السبت 10 شباط , 2024
النضال الفلسطيني-الجزائري
تبدو التجربة الجزائرية نموذجاً مهماً يمكن الاستفادة منه بكل التفاصيل، وإسقاطه على فلسطين، في كيفية العمل على مواجهة الاستيطان الصهيوني، فبلد مثل الجزائر واجه استعماراً لأكثر من 130 عاماً، عمل على فسخ الهوية الجزائرية، والاستيلاء على كل مقدراتها البشرية والمادية، ومنح مستوطنيه من الفرنسيين والأوروبيين حقوقاً على حساب حقوق الشعب الجزائري (السكان الأصليين).
يمنح هذا البلد فرصة للفلسطينيين بأن يستفيدوا من التجربة الجزائرية في مكافحة الاستيطان الفرنسي والأوروبي لأراضيها، وذلك باتخاذ جملة من التدابير والإجراءات لاسترجاع الممتلكات والأراضي، وإعادة تأهيل القطاعات الزراعية والصناعية بما يخدم مستقبل الشعب الحر.
التشابه والتمايز بين الاستيطان الفرنسي والصهيوني
كان الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين الأحدث زمنياً والأكثر تعقيداً وارتباطاً بالقوى الدولية من نظيره في الجزائر، ومختلف من حيث طبيعة كل منهما، وإن اختلفت التفسيرات حول طبيعة الاستيطان في كل من النموذجين فهذا لا يعني بأي حال اختلافاً في الجوهر، فالاستعمار الاستيطاني الفرنسي في الجزائر كان يعتبر الجزائر جزءاً من الأراضي الفرنسية، ورفع شعار إدماج وضم الجزائر واتباع سياسة الهجرة الجماعية المكثفة والسيطرة على الأراضي وأقام المستوطنات وتهجير السكان الأصليين.
أمّا السياسة الاستيطانية الفرنسية فكانت تشجع وتعمل على فرنسة المناطق التي تقع تحت نفوذها ولكنها لم تكن لتسمح لها بالانفصال قانونياً عن الدولة الأم، وإقامة الكيان الخاص بها بل تنادي بسياسة الدمج الكامل في الدولة الفرنسية. فيما نلاحظ أنّ نفس الأساليب التي اتبعها الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، فيما يخص الهجرة الاستيطانية والسيطرة على الأرض وإقامة المستوطنات وتهجير السكان الأصليين وإبادتهم، والفرق أنّ الحركة الصهيونية طالبت بقيام الوطن القومي لليهود في فلسطين واعتبار اليهودية حركة قومية. بعد أن تمكنت الصهيونية من تحويل اليهودية من رابطة دينية إلى رابطة قومية.
في هذا الصدد، اقترح بنغريون على ديغول أن يتبنى الشكل الاحلالي من الاستعمار الاستيطاني حلاً للمشكلة الجزائرية، فتقوم فرنسا بإخلاء المنطقة الساحلية بالجزائر من سكانها العرب ويستوطن فيها الأوروبيون وحدهم ويقومون بها مستوطنات ثم تعلن دولة مستقلة لسكانها والحق في تقرير المصير، وكان ر ديغول يتسم بالذكاء التاريخي حيث قال” أتريدونني أن أخلق إسرائيل أخرى”. ثم إنّ الفارق بين الاستيطان الادماجي (الجزائر) والاحلالي (فلسطين)، هو أنّ الجيوب الاستيطانية التي لا تقوم على أساس نقل السكان من مكان إلى آخر تبقى منفتحة عن الوطن الأم، حيث تستمد الهوية منها.
إنّ سلوك الجماعات الاستيطانية مهما اختلفت طبيعة الاستيطان وأدواته ووسائله فإنّ سلوكها يبقى واحد اتجاه السكان الأصليين في الجزائر وفلسطين، هذا السلوك يعكس نفسه في اتجاهين:
– ممارسة العنف بمختلف صوره وأشكاله للقضاء على السكان الأصليين، وبالتالي إلغاء الهوية الوطنية.
– ممارسة التفرقة العنصرية بمختلف صورها على من تبقى من السكان الأصليين ممن لم يتمكن المستوطنون من إبادتهم أو دفعهم إلى النزوح والهجرة قسرياً.
تبقى التجربة الجزائرية، فرصة مهمة وعملية وواقعية نظراً لبعدها السوسيولوجي والتاريخي، بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي بإمكانه الاستفادة من هذه التجربة، وإسقاط بعض عناوينها القانونية والإجرائية على مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
نضع بين أيديكم دراسة وافية بعنوان “الاستيطان الفرنسي في الجزائر: نموذج لإسقاط الاستيطان الصهيوني في فلسطين”
لتحميل الدراسة كاملاً من هنا