واشنطن – فكتور شلهوب
العربي الجديد
05 ابريل 2025
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على يوم الأربعاء الفائت اسم “يوم التحرير”، بعد أن أعلن خلاله عن حزمة رسوم جمركية عالية على كل البضائع الأجنبية المستوردة من سائر بلدان العالم، يقول إنه فرضها “لتحرّر” أميركا من علاقات تجارية “مجحفة”، وبخاصة مع الحلفاء منهم. وبعد 48 ساعة على إعلانها، وجدت واشنطن نفسها أبعد ما تكون عن مثل هذا “التحرير” وأقرب إلى التدمير الاقتصادي.
النزيف الذي أصاب الأسواق المالية (6 تريليونات دولار خسائر في اليومين الماضيين) هزّ المؤسسات والقطاعات الاقتصادية والمالية والإنتاجية على اختلافها، فضلاً عن عالم الاستثمارات والتجارة الدولية. حالة الذعر العارم، عكست الخوف من مجهول مفتوح على الأدهى. فعندما يكون المطروح بحجم محاولة “لإعادة إنتاج اقتصاد أميركي إلى جانب نظام تجاري دولي، بطبعتين جديدتين” ومن دون ضمان استمرارية الإنتاج والتبادل بين الأسواق المتداخلة، عندئذٍ تكون المخاوف في محلها.
المآخذ على سردية الرئيس ترامب أنها متنافرة مع معطيات الوقت الراهن. ويعود ذلك إلى مزيج من القناعة “الأيديولوجية والارتباك في المقاربة”، بحسب بعض القراءات. فهو أصلاً ومنذ زمن مشدود إلى التعويل على خيار الرسوم، من جهة “أنه يوفر مداخيل إضافية للخزينة”، ثم إنه يساعد في “سدّ العجز التجاري” مع معظم البلدان. وفي الحالتين الفرضية مغلوطة. رفع التعرفة يرفع الأسعار، وبالتالي يؤدي إلى هبوط الاستيراد واستطراداً إلى خفض العائدات. ثم إن هناك بلداناً تربطها علاقات تجارية كبيرة (أكثر من 400 مليار دولار سنوياً) مثل كندا والمكسيك اللتين لا تفرضان أي رسوم على معظم السلع الأميركية المستوردة، ومع ذلك تتمتع كلتاهما بفائض تجاري مع أميركا. ويذكر أن البلدين تربطهما اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة تنصّ على خفض أو شطب رسوم الاستيراد (اتفاقية نافتا 1994 واتفاقية ترامب مع الجارين في يناير/ كانون الثاني 2020). لكن هذا صار من التاريخ، فالحرب حلّت مكان التوافق.
كذلك المعروف أن ترامب منذ زمن “يحنّ إلى أميركا التي كانت في أواخر القرن 19، تعول على هذه الرسوم بدلاً من ضريبة الدخل التي كان غير معمول بها في ذلك الوقت”. وأثناء رئاسته الأولى لوّح بهذا الخيار أكثر من مرة وفرضه، ولو جزئياً، على الحديد المستورد، بذريعة أن مثل هذا الإجراء من شأنه تعزيز صناعة الحديد المحلية. لكن التعرفة لم تساعد آنذاك على تحقيق الغرض. وبالرغم من ذلك ما زال يصرّ على هذه المقاربة التي تعذّر عليه تسويقها لكثرة ما تحمله من تناقضات وهشاشة في حيثياتها ووعودها. عائدات التعرفة لا يركن إليها كمصدر تمويل في الاقتصاديات المعاصرة التي تقوم على المنافسة وتوسيع أسواق الاستيراد والتصدير، خاصة أن معظمها يتعامل بالدولار وبما يعزز وضعه كعملة أساسية في التجارة الدولية والعمل بقواعدها السارية.
الخروج عنها بطريقة الصدمات الكهربائية، ينذر بانكماش الاقتصاد وانزلاقه إلى حالة الركود الذي قفزت نسبة احتمالاته من 50 إلى 60%، بحسب تقديرات جه بي مورغان، أكبر المصارف الأميركية. كذلك ينذر بانحسار النمو المرجح أن يكون في أضعف حالاته، 1% وفق المؤسسة المالية الشهيرة غولدمان ساكس. نفس التوقعات تنطق بها الاستطلاعات على اختلافها والتي عكست ردة فعل سلبية ضد الرسوم، بين 52 و54%، كما أنها ضد سياسة الإدارة الاقتصادية، لجهة المخاوف من جنون الأسعار وارتفاع منسوب التضخم. ومن المتوقع أن تشهد المدن الأميركية اليوم السبت تظاهرات ضد هذه السياسات، مع التركيز على رفض الدور الذي يلعبه رجل الأعمال إيلون ماسك والذي أثار نقمة واسعة ضده. حتى الجمهوريون في الكونغرس اضطروا تحت الضغط إلى التعبير عن عدم الارتياح لتوجه البيت الأبيض.
والخميس، مرّر مجلس الشيوخ، وبتصويت عدد من الجمهوريين إلى جانب الديمقراطيين، مشروعاً لربط رفع الرسوم بموافقة الكونغرس، ولو أن الخطوة محكومة بالسقوط في مجلس النواب الذي لا يخرج جمهوريوه عن الانضباط التام في دعم الرئيس ترامب.
هل من مخرج؟
الرئيس ترامب عاد وأكد الجمعة، بعد إقفال البورصة على هبوط بأكثر من 2200 نقطة (وأول من أمس الخميس أكثر من 1700)، تمسّكه بالرسوم، مجدداً الوعد بمستقبل “مزدهر للأسواق وللبلاد”. ثمة من قرأ في ذلك بداية تمهيد عبر التشدد المسبق، للتفاوض حول الموضوع إذا ما تواصل النزيف في الأسبوع المقبل. يستند هذا التوقع إلى أن استراتيجية ترامب تقوم على استبدال منظومة العلاقات التجارية الدولية باتفاقيات وتفاهمات ثنائية وبما يمكّن أميركا من تسييد شروطها، باعتبارها الطرف الأقوى. وفي المقابل ثمة من يأخذ تشديد الرئيس على المضي بسياسته على محمل الجد، من باب أنه يرى في اللحظة الراهنة فرصة لترجمة طموح قديم وكبير يرتبط باسمه وأنه بالتالي لا يبدو أنه في وارد التراجع، خاصة أن الكونغرس الممسوك من الجمهوريين وبالتحديد في مجلس النواب، لن ينتقل إلى سياسة التصدي للرئيس ترامب، ولو أن بعض رموزه من أمثال السيناتور رون بول يحذر الجمهوريين من خطر موضوع الرسوم الذي “يقضي” عليهم سياسياً لو بقي الرئيس متمسكاً به.
المؤكد أنه من الصعب قراءة الرئيس ترامب الذي يترك خصومه دائماً في دائرة الظن. والمؤكد أيضاً أن ما يجري ليس أقل من هدية سياسية على طبق من فضة للديمقراطيين، كما أنّه هدية جيوستراتيجية للصين التي ترى في تفكك علاقات أميركا مع حلفائها وفي النفور الدولي العام الذي تسببت به هذه الحرب فرصة ذهبية، وفق الأوساط المعنية بالشأن الصيني.

ما تداعيات رسوم ترامب على الدول العربية المشمولة برسومه … ؟
قناة روسيا اليوم
الجمعة، ٤ أبريل / نيسان ٢٠٢٥
بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن رفع الرسوم الجمركية على صادرات بعض الدول إلى الولايات المتحدة، أثيرت تساؤلات بخصوص تأثيرها على الاقتصادات العربية. وشمل هذا القرار دولا عربية عدة، فيما تفاوتت نسبة هذا الرفع بين 10 في المئة إلى 41 في المئة. وفيما يلي نستعرض آراء بعض الخبراء من دول عربية مختلفة حول تأثير هذه الرسوم على دولهم.
مصر
الخبير الاقتصادي هاني توفيق قال: “جمارك ترامب التي فرضها على العالم كله أمس سوف تطيح بشركات وبورصات كثيرة وأولها بورصة أمريكا نفسها”.وأضاف: للمتسائلين عن مصر، الأثر السلبي الأكبر سيكون في قناة السويس، للتباطؤ المؤكد في سلاسل الإمدادات والتجارة العالمية نتيجة رفع الجمارك”.
العراق
الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، أكد أن العراق وأمريكا سيتضرران معا من التعرفة الجمركية التي فرضها دونالد ترامب.وأشار إلى أن “العراق لا يصدر إلى أمريكا سوى النفط ويتراوح حجم التصدير بين 250 إلى 450 ألف برميل يوميا”، مبينا أن “فرض رسوم على النفط العراقي تعني زيادة الأسعار للمشتقات النفطية في السوق الأمريكية وقد ينخفض الطلب على النفط العراقي من قبل الولايات المتحدة في حال حصلت عليه بأسعار تفضيلية من دول أخرى”.
الأردن
الخبير الاقتصادي مازن مرجي، قال إن “التفاعل مع القرار الأمريكي عالمي، فهو موجه ضد معظم دول العالم، وبالتالي الأردن ليس مستهدفا بذاته، ولهذا سيكون له تأثير سلبي على التجارة العالمية كلها”.وحول التأثير على الأردن، أوضح أنه “يجب ألا نقلق كثيرا، فالتأثير سيكون منخفضا وليس كبيرا، لسببين: الأول أن هذه المشكلة ستتفاعل على المستوى العالمي، والثاني أن الأردن يصدر للولايات المتحدة منتجات بقيمة تقريبا 2 مليار دينار أردني، 80 في المئة منها ملابس يتم تصنيعها في المناطق الصناعية المؤهلة، ونسبة الأردن من ناتج تصديرها 11.6- 15 في المئة”.
لبنان
الخبير الاقتصادي الدكتور خلدون عبد الصمد شرح أن “معظم هذه الصادرات يتألف من المنتجات الغذائية المصنعة، إضافة إلى بعض المنتجات الزراعية مثل التفاح وبعض الخضر والفاكهة، ولكن بكميات محدودة نظرا بعد المسافة وصعوبة شحن المنتجات الطازجة”.ولفت إلى أن فرض رسوم جمركية على المنتجات اللبنانية لا يبدو أنه يستند إلى اعتبارات اقتصادية بحتة، بل قد يكون جزءا من سياسة تجارية أوسع تشمل العديد من الدول بغض النظر عن حجم التجارة معها.وأكد أن التأثير الفعلي لهذه الرسوم سيكون محدوداً للغاية. فحتى مع فرض 10% رسوماً جمركية، فإن لبنان لا يصدر كميات ضخمة إلى السوق الأمريكية، وبالتالي فإن “التأثير على الاقتصاد اللبناني سيكون طفيفاً إن لم يكن معدوما”.
السعودية
يأتي النفط الخام في مقدمة الصادرات السعودية للسوق الأمريكية بقيمة بلغت 13.7 مليار دولار، فيما تبلغ قيمة الصادرات غير النفطية نحو 2.3 مليار دولار؛ تتصدّرها الأسمدة بقيمة 790 مليون دولار، ثم المواد الكيميائية العضوية بقيمة 706 ملايين دولار.
وقد يؤدي فرض تلك الرسوم الجمركية على هذه السلع الإستراتيجية، إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق الأمريكية، وانعكاس ذلك بصورةٍ واضحة على المستهلك الأمريكي.
الإمارات
أفاد خبراء بأن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية بنسبة 10% على الإمارات العربية المتحدة سيكون له تأثير متعدد الجوانب، وإن كان محدودًا ، على اقتصاد البلاد. إلا أن البعض أشار إلى أن المستهلكين سيتحملون العبء الأكبر من هذا الوضع.
البحرين
المحللة الاقتصادية نورا الفيحاني قالت إن إعلان ترامب فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات إلى الولايات المتحدة هو إعلانٌ متوقع، موضحة أن الرسوم الجمركية التي تم فرضها على واردات الولايات المتحدة من دول مجلس التعاون الخليجي ومن ضمنها مملكة البحرين، هي الأدنى بنسبة بلغت 10% فقط.ولفتت إلى أن النسبة المنخفضة للرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الخليجية إلى أمريكا ستزيد من تنافسية الصادرات الخليجية في مقابل ذات المنتجات من الدول التي تم فرض نسبة رسوم مرتفعة عليها بسبب الفروقات في التكلفة وأسعار البيع الناتجة عن اختلاف النسب الجمركية.
سلطنة عمان
الصحافي أحمد بن علي الشيزاوي أوضح أن الصادرات العمانية إلى الولايات المتحدة لا تتجاوز 1.3 مليار دولار (2.1% فقط من إجمالي الصادرات البالغة 62.7 مليار دولار). كما أن صادرات النفط العُماني، والتي تمثل العمود الفقري للاقتصاد، تتجه بنسبة 75% إلى الصين، بينما السوق الأمريكية ليست من الوجهات الأساسية.
في المقابل، تقدر واردات عُمان من الولايات المتحدة بنحو 1.4 مليار دولار سنويا، وتشمل سلعا حيوية مثل الإلكترونيات، الهواتف الذكية، وقطع غيار السيارات. وفرض رسوم بنسبة 10% على هذه السلع سيُسهم في رفع أسعارها محليًا، ما قد يضيف أعباء تضخمية على السوق.
الجزائر
الأكاديمي والخبير الاقتصادي مراد كواشي، قال إن رفع التعرفة الجمركية لن يكون له هذا التأثير الكبير على الصادرات الجزائرية، حيث يمكن أن تجد الجزائر أسواق بديلة لمنتجاتها، وبالتالي أستبعد أن يكون هناك تأثير لهذا القرار على الاقتصاد الجزائري.
تونس
الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي قال: “لا تُمثّل صادرات تونس لأمريكا رقما مهما، فهي في أحسن الحالات لا تتعدى 10 في المئة من مجموع الصادرات”.وأضاف: “لكن في هذا الوقت الذي تشهد فيه تونس صعوبات كبيرة في زيادة الموارد المالية من العملة الصعبة، فهو يؤثّر على التوازنات المالية الخارجية وعلى الموجودات من العملة الصعبة لدى البنك المركزي”.
المغرب
المحلل الاقتصادي رشيد ساري، قلل من تأثير فرض الرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد المغربي، باعتبار أنها النسبة الأدنى ضمن النسب التي كشف عنها ترامب، بينما تم فرض نسبة 28 في المائة على تونس و30 في المائة على الجزائر، و31 في المائة على ليبيا.واعتبر أن فرض رسوم جمركية على المغرب بقيمة 10 في المائة يعكس احترام إدارة ترامب للعلاقات السياسية والآفاق الإستراتيجية التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية مع المملكة المغربية.
ليبيا
عضو اللجنة الاستشارية الأممية والخبير الاقتصادي الليبي، إبراهيم قرادة، قال إن متوسط التعريفات الجمركية الجديدة التي تبلغ نحو 22%، قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 15%، وانخفاض أسعار النفط بنسبة 5%، مما سيؤثر على عوائد الدولة الليبية ويزيد من فاتورة الاستيراد بنسبة 15%، وفقا لتقديرات افتراضية.
وأشار إلى أن هذا الإجراء سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة مثل السيارات ومواد البناء، في حين ستتراجع عوائد النفط بسبب مخاوف الركود العالمي.
المصدر: RT + وكالات