نداء بوست-حوارات سياسية-أسامة آغي
أمور كثيرة تضغط باتجاه حلٍ سياسي للصراع في سورية، منها التغيرات السياسية والتحالفات نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، كذلك سيلعب التقارب التركي مع السعودية ومصر دوراً في دفع عربة الحل وفق توازنات جديدة، هذا الحل كي يكون مستداماً لا بدّ أن يفضي إلى تغيير ديمقراطي تسبقه مرحلة انتقالية، ولكن كيف يمكن إنجاز مثل هذا الحل والصف الثوري والمعارض لا يزال قيد إعادة اللحمة لهيئة التفاوض السورية.
“نداء بوست” حمل أسئلته إلى المهندس أحمد العسراوي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، فكان هذا الحوار.
لا تزال هيئة المفاوضات السورية في حالة شرخ داخلي بين مكوناتها. ألا ترون أن استحقاقات المرحلة الحالية بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وما أحدثته من تبدلات في السياسات والتحالفات الإقليمية والدولية يتطلب إعادة انتاج لبنية هذه الهيئة خارج المحاصصة بين المكونات وعلى أساس وحدة القرار الوطني في الخلاص من نظام الاستبداد بموجب تنفيذ القرار الدولي 2254؟ ما وجهة نظركم في التوافق؟
المطلوب استيعاب معنى التفاوض
يقول الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، والذي يشغل عضوية هيئة التفاوض واللجنة الدستورية: “أساس المسألة الأولى، هو وحدة الموقف والجهود حول القرار الوطني المستقل، بدءاً من تأييدنا “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي” لبيان جنيف1 لعام 2012، واعتراض الآخرين عليه، ثم تراجعهم عن اعتراضهم دون قناعة تامة تحت الضغوط الخارجية”.
مضيفاً: أن أساس المسألة الثانية، “هو أن سبب الشرخ الداخلي بهيئة التفاوض السورية كان نتيجةً لعدم تمكن البعض من استيعاب متطلبات العملية السياسية التفاوضية من كافة جوانبها. فنحن كسوريين، كل السوريين، بحاجة لإنتاج حل سياسي يفضي إلى التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل مقدمة للانتقال السياسي، الذي يحقق المطالب المحقة التي ثار شعبنا وقدم التضحيات من أجلها”.
ويتابع العسراوي كلامه: ونحن ” كافة قوى وتشكيلات هيئة التفاوض السورية ” لسنا بحاجة الى إعادة إنتاج بناء الهيئة من جديد، بل يلزمنا القراءة الموضوعية للمهام الموكلة لها وهي متضمنة في اسمها. وهنا أشير، يكمل العسراوي: “إلى أنه ليس هناك تباين بالرؤية بين هيئة التنسيق الوطنية والائتلاف الوطني السوري حول الموقف السياسي الذي يعلنه الائتلاف، لكن الهاجس دوماً فيما يضمره، وتظهر نتائجه لاحقاً على الواقع”.
لكن العسراوي يعتقد: “بإن مواجهة نظام التفرد والفساد والاستبداد تتطلب موقفاً صريحاً وموحداً من بيان جنيف 2012، والقرارات الدولية ذات الصلة بالملف السوري وخاصة القرارين 2118/2013 و2254/2015 بكل ما فيها من مضامين وتفصيلات”.
وعند الحديث عن التوافق أجيب: “أن التوافق ضرورة موضوعية، لكن كيف يمكن أن يتم التوافق قبل الاستيعاب الواضح للمهمة وللالتزام بمضمونها؟ منوهاً إلى رفضه القاطع لما سمي بالمحاصصة، وهذا لا يعني الموافقة على تغوّل أي جهة، وبأي طريقة، على قرار هيئة التفاوض السورية”.
نداء بوست-انتخبت هيئة المفاوضات رئيسها الجديد الدكتور بدر جاموس بغياب مكونين هما هيئة التنسيق الوطنية ومنصة موسكو. ألا تعتقدون أن من مصلحة السوريين والثورة السورية، أن تتجاوز هيئة التفاوض شرخها للتصدي لمهام المرحلة الجديدة؟ ما الشروط التنظيمية والسياسية التي ترون ضرورة توفرها لالتئام هيئة المفاوضات؟
التوافق في اتخاذ القرارات
يقول العسراوي جواباً على سؤالنا عن الشروط التنظيمية والسياسية التي يرون ضرورة توفرها لالتئام هيئة المفاوضات: “هيئة التفاوض السورية لم تجتمع من أواخر العام 2019، وبالتالي، لم تنتخب رئيساً، إنما عيّن الائتلاف الوطني السوري رئيساً لكتلته في الهيئة، وهنا جذر المشكلة من بدايات العام 2020”.
العسراوي لم يقل إن هيئة التفاوض مكونة من مجموعة مكونات، وأن انتخاب رئيسها عام 2019 تمّ بغياب ثلاثة مكونات، وبرأيه: “من مصلحة الشعب السوري بكافة أطيافه وتوجهاته، وخاصة منه المشاركون الفعليون بالثورة السورية الحديثة، الذين قدّموا التضحيات، وواجهوا التحديات، أن تستعيد هيئة التفاوض السورية دورها الطبيعي الذي قامت من أجله”.
ويضيف العسراوي: “وعندما نسأل عن الشروط نقول: ليس لدينا شروط مخالفة للأسس والقواعد التنظيمية، ولا للرؤية السياسية المعتمدة، سواءً بالاجتماع الموسع الأول لقوى الثورة والمعارضة 2015، أو الثاني عام 2017، وهنا أعود لمطلب التوافق الذي أشرتم إليه وأقول: إننا لم نخرقه أبداً، بل نعمل لأن يكون الأساس الموضوعي لأي موقف جماعي”.
نداء بوست-جرى الخلاف سابقاً نتيجة محاولة تجديد الأعضاء المستقلين في بنية هيئة المفاوضات، وكنتم تقفون مع الموقف السعودي سابقاً، بضرورة قبول عضوية المستقلين الجدد. لكن ذلك جرى في ظلّ توتر سياسي صريح بين السعودية وتركيا، وهو ما ساهم بتعطيل عمل الهيئة.
هل تعتقدون أن زيارة ولي عهد السعودية لأنقرة ستلعب دوراً في إذابة الخلافات بين مكونات الهيئة؟ وهل ينبغي على رئيس هيئة التفاوض الدكتور بدر جاموس زيارة السعودية لتلمس حلٍ ينهي الشرخ؟
نحتاج لدعم عربي ودولي
وفي إجابته على سؤالنا الثالث، وتحديداً ما يخصّ الدور السعودي حول أزمة المستقلين، الذين انتخبوا خارج حضور مكونات هيئة التفاوض، يقول الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي أحمد العسراوي: “من الضرورة الايضاح، بأننا لم نقف يوماً مع غير الموقف الوطني السوري، ومن يتهمنا بأننا وقفنا مع الموقف السعودي، يتجنّى علينا، وقدمنا لهم رؤيتنا لرأب الصدع من اللحظات الأولى، وهي أن يكون القرار بيد هيئة التفاوض السورية مجتمعة”.
وأضاف العسراوي منوهاً: “إلى أننا نتابع العلاقات مع المملكة العربية السعودية ” الحاضنة لقوى الثورة والمعارضة السورية بتكليف من مجموعة العمل الدولية لدعم سورية وفق بياني فيينا الأول والثاني 2015″، بالقدر الذي تسمح لنا الظروف به، وكذلك مع غيرها من كافة الدول والمؤسسات المهتمة بالملف السوري. نحن في هيئة التنسيق الوطنية نرى بأننا كسوريين بحاجة للدعم من كل الجهات العربية والدولية، وعلى كافة توجهاتها للوصول إلى الحل السياسي الذي يحقق مطالب الشعب السوري – واضح للعيان أن خرائط سياسية جديدة ستفرض نفسها على دول الإقليم في الشرق الأوسط، نتيجة مضي إيران في سياستها المرتكزة على الهيمنة السياسية والاقتصادية لدول جوارها العربية، ونتيجة ما سيترتب من نتائج محتملة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا. ألا تعتقدون أن ذلك يحتاج من قوى الثورة والمعارضة إعادة انتاج مواقفها ورؤاها وأدواتها واستراتيجياتها؟ كيف تنظرون لهذا الأمر
الملف السوري يتأثر بالتدخلات
وسألنا السيد العسراوي عن أثر الحرب الروسية على الملف السوري، فأجاب: “سواء أدخلنا نتائج الحرب الروسية الأوكرانية بالاعتبار أو لم ندخلها، فإن الملف السوري متأثر حكماً بالملفات الدولية الأخرى، وخاصة منها التدخل الإيراني من بدايات الثورة السورية وما تبعه من تدخلات من كل الأطراف، وهذا شيء وإعادة إنتاج مواقف ورؤى وأدوات واستراتيجيات قوى الثورة والمعارضة كما تطرحونها شيء آخر. أولها لا يد لنا فيها أما ثانيها فنحن أصحاب العلاقة فيها وهذا واجبنا”.