عبد الحميد صيام
الأمم المتحدة- “القدس العربي”:
12 – يناير – 2024
بدعوة من الجزائر، عقد مجلس الأمن جلسة إحاطة مفتوحة حول “الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك قضية فلسطين”. لمناقشة خطر التهجير القسري للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وقد كان أول المتحدثين مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، الذي قدم صورة قاتمة للوضع الإنساني وانتشار الجوع والدمار وتكدس المهجرين في مناطق محددة وغير آمنة. “فرفح التي كانت تأوي 240 ألفا أصبح يقطنها مليون إنسان”.
غريفيث: “النظام الصحي في حالة انهيار، والمرأة في غزة غير قادرة على الولادة بأمان. لا يمكن تطعيم الأطفال. ولا يستطيع المرضى والجرحى الحصول على العلاج. الأمراض المعدية آخذة في الارتفاع. وكان الناس يبحثون عن مأوى وملجأ في ساحات المستشفيات. والآن يحل الشتاء على غزة، حاملاً معه البرد القارس”
وقال غريفيث إن المساعدات الشحيحة التي تدخل القطاع لا تكفي لسد حاجات الناس الأساسية، وطالب بالسماح بدخول المواد التموينية التي لا غنى عنها والتي يعتمد عليها 80 في المئة من السكان.
وأضاف ” لقد اقتربت الحرب من إكمال 100 يوم منذ اندلاعها، ويتكشف لنا كل يوم أن هذه الحرب تدور دون أي اعتبار تقريبًا لأثرها على المدنيين. وفي غزة، لا يزال الوضع مروعاً مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية بلا هوادة.
وقال: “يمكننا أن نرى ذلك في عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال. ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، قُتل حتى الآن أكثر من 23,000 شخص وجُرح أكثر من 58,000 آخرين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. ويمكننا أن نرى ذلك في التهجير القسري لـ 1.9 مليون مدني، أي ما يعادل 85 في المائة من مجموع السكان، الذين أصيبوا بصدمات نفسية وأجبروا على الفرار مراراً وتكراراً مع تساقط القنابل والصواريخ. ويمكننا أن نرى ذلك في الظروف المروعة على الأرض: الملاجئ مكتظة، والغذاء والماء ينفد، مع تزايد خطر المجاعة يوما بعد يوم”.
وقال منسق الشؤون الإنسانية إن “النظام الصحي في حالة انهيار، والمرأة في غزة غير قادرة على الولادة بأمان. لا يمكن تطعيم الأطفال. ولا يستطيع المرضى والجرحى الحصول على العلاج. الأمراض المعدية آخذة في الارتفاع. وكان الناس يبحثون عن مأوى وملجأ في ساحات المستشفيات. والآن يحل الشتاء على غزة، حاملاً معه البرد القارس، مما يؤدي إلى تفاقم النضال من أجل البقاء. وهذا ما يجعل من المؤسف للغاية أن تتعرض المرافق الحيوية لبقاء السكان المدنيين لهجمات لا هوادة فيها”.
وأضاف “لقد تم قصف 134 منشأة تابعة للأونروا، وقُتل 148 من موظفي الأمم المتحدة وموظفي المنظمات غير الحكومية في غزة. وقد تم قصف المواقع الإنسانية في مناسبات عديدة، على الرغم من التعرف عليها وإخطار جيش الدفاع الإسرائيلي بها. وفي الأيام القليلة الماضية فقط، تم استهداف مقرين تابعين لمنظمة غير حكومية. أوامر الإخلاء لا هوادة فيها. ومع تحرك العمليات البرية جنوباً، تكثفت عمليات القصف الجوي في المناطق التي طُلب من المدنيين الانتقال إليها حفاظاً على سلامتهم. ويتكدس المزيد والمزيد من الناس في قطعة أرض أصغر من أي وقت مضى، ليجدوا المزيد من العنف والحرمان، والمأوى غير المناسب، والغياب شبه الكامل للخدمات الأساسية”.
غريفيث: لا يوجد مكان آمن في غزة.. والحياة الإنسانية الكريمة أصبحت شبه مستحيلة
وأكد غريفيث أنه لا يوجد مكان آمن في غزة. إن الحياة الإنسانية الكريمة أصبحت شبه مستحيلة. تتكدس عدة عائلات في شقق فردية دون مياه جارية أو مراحيض صالحة للعمل. يتم نصب الخيام وبناء الملاجئ المرتجلة حيثما أمكن ذلك، بما في ذلك الأرصفة والساحات وفي وسط الشوارع. ومن الصعب حاليًا أن نتصور أن الناس سيعودون أو يمكنهم العودة إلى الشمال.
وأضاف “جهودنا لإرسال قوافل إنسانية إلى الشمال قوبلت بالتأخير والرفض وفرض الشروط المستحيلة. إن عدم احترام نظام الإخطار الإنساني يعرض كل تحركات عما الإغاثة للخطر، كما هو الحال بالنسبة للكميات غير الكافية على الإطلاق من المركبات ومعدات الاتصالات المحدودة التي سُمح لنا بإحضارها ويصف الزملاء الذين تمكنوا من الوصول إلى الشمال في الأيام الأخيرة مشاهد الرعب المطلق: الجثث الملقاة على الطريق. الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات المجاعة الواضحة يوقفون الشاحنات بحثًا عن أي شيء يمكنهم الحصول عليه للبقاء على قيد الحياة. وحتى لو تمكن الناس من العودة إلى ديارهم، لم يعد لدى الكثير منهم منازل يذهبون إليها”.
وقال:”إن توفير المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء غزة يكاد يكون مستحيلاً. إن إمكانية وصولنا إلى خان يونس والمنطقة الوسطى غائبة إلى حد كبير. وفي الجنوب، فإن توسيع الهجوم على رفح من شأنه أن يمثل تحدياً خطيراً للعمليات الإنسانية المنهكة بالفعل والتي تتطلب اتخاذ تدابير استثنائية لمجرد تقديم المساعدات الهزيلة. ورغم أننا شهدنا بعض الزيادة الطفيفة في عدد الشاحنات التي تدخل عبر رفح وكرم أبو سالم، فإن الإمدادات الإنسانية وحدها لن تكون قادرة على توفير احتياجات أكثر من مليوني شخص. لا يمكننا استبدال القطاع التجاري في غزة. ويجب السماح بدخول السلع التجارية على نطاق واسع. إن القائمة المتزايدة من المواد المرفوضة تعني عدم قدرتنا على إدخال الإمدادات إلى غزة لإعادة تأهيل البنية التحتية التي تحافظ على الحياة. كما أن نظام الإجلاء الطبي للمرضى إلى مصر غير ملائم على الإطلاق في مواجهة الاحتياجات الهائلة”.
وحذر مارتن غريفيث من أثر انتشار القتال باتجاه الجنوب من شأنه أن يزيد بشكل كبير الضغط على النزوح الجماعي للأشخاص إلى البلدان المجاورة، حيث عرضت بعض الدول بالفعل استضافة المدنيين الذين يرغبون في مغادرة غزة لحمايتهم.
وقال غريفيث، الجمعة، إنه يشعر “بقلق عميق” بسبب تصريحات صدرت مؤخرا من وزراء إسرائيليين بشأن “خطط لتشجيع النقل الجماعي” للمدنيين الفلسطينيين من غزة إلى دول ثالثة، ودعا مجددا إلى وقف إطلاق النار.
وقال غريفيث في إفادة لمجلس الأمن الدولي “إذ لم نتحرك، ستصبح هذه ندبة على جبين إنسانيتنا لا يمكن محوها… أكرر دعوتي لهذا المجلس لاتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء هذه الحرب”.
وكيله المفوض السامي لحقوق الإنسان
وألقت إيلزي براندز كيريس، الأمين العام المساعد لحقوق الإنسان، إحاطة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. وقالت إن معاناة الفلسطينيين من الاقتلاع والتهجير أمر محفور في أذهانهم نكبة 1948، حيث إن 85 في المئة من سكان غزة قد هجروا من ديارهم أكثر من مرة. وقالت ما يحدث من غزة أمر غير معقول خاصة ما يتعلق بالتهجير والاقتلاع الذي بدأ يوم 12 تشرين الأول/ أكتوبر عندما طلب من السكان في الشمال أن يرحلوا إلى الجنوب، وهذا مخالف للقانون الدولي لأن إسرائيل لم تضمن الأساسيات لانتقال آمن كالماء والدواء والغذاء بل فرضت الإجلاء القسري وفرض سلسلة من الإجراءات كمنع الغذاء والماء وهو ما يرتقي إلى مستوى جرائم حرب. لقد وصل الناس حالة يأس وضياع. التهجير القسري يجب أن يتوقف ولكن المطلوب الآن وقف إطلاق النار فورا وإطلاق سراح الرهائن وحماية المدنيين. كما تطرقت السيدة كيريس إلى الأوضاع في الضفة الغربية والعنف الذي يمارسه المستوطنون ودعت إلى وقف ذلك ومعاقبة كل من يقوم باعتداءات على المدنيين الآمنين في بيوتهم وتقديمهم للعدالة.
السفير الجزائري عمار بن جمعة يؤكد وقوف الجزائر مع الشعب الفلسطيني
وشكر السفير الجزائري المشاركين في هذا الاجتماع الذي دعت له الجزائر في اليوم المائة للحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية المحتلة، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي يشاهد اليوم هذه الصور الصادمة.
وقال: “كما قال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون “إن ما يحدث في غزة سيظل وصمة عار في جبين الإنسانية”.
وأضاف بن جمعة متسائلا ألا يكفي أكثر من 30 الف منهم 10 آلاف طفل. ألا يكفي 60 ألف جريح؟ ألا يكفي تدمير 60 في المئة من مباني غزة؟ ألا يكفي أن نشاهد كل سكان غزة يعانون الجوع. كيف يقبل المجتمع الدولي هذا؟”.
وقال إن هذه الحرب قد أدت إلى تدمير كل مظاهر الحياة في غزة حتى لا تكون قابلة للحياة. “إنه مخطط لتهجير السكان خارج أرضهم. إنها سياسة مدعومة من قيادات الاحتلال للتصفية النهائية للقضية الفلسطينية في كل الأرض المحتلة. فقط التركيز الآن على غزة. يجب ألا نغفل ما يجري في الضفة. ممارسات القتل والهدم والاستيطان والضم مستمرة. وأكد بن جمعة أن هذا المخطط مصيره الفشل. ودعا مجلس الأمن أن يكون موحدا في رفضه هذا المخطط.
وقال”: “لا مكان للفلسطينيين إلا على أرضهم. إن أي تهجير يمثل مخالفة للقانون الدولي وخاصة البند 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. يجب أن نتكلم بصوت واحد يرفض تهجير الفلسطينيين. أن الصمت تواطؤ”. وطالب السفير الجزائري في ختام كلمته بوقف إطلاق النار فورا وقال: إننا في الجزائر نؤكد على دعمنا الثابت للشعب الفلسطيني الشقيق وسيبقى هذا الدعم حتى نرى قيام دولته الفلسطينية المستقلة”.
ليندا توماس غرينفيلد
في كلمتها أمام المجلس أقرت السفيرة الأمريكية، ليندا توماس غرينفيلد، أن عدد الفلسطينيين الذين شردوا داخليا يصل إلى 1.8 مليون فلسطيني. وهذه حالة تدمي القلوب. “إن الولايات المتحدة تؤيد عودة الفلسطينيين إلى بيوتهم. المدنيون يجب ألا يضغط عليهم للرحيل ونرفض بيانات من مسؤولي إسرائيليين يدعون إلى تهجير الفلسطينيين”. وطالبت أعضاء مجلس الأمن إلى إدانة حماس وما جرى يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر والذي أدي إلى كل هذه التداعيات. وأضافت أن بلادها تدين كذلك هجمات المتطرفين الإسرائيليين وتشريد المجتمعات. وأن بلادها تعارض بشدة توسيع المستوطنات، التي تقوض حق الدوليتين. كما تقر بأنه قتل كثير من الفلسطينيين في الضفة، وقالت إن بلادها فرضت حظرا على منح تأشيرات الدخول لمنع دخول من يقوضون الاستقرار في الضفة. ونطالب بضبط إسرائيل بضبط النفس.
السفير الروسي نيبنزيا
وحذر السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فيسالي نيبنزيا، من خطر تهجير الفلسطينيين من ديارهم. وقال إن هناك 23 الأف ضحية عدا عن المدفونين تحت الأنقاض إضافة
تدمير ممتلكاتهم ودورهم وظلام الاستمرار في هذا الاتجاع.و عقاب جماعي انتهاكات خطيرة للقانون الدولي. 7 أكتوبر مرتبط بتاريخ طويل وحروب وانتهاكات… فشل المجلس في طلب وقف إطلاق النار و 2712 لم يطلب وقف إطلاق النار بسبب موقف الولايات المتحدة. وقرار 2720 أيضا امتنعت روسيا عن التصويت لأنه لا يدعو لوقف إطلاق النار. لقد وضعت إسرائيل الفلسطينيين أمام خيار التهجير بسبب التدمير، إما الموت أو الرحيل. وحذر السفير الروسي من توسيع رقعة المواجهات بعد قيام دولتين بتصعيد الوضع في البحر الأحمر.
السفير الفلسطيني رياض منصور
السفير الفلسطيني رياض منصور، شكر الجزائر أولا للدعوة لهذا الاجتماع ثم شكر شكر جنوب إفريقيا، التي انطلاقا من موقف أخلاقي رفيع، رافعت أمام محكمة العدل الدولية حول الجرائم التي ترتكب في غزة ضد الشعب الفلسطيني وبدل أن يتم شكر جنوب إفريقيا هناك من ينتقد جنوب إفريقيا. إن العبرة من الهولوكوست، ليست بالدفاع الدائم عن إسرائيل عندما ترتكب الفظائع.
ودعا منصور إلى عدم التصعيد وإشعال مزيد من النار بل الدعوة لوقف إطلاق النار. “وكنا نتمنى أن هذه الدول أسرعت لحماية الأطفال الفلسطينيين مثلما أسرعت لحماية السفن التجارية”.
وقال إن الأمم المتحدة أخذتها 75 سنة لتعترف بالنكبة وبدل العمل على إنهاء النكبة الأولى التاي بدأت عام 1948 ما نراه اليوم هو نكبة جديدة وفظيعة.
وقال منصور إنه ولد مع النكبة وعاش مآسيها، ولم يتخل يوما أنه سيعيش ليرى نكبة جديدة. وقال إن 70 في المئة من سكان غزة لاجئون منعوا من العودة إلى ديارهم. والآن في غزة دمرت بيوتهم مرات. “إنهم يرثون مدنهم وقراهم وبيوتهم. كل شي في غزة يثير الألم والحزن ويذكر بالموت. كل واحد هجر مرارا من بيته ودياره ويبحث عن الأمان في كل مكان لكنه لا يجده في أي مكان. يهربون من الموت فيجدونه أمامهم. لقد قتلت إسرائيل الأطفال والشعراء والصحافيين والأطباء والمعلمين والعلماء، لا مكان الآن للعيشفي غزة لا مدرسة، لا جامع، لا كنيسة، لا مخبز، لا سوق، لا ماء لا مستقبل لا مكان آمن في غزة”. وقال إن الفلسطينيين في غزة يعاقبون لأنهم يرفضون أن يخرجوا من من ديارهم. “إن ليهم حلما بسيطا وهو أن يعيشوا في ديارهم”.
وقال منصور ” إن حماية الملايين تتطلب إيصال المساعدات الإنسانية، وهذا يتطلب أولا وقف إطلاق النار الإنساني- إيصال المساعدات، لا يمكن أن تتم بدون وقف إطلاق النار. شكرا للرفض الجماعي للمجلس لفكرة التهجير القسري، شكرا للمجلس للإجماع حول ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية لكن لا وحدة في المجلس لوقف إطلاق النار. القتل في كل مكان. جوع جفاف مرض – اسرائيل هي التي صنعت هذه المصاعب. اسرائيل تريد للشعب الفلسطيني أن يختار بين الموت أو التدمير أو التهجير. وعلى المجتمع الدولي أن يختار الحياة والقانون وإنهاء الاحتلال وحماية حياة الفلسطينيين.
واختتم منصور كلمته قائلا: “هناك من يرفض وجود الفلسطينيين ليس إنهاء النكبة بل توسيعها. الشعب الفلسطيني سيظل يناضل من أجل استقلاله الشعب الفلسطيني هنا ليبقى لا حل إلا بالسلام المشترك. لا بتوسيع النار بل بوقف إطلاق النار.