شاحنات تحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين تنتظر على الطريق الصحراوي (القاهرة – الإسماعيلية) في طريقها إلى معبر رفح الحدودي لدخول غزة في القاهرة يوم 12 نوفمبر تشرين الثاني 2023. تصوير: هدير محمود – رويترز. © Thomson Reuters
من نضال المغربي وهنريت شقر
السبت 18 / 11 / 2023
غزة/القدس (رويترز) – وافقت إسرائيل يوم الجمعة على السماح بدخول شاحنات وقود إلى غزة ووعدت بأن “لا قيود” على المساعدات التي طلبتها الأمم المتحدة، في استسلام فيما يبدو للضغوط الدولية بعد تحذيرات من أن حصارها للقطاع سيتسبب في مجاعة ومرض.
وقالت إسرائيل إنها وافقت على السماح بدخول شاحنتين من الوقود يوميا بناء على طلب واشنطن لمساعدة الأمم المتحدة في تلبية الاحتياجات الأساسية، وتحدثت عن خطط لزيادة المساعدات على نطاق أوسع بما في ذلك إنشاء مستشفيات ميدانية لعلاج الجرحى من سكان غزة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي في قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب يوم 28 أكتوبر تشرين الأول 2023. صورة لرويترز من ممثل لوكالات الأنباء. © Thomson Reuters
وقال الكولونيل إيلاد جورين، من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع تنسق المسائل الإدارية مع الفلسطينيين، في مؤتمر صحفي “سنزيد قدرة القوافل والشاحنات الإنسانية طالما كانت هناك حاجة”.
وأضاف “كل قائمة نحصل عليها من الأمم المتحدة سيتم تسليم (محتوياتها). سنفحصها وستدخل غزة، ومن ثم يرجع الأمر للأمم المتحدة كي تعطينا تلك القوائم. وإذا كانت هناك حاجة إلى 400 شاحنة، فغدا سيكون هناك 400 شاحنة… لا قيود”.
صحيح أن إسرائيل وعدت سابقا بالسماح بدخول المساعدات، لكن هذه التصريحات تشير إلى تحول في اللهجة بعد أن حذرت وكالات الأمم المتحدة من أن الظروف الإنسانية لنحو 2.3 مليون يقطنون غزة تتدهور بسرعة، بما في ذلك تحذير صارخ من برنامج الأغذية العالمي من “احتمال فوري بحدوث مجاعة”.
أطفال حديثي الولادة تم وضعهم في سرير بعد إخراجهم من الحاضنات في مستشفى الشفاء بغزة بعد انقطاع التيار الكهربائي يوم 12 نوفمبر تشرين الثاني 2023 في صورة ثابتة حصلت عليها رويترز من طرف ثالث.
أطفال حديثي الولادة تم وضعهم في سرير بعد إخراجهم من الحاضنات في مستشفى الشفاء بغزة بعد انقطاع التيار الكهربائي يوم 12 نوفمبر تشرين الثاني 2023 في صورة ثابتة حصلت عليها رويترز من طرف ثالث. © Thomson Reuters
وقد تؤدي هذه الخطوة إلى حدوث انقسام في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتشددة. ووصف وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش قرار السماح بدخول الوقود بأنه خطأ فادح.
وقال في بيان “إنه ينقل رسالة ضعف ويعطي متنفسا للعدو”.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حركة حماس التي تسيطر على غزة منذ أن قتل مسلحوها 1200 شخص وأخذوا 240 رهينة في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، تقصف إسرائيل معظم أنحاء غزة ودكتها دكا، وأمرت بإخلاء النصف الشمالي بأكمله من القطاع، مما أدى إلى تشريد نحو ثلثي سكان غزة.
وقالت السلطات الصحية في غزة إن عدد القتلى زاد عن 12 ألف شخص، منهم خمسة آلاف طفل، وهناك الكثيرون محاصرون تحت الأنقاض. وتعتبر الأمم المتحدة هذه الأرقام موثوقا بها على الرغم من عدم تحديثها الآن بانتظام بسبب صعوبة جمع المعلومات وانقطاع الاتصالات المتكرر.
وفي مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، الذي كان محور قلق دولي هذا الأسبوع عندما أصبح الهدف الرئيسي للهجوم البري الإسرائيلي، قالت إسرائيل إن قواتها عثرت على مركبة بها عدد كبير من الأسلحة، وهيكل تحت الأرض قالت إنه منفذ إلى أحد أنفاق حماس، بعد يومين من تفتيش المبنى.
ونشر الجيش الإسرائيلي مقطعا مصورا لما قال إنه مدخل نفق في منطقة مكشوفة من مجمع الشفاء الطبي وتناثرت فيها الخرسانة وحطام الخشب والرمل. وتم الحفر في المنطقة فيما يبدو. وظهرت جرافة في الخلفية.
وقال الجيش أيضا إنه عثر على جثتين لرهينتين في مبان قريبة من أرض المستشفى، لكن ليس داخلها.
ولطالما أكدت إسرائيل أن المستشفى يقع فوق مخبأ كبير تحت الأرض يضم مقر قيادة لحماس. ويقول العاملون في المستشفى إن هذا غير صحيح وإن النتائج التي توصلت إليها إسرائيل هناك لم تثبت حتى الآن شيئا من هذا القبيل.
وتنفي حماس استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية. وتقول إن بعض الرهائن تلقوا العلاج في المراكز الطبية لكن لم يتم احتجازهم داخلها.
* “كابوس حقيقي”
قال موظفو مستشفى الشفاء إن أحد الأطفال الخدج توفي في المستشفى يوم الجمعة، وهو أول طفل يموت هناك في يومين منذ دخول القوات الإسرائيلية. ولقي ثلاثة أطفال خدج حتفهم في الأيام السابقة بينما كان المستشفى محاصرا.
وقالت إسرائيل إنها سترسل مساعدة تشمل حضانات لإنقاذ 36 طفلا رضيعا، يرقد كل ثمانية منهم في سرير واحد منذ تدمير جناح الأطفال حديثي الولادة الأسبوع الماضي. لكن العاملين قالوا إن الإسرائيليين لم يسمحوا بإدخال مساعدات تحدث فارقا للأطفال الرضع أو مئات المرضى الآخرين وآلاف النازحين المحاصرين هناك.
وقال مدير مجمع مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية لقناة الجزيرة إن هناك خمسة أطفال حالتهم خطيرة جدا.
وأضاف أنهم يحاولون إبقاءهم على قيد الحياة ويضعون بجانبهم زجاجات ماء ساخن في محاولة لإنقاذهم.
واضطر آخر مستشفى يعمل بكامل طاقته في النصف الشمالي من غزة، وهو المستشفى الأهلي، إلى إغلاق قسم الجراحة فيه بعد نفاد أدوية التخدير. وقال الجراح البريطاني من أصل فلسطيني غسان أبو ستة الذي فر سيرا على الأقدام إلى الجنوب لرويترز إنه قرر الرحيل لأنه أصبح الآن عاجزا عن مساعدة المرضى.
وقال أبو ستة عبر الهاتف “كان الأمر كابوسا حقيقيا، ترك 500 مصاب وأنت تعلم أنه لم يعد بوسعك ما تفعله من أجلهم، هذا أكثر شيء مفجع كان علي أن أفعله على الإطلاق”.
* “لن ننسى أو نصفح”
في بلدة موديعين بإسرائيل، أقامت العائلة مراسم جنائزية للمجندة في الجيش الإسرائيلي نوا مارسيانو (19 عاما) التي عُثر على جثتها في مدينة غزة بالقرب من مستشفى الشفاء يوم الخميس. وكانت قد اختطفت من قاعدة عسكرية في هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقالت والدتها وهي تبكي، بينما كانت ترتدي قميصا عليه صورة ابنتها مبتسمة في ثوب التخرج من المدرسة الثانوية، “اليوم نطلب عفوك… لقد حميتنا لكننا فشلنا في حمايتك…إنك تستريحين الآن، لكننا لن نتوقف. لن ننسى أو نصفح”.
وقال الجيش إنه عثر أيضا على جثة يهوديت فايس (65 عاما)، وهي أم لخمسة أطفال أخذها مسلحون فلسطينيون من تجمع بئيري السكاني.
وأعلنت حماس وفاة أسير آخر يبلغ من العمر 85 عاما قالت إنه توفي نتيجة نوبة هلع خلال غارة جوية.
ومع اقتراب الحرب من دخول أسبوعها السابع، ليس هناك مؤشر على أي تراجع في حدة القتال رغم دعوات دولية لوقف إطلاق النار أو على الأقل فترات هدنة إنسانية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاجاري “نحن مصممون على المضي قدما في عمليتنا. سيكون ذلك في أي مكان توجد فيه حماس، بما في ذلك جنوب القطاع”.
(إعداد سلمى نجم ومحمد حرفوش للنشرة العربية – تحرير دعاء محمد)