رسائل يفهمها الكيان الصهيوني جيدا , الذي لن يتمكن من فتح كل الجبهات عليه , نعم هو في خطابه الإعلامي يتحدث بنبرة عسكرية مرتفعة , لكن واقعيا يبعث إلى لبنان من خلال الأمريكي أنه لا يريد التصعيد مع لبنان , و هدف المقاومة هو تخفيف الضغط على المقاومين الشرفاء في فلسطين …”.
ما بين بيان القمة العربية الإسلامية وخطاب سماحة السيد حسن نصر الله غزة الى اين؟ وهل كان بيان القمة على وزن الجرائم والمجازر التي يرتكبها العدو في غزة؟
الشارع العربي والإسلامي منذ عقود لا يعوّل على صنّاع القرار، فالأنظمة في واد والشعوب العربية في واد آخر، والنظام الرسمي العربي هو إفراز لسايكس بيكو، ومعظم النظم تحظى بالحماية الأمريكية و “الإسرائيلية” خصوصا بعد التطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل.
وفلسطين لا تعوّل نهائيا على أي قمة عربية، وكل القمم كانت فاشلة وأحيانا كانت تنعقد بإذن الولايات المتحدة الأمريكية، وقمة الرياض الأخيرة شكلت ذروة الفشل حيث انتهت ببيان خجول ودعوة المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة “إسرائيل”، حتى لو أراد العرب محاسبتها فعليا، لألغوا التطبيع وطردوا السفراء الصهاينة من بعض العواصم العربية.
والواقع أن الشارع العربي والإسلامي يعتبر أي قمة عربية وإسلامية في هذا الظرف بمثابة المسرحية أو العمل الكوميدي الذي يدعو إلى الضحك في زمن الأحزان، و زمن إبادة غزة ..”.
ظهر قبل ايام مايسمى بوزير التراث في كيان الاحتلال، عميحاي إلياهو، بتهديد مباشر للفلسطينيين بإبادتهم بالسلاح النووي.. نتوقف بداية عند رد الفعل الغربي على هذه الفضيحة والجريمة الانسانية.. فلماذا لم نسمع برد فعل جدي من قبل المسؤولين الغربيين الذين لطالما اعتبروا ذلك خطا احمر لا يقبلون بتجاوزه؟ بينما اتفقوا شرقهم وغربهم على محاصرة ايران بتهمة امتلاك برنامج نووي سلمي ؟
مبدئيا يجب الإشارة إلى أن الغرب الاستعماري وضع قاعدة منذ عشرات السنين مفادها نحن الغربيون منتجون و أنتم المسلمون مستهلكون، فيجب أن تدفعوا لنا أموالكم و نفطكم لنبيعكم نتاج حضارتنا … وأي دولة عربية و إسلامية تفكر في الاستقلال السياسي و الاقتصادي مآلها الحصار و التضييق و حتى التدمير، حدث ذلك في سوريا، و حاصروا إيران منذ انطلاقة ثورتها الإسلامية المباركة بقيادة الإمام الخميني رحمه الله، هذه الشخصية التي شخصت الحالة الإسلامية العالمية من البداية وقرر أن يبني دولة علم و حضارة و التي جوبهت بمئات المؤامرات و التحديات …
كل التقارير العلمية الغربية تؤكد امتلاك إسرائيل لأزيد من مائتين قنبلة نووية، و تذهب بعض التقارير إلى طرح رقم 500 قنبلة نووية إسرائيل، و الغرب صامت بحكم التواطؤ و التحالف المتجذر بين المركزية الغربية و الصهيونية، و الغرب يعتبر الكيان الصهيوني مدماك وجوده في العالم الإسلامي، و لهذا يوفر الحماية القانونية و السياسية المالية و الديبلوماسية والإعلامية للكيان العبري، بل إن الغرب و على رأسه أمريكا جيرت القانون الدولي لحماية الكيان الصهيوني و أمدت هذا الكيان بكل الأضواء الخضراء لممارسة الإبادات المتتالية ضد الشعب الفلسطيني المظلوم.
هل ترى ان الوزير الصهيوني المتطرف اخطأ في اطلاق هذا التهديد الذي فضح سياسة اسرائيلية عمرها عقود سميت بالغموض النووي؟ هل هي زلة لسان سارع رئيس الحكومة لاستنكارها؟ ام هو تهديد مقصود للرد على القلق من زوال “إسرائيل”.. والخطر الوجودي الذي يتهدد الكيان والذي تفاقم بعد عملية 7 اكتوبر الفلسطينية في غلاف غزة ؟
إسرائيل تفعّل مشروعها النووي منذ أن امتلكت أمريكا سر المعادلة النووية على يد “أوبنهايمر ” بل إن الأمريكيين ساهموا في تطوير المشروع النووي الصهيوني، و قد كشف الإسرائيلي مردخاي فعنونو عن تفاصيل المشروع النووي الصهيوني وسرّب ذلك للإعلام الغربي و خطفه الموساد من أوروبا و جرى سجنه في السجون الإسرائيلية، والوزير الصهيوني عندما هدد بالقنبلة النووية هو كان يعكس و يترجم عقيدة الكراهية و الاستئصال والإلغاء التي يكنها اليهود للفلسطينيين المسلمين، ويقينا إذا تعرضت إسرائيل لخطر وجودي فسوف تستعمل كل قنابلها النووية.
بالإضافة إلى ذلك فإن تهديد ألياهو باستخدام القنبلة النووية يعكس حجم الانكسار الذي ألم بالجيش الصهيوني الذي هو العمود الفقري للدولة الصهيونية المعتدية، وقد كان لطوفان الأقصى تأثير الزلزال على كل المؤسسات الأمنية الصهيونية التي بنت لنفسها صيتا أنها الأذكى و الأخطر و ذات المعلومات الكثيرة …”.
اتهام إيران بالسعي لانتاج قنبلة نووية، كان العمود الفقري لسياسة عنصرية تبنتها دول عربية خليجية خصوصا، واشعلت على اساسها نار فتنة مذهبية كادت تغرق المنطقة في بحر من الدم والظلامية والجهل.. فلماذا لم نر ولم نسمع عن قلق عربي من تصريحات الوزير الصهيوني ؟ الا تشكل القنبلة النووية “الاسرائيلية ” تهديدا لجميع دول وشعوب المنطقة ؟
النظم العربية الموالية لأمريكا والتي تحظى بحماية القواعد الأمريكية و وكالة الاستخبارات الأمريكية و الموساد أيضا، هي دول تعمل في سياق الأجندات الأمريكية و الإسرائيلة، و هذه الأجندات تنتعش بنشر الطائفية و المذهبية المقيتة و شيطنة إيران و المقاومات في المنطقة، و شيطنة الفكر المقاوم و كل ما يسهّل زوال” إسرائيل”.
و قد كلفت هذه الدول بتوجيه كل السهام لإيران الإسلام فأول كتاب روجت له دولة خليجية هو كتاب و جاء دور المجوس ! و الذي ألفه باكستاني سلفي تزامنا مع انتصار الثورة الإسلامية المباركة و التي أعلنت و على لسان مؤسسها أن فلسطين قضيتنا و جرى طرد السفير الصهيوني من طهران و أصبحت سفارة الكيان العدو سفارة لفلسطين، و النظام الرسمي العربي المتأمرك يتكامل في الدور مع إسرائيل، لأن أمريكا تريد منه دعم إسرائيل، و لذلك لا يهمه إنصاف إيران و لو بإبداء تصريحات مناوئة للجبروت و الطغيان الصهيوني.
بعض المعلقين والمراقبين يرون ان الاعلان عن وجود قنبلة نووية في الكيان الصهيوني هو اخطر ما يهدد العالم العربي والاسلامي على وجه الخصوص، نظرا الى الممارسات الوحشية وحرب الابادة التي يشنها قادة هذا الكيان دون اي رادع او وازع!! الا يفترض ان يكون ذلك منطلقا لحملة جديدة لمحاصرة هذا النظام والدعوة لفرض قيود على ترسانته النووية؟ ومن هي الجهات المعنية بذلك برأيكم ..؟
الغربيون يعرفون جيدا أن الدولة العبرية تشكل خطرا ليس على الأمن العربي و الإسلامي بل هي خطيرة على الأمن العالمي، وفي الاستطلاع الأوروبي الموسع الذي أجرته المفوضية الأوربية لما كان يترأسها رومانو برودي، و كان موضوع الاستطلاع من هي الدولة الأخطر على السلام العالمي ؟ 90 بالمائة من الأوروبيين قالوا هي إسرائيل، وعندها بادر مدير الوكالة اليهودية العالمية إلى زيارة رومانو برودي و طالبه بعدم نشر نتائح الاستطلاع، و عندها لجأ الصهاينة إلى افتعال أزمة الرسوم المسيئة لرسول الله –ص- في الدانمارك لتقديم المسلمين كأعداء الحرية، و ردا على تداعيات قتل الأطفال في غزة بالقنابل المحرمة دوليا تحركت الشعوب الغربية وشعوب العالم للتنديد بالعنجهية الصهيونية، ونحتاج إلى نضال عالمي فكري و إعلامي و سياسي لتعرية الكيان الصهيوني وجعله كيانا معاديا لمصير البشرية وسلامها.