المرصد السوري لحقوق الانسان
في فبراير 1, 2025
قرر الاتحاد الأوروبي رفع بعض العقوبات على سوريا في خطوة جديدة ومهمة منذ هروب النظام والتي رحب بها عديد الأطراف لكنها تظل منقوصة مادامت الولايات المتحدة الأمريكية لم ترفع بعد العقوبات لتسهيل عملية التعافي.
ويرى بعض المحللون أن تعليق بعض العقوبات المحددة التي فُرضت على قطاعي الطاقة والنقل وعلى مؤسسات مالية مهمة لاستقرار البلاد المالي.
وقال طالب إبراهيم، مدير المركز العربي الهولندي- أمستردام، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن كايا كالاس، منسقة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، تحدثت عن اتفاق وزراء الاتحاد على خطوات لتخفيف العقوبات الاوروبية المقررة بحق سوريا، ودار البحث في اتفاق الخارجيات الأوروبية أن التخفيف سيتحدد في قطاعات الطاقة والنقل والمؤسسات المالية، وأنه مشروط بممارسات وسلوك الإدارة الجديدة التي سيطرت على الحكم في سوريا.
وأضافت،” شهدت الإدارة السورية الجديدة، التي تديرها هيئة تحرير الشام، المصنفة على قوائم الإرهاب الدولية، انتعاشاً سياسياً ودبلوماسياً كبيرين، عبرت عنه الوفود السياسية والدبلوماسية العربية والإقليمية والدولية التي زارت سوريا بعد سقوط النظام، وهو ما أعطى انطباعاً بوجود رغبة إقليمية ودولية، بالنظر إلى الواقع السوري الجديد، بمعايير عملية تتخطى محظور الإرهاب، والنتائج المترتبة على التعامل معه”.
ووفق محدثنا، لم تأت الخطوة الاوروبية منفردة، ولم تكن فريدة الفكر السياسي والدبلوماسي الأوروبي، ولكنها أتت بعد قرار أمريكي بتخفيف العقوبات عن سوريا، ما يعبر بداهة عن حجم التبعية، والتوظيف الاوروبيان في سياق القيادة الأمريكية لتخفيف العقوبات على وجه الخصوص، والقيادة بإطارها العام، إضافة إلى ان الإدارة السورية الجديدة تقف أمام مجموعة من المعضلات، أولها هو تكوينها الفصائلي، وتناقض ايديولوجيتها وخطابها وأهدافها، وثانيهما ضيق أفق هذه الفصائل في الانتقال من معايير الفصائل المقاتلة إلى معايير الدولة، وثالثهما تغليب الأهداف المرحلية، على نشر ثقافات المحاكمة والمحاسبة، وتجلى ذلك في التصيّد والانتقام واعتقال الآلاف من جنود وعساكر النظام السابق ممن ينتمون لأقلية معينة، وليس المقصود في الانتقام هو فقط الانتقام الجسدي، من شخصيات وأقليات، ولكن أيضاً الانتقام الرمزي من فصل موظفين ينتمون للأقليات، وقطع رواتب لعاملين ومتقاعدين، في الفترة التي شهدت فيها سوريا وجود بضائع باسعار أقل غلاء، لكن مع انقطاع الرواتب والأجور، وفقدان الأمل في الحصول عليه.
وأردف،” وليس بعيداً أيضاً حجم الأخطار الجسيمة التي تواجه سوريا والسوريين، والإدارة السورية الجديدة، على الصعيد الكياني والجغرافي والوجودي، وتشمل هذه الأخطار، واقع شمال شرق سوريا، والواقع الذي تفرضه اسرائيل في الجنوب، والذي تفرضه تركيا في عموم سوريا، والتنازع العربي والإقليمي على تركة النظام المجرم الثقيلة”.
وتابع،” تتعلق الشروط الأوروبية لتخفيف العقوبات، بقبول الإدارة الجديدة وتسهيلها شروط التوصل لحلول سياسية، ولطالما أتى الضغط الاقتصادي الغربي والأمريكي على النظام السوري البائد، في سياق تقديم النظام تنازلات تتعلق بالحل السياسي، ومعالجة الأزمة العامة، وما يتعلق بها من لاجئين ونازحين وتجارة مخدرات. وتأتي خارطة الطريق “الخفيفة” الاوروبية هذه، ضمن نفس الميزان، وتحت عنوان مراقبة سلوكيات الإدارة الجديدة، مع ترافق شروط تتعلق بتطبيق القرار الدولي 2254 أو مشروع قرار معدل عنه، يضع سوريا على طريق قد يؤدي إلى مشروع دولة”.
ووفق إبراهيم فما تحتاجه سوريا اليوم، هو تسهيل واقعين قد يفتحان هوامش الأمن والأمان، هما واقع الضغط الحقيقي للوصول إلى تسويات سياسية، وعدالة انتقالية،وواقع التعافي الاقتصادي عبر فتح مجالات الاستثمار وإعادة الإعمار واللاجئين.
وعلق الخبير الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي،في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، معتبرا أنه لايمكن لخارطة الطريق الأوروبية أن تحقق الكثير لسوريا سواءً المساعدات أو إصلاحات قطاع الطاقة لأن الشأن المالي يبقى مرهون العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي تضم عقوبات قطاعية منها المالي وأخرى سنوية ، لافتا إلى أن الشأن المالي والبنك المركزي طالما لازال تحت العقوبات الأمريكية تحتاج أوروبا لتأخذ تصريح أو استثناء أو إعفاء من الرئيس الأمريكي حتى تستطيع العمل مع البنك المركزي لكي لا تُعرض نفسها لعقوبات اقتصادية وبالتالي لا يمكن أن تنفذ الآن أي شيء قبل رفع العقوبات الأمريكية.
وأفاد بأن الإجراءات يمكن أن تساعد في الاستقرار الأولى المعيشي والاقتصادي، مؤكدا أنه كان من الضروري المطالبة الفورية بفتح صندوق التعافي المبكر الذي كان مزمعا فتحه قبل سقوط النظام في نوفمبر الماضي وبشّر به مدير مكتب الإغاثة النظامية في دمشق الذي كان واضحا أنه من أجل تعويم النظام ولكن عندما سقط الأسد اختفى هذا الصندوق بالتالي يجب المطالبة به ويمكن للدول الاوروبية تأسيس صندوق تعافي مبكر فورا كمل كانت ستفعل قبل انتصار الثورة .
وذكر الخبير الاقتصادي أنه سُرب أن ذلك الصندوق كانت ستكون قيمته 500 مليون دولار في ذلك الوقت لكن الشعب السوري متفاجئ من اختفاء الصندوق وعدم الحديث عنه نهائيا رغم زيارة نائب الأمين العام للإدارة الجديدة وهو نفسه الذي كان مسؤولا عن هذا الصندوق الذي يُسهل التعافي المبكر.
وكشف أن الإدارة الحالية سترسل قريبا رسالة إلى الجانب الألماني من أجل استبدال ممثل الائتلاف المنحل بشخصية من وزارة الاقتصاد في صندوق الائتمان السوري.
وأكد محسن حزام القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سوريا، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مسألة إلغاء العقوبات عن سوريا أصبح الآن مسار إهتمام المنظمات والهيئات الدولية لأهميتها في دفع المرحلة الجديدة بعد انتهاء مرحلة النظام الأسدي ودخول دمشق في مرحلة جديدة بعد التحرير، مشيرا إلى أن العقوبات التي كانت مفروضة على النظام البائد وعلى بعض الأفراد والمؤسسات التابعة له الهدف منها محاصرته عن طريق العقوبات من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي للحد من ممارسات النظام غير الإنسانية تجاه الشعب السوري، موضحا” صحيح كان لها التأثير المباشر على نشاطات النظام غير القانونية لكن استطاع النظام وحلفائه الإلتفاف عليها وبقيت عامل ضغط على الشعب السوري في المستوى الاقتصادي والاجتماعي ،اليوم بعد هروب النظام لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار هذة العقوبات وعلى هذه الجهات التي فرضتها أو التزمت بها أن تعيد النظر في ذلك من منطلق مساعدة المرحلة الجديدة في سوريا من أجل تأمين بيئة آمنة للمرحلة الإنتقالية التي تحتاج الى تنمية مستدامة وإعادة بناء وإعمار على كافة المستويات”.
وتابع حزام،” إن خطوة الإتحاد الأوروبي في تخفيف بعض العقوبات خطوة إيجابية في دعم القيادة المؤقته في سوريا ولو كانت مشروطة وعلى خطوات ” خطوة مقابل خطوة ” بمعنى مطلوب من الإدارة الجديدة أن تتجاوب مع ضرورات المرحلة الراهنة التي تعتبر مطالب خارجية واستحقاق داخلي وطني، أوصلتها الوفود التي التقت مع احمد الشرع قائد المرحلة الانتقالية المؤقته في قصر الشعب أو عبر وسائل الإعلام بما يخص مشاركة كافة النسيج المجتمعي في صناعة مستقبل سوريا ،وإن تكون سورية دولة آمنة تجاه دول الجوار غير مصدرة للإرهاب مع حماية الأقليات ومشاركة المراة في كافة المجالات ،مع الحفاظ على دور سورية المستقر في المنطقة الذي يؤمن السلم والأمن الدوليين”.
وفي مايخص الجانب الأمريكي في مسألة رفع العقوبات، اعتبر محدثنا أنه مرتبط بما تقدم عليه الإدارة الجديدة من خطوات تنسجم مع المطالب التي ذُكرت، وهي تراقب الوضع عن كثب مع العلم ان هذا الفعل يعتبر تدخل في الشؤون السيادية لسوريا وفرض اشتراطات تعتبر غير ملزمة ،لكن حاجة البلد للانتهاء من هذه العقوبات تتطلب العقلانية في التعامل مع هذه المطالب التي تعتبر من الضرورات الهامة بعد خلع النظام السابق.
ويرى أن هناك حراك واسع من المنظمات المدنية للجاليات السورية في كل من أوربا وأمريكا من أجل رفع العقوبات