من كتابة سبق
الاثنين 28- نيسان -2025
تتجه الأنظار هذا الأسبوع إلى لاهاي، حيث تمثل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، في مواجهة قانونية محتدمة، على مدار خمسة أيام، سيقدم محامون يمثلون أكثر من 40 دولة ومنظمة حججهم ضد تل أبيب، مطالبين بإصدار رأي استشاري يدين قرارها بوقف جميع أشكال التعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، واعتباره انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، لا سيما في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة المحاصر، الذي يعتمد بشكل أساسي على “الأونروا” في توفير الغذاء والتعليم والخدمات الصحية لنحو مليوني فلسطيني، ما يضفي على هذه المواجهة القضائية بعداً إنسانياً ملحاً وغير مسبوق.
أزمة تتفاقم
ويُسلّط التحدي القانوني الضوء على قرار إسرائيل في الثاني من مارس بفرض حصار شامل على دخول المساعدات إلى غزة، وهو إجراء أثار إدانات دولية واسعة، ورغم أن الجلسات ستركز على مسألة انتهاك إسرائيل لحصانات هيئة أممية، فإن سياق الأزمة الإنسانية الطاحنة يظل حاضرًا بقوة، وكانت إسرائيل قد قطعت جميع الاتصالات والتعاون مع عمليات “الأونروا” في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية منذ نوفمبر الماضي، استناداً إلى ادعاءات غير مؤكدة بوجود تغلغل لعناصر من حركة حماس داخل الوكالة، وفقاً لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
ويعكس الواقع على الأرض خطورة الوضع، حيث أكد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة مؤخراً نفاد مخزونه من المواد اللازمة لإعداد وجبات ساخنة في غزة، ووصف المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، ما يحدث بأنه “مجاعة من صنع الإنسان”، وهو تقييم حذر منه حتى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي قال إنه حث إسرائيل على السماح بدخول الغذاء، وهذه الشهادات تعزز الحجة القانونية ضد إسرائيل وتؤكد على الحاجة الملحة للتدخل الدولي.
تحدي الشرعية
وطلبت 45 دولة ومنظمة، بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها، رأياً استشارياً من محكمة العدل الدولية المؤلفة من 15 قاضياً بشأن شرعية الإجراءات الإسرائيلية، وتُعدّ الولايات المتحدة والمجر الدولتين الوحيدتين اللتين من المرجح أن تدعما الموقف الإسرائيلي في المحكمة، وقدمت إسرائيل دفاعاً كتابياً، لكنها لن تقدم مرافعة شفوية خلال جلسات هذا الأسبوع، مفضلةً على ما يبدو الاكتفاء بتقديم حججها مكتوبة.
وتمثل هذه الجلسات اختباراً مهماً لمدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي، خاصة بعد سلسلة من قرارات محكمة العدل الدولية في يناير ومارس ويونيو التي طالبتها باتخاذ خطوات فورية للسماح بوصول المساعدات إلى غزة دون عوائق. وفي يوليو 2024، أصدرت المحكمة رأياً استشارياً آخر اعتبر احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، لكن إسرائيل تجاهلت هذه الأوامر الاستشارية، مما فاقم أزمة الثقة في مصداقية النظام القانوني الدولي وقدرته على فرض الامتثال، وهذا التحدي العلني لقرارات أعلى هيئة قضائية دولية يثير تساؤلات جدية حول مستقبل القانون الدولي ودوره في حل النزاعات.
حجج متباينة
وتستند الدعوى القانونية التي رفعتها الأمم المتحدة على أكثر من 1500 وثيقة، بما في ذلك محاضر مجلس الأمن والجمعية العامة واتفاقيات تشغيلية تاريخية مع إسرائيل، توضح الوضع القانوني للأونروا ونشأتها ودورها ضمن هيكل الأمم المتحدة، وستُقدم الأمم المتحدة حججها من قبل مستشارتها القانونية الجديدة، المحامية والدبلوماسية السويدية إلينور هامارشولد.
في المقابل، قدمت منظمات مثل “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” دفاعاً عن موقف تل أبيب، زعمت فيه أن إسرائيل لها الحق في إنهاء اتفاقها مع “الأونروا” ومنع أي هيئة أممية من العمل على “أراضيها السيادية”، لا سيما في وقت الحرب، كما جادلت هذه المنظمة بأن إسرائيل “حرة” في اختيار كيفية الامتثال لالتزاماتها بتسهيل المساعدات ولا يتعين عليها بالضرورة القيام بذلك تحت مظلة “الأونروا”.
ضغوط أمريكية
وفي خطوة بدت وكأنها رسالة موجهة إلى الأمم المتحدة قبل بدء القضية، أبلغت وزارة العدل الأمريكية المحكمة الجزئية في نيويورك الخميس الماضي أن “الأونروا” وموظفيها لا يتمتعون بالحصانة في المحاكم الأمريكية، متراجعة بذلك عن موقف سابق لإدارة الرئيس السابق جو بايدن.
وفي ظل الأزمة الوجودية التي تواجهها “الأونروا”، عينت الأمم المتحدة الدبلوماسي البريطاني السابق إيان مارتن لإجراء مراجعة شاملة لدور الوكالة المستقبلي ووضعها المالي، فهل تنجح الضغوط القانونية في لاهاي في فك الخناق عن هذه الشريان الإنساني الحيوي، أم ستظل “الأونروا” ومستقبل المساعدات في غزة رهينة التجاذبات السياسية والقانونية؟

“لن نشارك في السيرك”.. إسرائيل ترفض التعاون مع العدل الدولية
سكاي نيوز عربية – أبوظبي
الاثنين 28- نيسان -2025

اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، محكمة العدل الدولية بأنها “هيئة مخزية”، مؤكدا أن بلاده قررت عدم التعاون معها في مناقشات تتعلق بانتهاكات مزعومة للقانون الدولي من قبل إسرائيل.
وقال ساعر خلال مؤتمر صحفي: “قررنا عدم المشاركة في هذا السيرك. لو كانت هناك جهة يجب أن تحاكم، فهي وكالة الأونروا والأمم المتحدة نفسها”.
وأضاف: “الأونروا قامت بتوظيف مئات الإرهابيين الذين شاركوا في المجزرة”.
واتهم ساعر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالتواطؤ مع هذه الأفعال، مؤكدا أنه كان على علم بما يحدث في الأونروا، لكنه لم يتخذ أي إجراء حيال ذلك.
وشدد ساعر على أن “إسرائيل حذرت غوتيريش من هذه الانتهاكات، لكنه لم يفعل شيئا”.
اتهامات بعرقلة إيصال المساعدات
وتعتزم محكمة العدل الدولية، الإثنين، بدء جلسات استماع بشأن التزام إسرائيل بـ”ضمان وتيسير” إيصال المساعدات الإنسانية المطلوبة على عجل للمدنيين الفلسطينيين، مما يعيد تسليط الضوء على النزاع الدائر في غزة داخل أروقة المحكمة في لاهاي.
وقررت المحكمة عقد جلسات على مدى أسبوع استجابة لطلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، دعت فيه محكمة العدل الدولية إلى إصدار رأي استشاري بشأن المسؤوليات القانونية المترتبة على إسرائيل بعدما قامت بمنع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من العمل على أراضيها.
وفي قرار قدمته النرويج، طلبت الجمعية العامة رأيا استشاريا من المحكمة، وهو قرار غير ملزم لكنه يحمل أهمية قانونية، بشأن التزامات إسرائيل في الأراضي المحتلة تجاه “ضمان وتيسير إيصال الإمدادات اللازمة على عجل لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين دون عوائق”.
وتبدأ الجلسات في وقت يشارف فيه نظام المساعدات الإنسانية في غزة على الانهيار، إذ منعت إسرائيل دخول الغذاء والوقود والدواء وسائر الإمدادات الإنسانية منذ 2 مارس.
مطالب بالتدخل العاجل
وأكدت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، أن الوضع في قطاع غزة يتطلب تدخلا عاجلا لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية.
وأشارت إلى أن المعاناة الإنسانية تتفاقم بشكل كبير في ظل الأزمة الحالية، داعية إلى ضرورة توفير المساعدات بشكل سريع وفعال لتلبية احتياجات السكان.
ونددت المسؤولة الأممية بالممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة، مؤكدة أن هذه الممارسات لا تتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان الدولية.
كما أشارت إلى أن إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة لا يتم بشكل كامل، وأن هناك العديد من العراقيل التي تحول دون وصول المساعدات إلى المدنيين في الوقت المناسب.
وشددت على أهمية الالتزام التام بخطة الإغاثة التي تم وضعها لغزة، داعية إلى التنسيق بين كافة الأطراف المعنية لتسريع الإجراءات وضمان وصول الإغاثة بشكل آمن وفعال.
وطالبت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بحماية الطواقم الطبية العاملة في غزة وضمان احترام تحركاتهم.