الكلمة التي ألقاها الأخ الأمين العام للاتحاد المهندس أحمد العسراوي في منتدى الكواكبي خلال حضوره فعالية في دار الكتب الوطنية في حلب بتاريخ 17 نيسان 2025 في الذكرى التاسعة والسبعين لجلاء المستعمر الفرنسي عن سورية، بعنوان:
“سورية على طريق الخلاص وإعادة البناء”
الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أبارك لمنتدى الكواكبي للحوار الوطني استعادة نشاطه بشكله العلني، وأثني على الموقف الرسمي الإيجابي للإدارة السياسية بهذا الخصوص، بعد زوال نظام آل الأسد الذي عمل على تصحر الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وإعدام مفاعيلها، خلال فترة اختطافه للوطن التي دامت خمس وخمسين عاماً.
وأشكر القائمين على المنتدى على هذه الدعوة، وللأخوات والأخوة الحضور، واجدد شكري على اختيارهم مناسبة ذكرى الاستقلال لهذا اللقاء لتكريس دلالاته الوطنية الجامعة في مقاومة الاحتلال الفرنسي وكل الاحتلالات الأخرى، ونستحضر في ذلك اليوم الأغر من حياة سورية المعاصرة والتي كانت القلب النابض للعروبة معاني الاستقلال الذي سطره أعلام من المقاومين الأحرار في الثورة السورية الكبرى (السلطان باشا الاطرش وصالح العلي وإبراهيم هنانو وعبد الرحمن الشهبندر ورفاقهم) حملة راية التحرير، الذين باتوا عناوين للعزة والكرامة والعطاء.
ومن نافلة القول كلما ذكرت حلب لابد من استحضار علم من أعلامها البارزين” المفكر عبد الرحمن الكواكبي ” الذي تحدث في وقت مبكر عن قيم الحرية والديمقراطية، وعقابيل الاستبداد وخصائصه، وما يمكن لهذا الوباء أن يفعله في جسد المجتمع، وأفكاره حول أهمية وحدة الأمة العربية والإسلامية ومهام كل منها في تعظيم المشتركات بين هذه المجتمعات، وتعزيز أواصر التعاون والتعاضد والقوة، ونلحظه في إنتاجه الفكري المتمثل بعضه في “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”، وفي “أم القرى”، الذي يتطابق وبشكل جلي مع مرحلة الاستبداد الأسدي الذي كرس المعاناة والقهر والاستعباد ولازالت جرائمه مستمرة بتأثيرها لهذا التاريخ .ونؤكد أيضا المكانة الخاصة لمدينة حلب التي تميزت بها ،حيث كانت إحدى العناوين المهمة في الحركة الوحدوية العروبية .
الأخوة والأخوات الكرام
إن ما أقدم عليه نظام الإبادة بعد انطلاق الثورة السورية الحديثة من عنف دموي مفرط مع الشعب السوري دون استثناء نتيجة اختياره للحل الأمني العسكري الذي خلف قتل أكثر من مليون إنسان سوري، بالإضافة الى العديد من المغيبين قسرياً ومن تم تصفيتهم داخل سجون الظلام، وتدمير كل بنى الاقتصاد السوري، وجعل سورية مرتعاً للقوى الطائفية الإيرانية والميليشيات التابعة لها القادمة من لبنان والعراق وكل أصقاع العالم، وإدخال روسيا وقواتها للمساهمة في تدمير سورية، كل ذلك للحفاظ على سلطته وسيطرته على وطننا.
وعلى طول الفترة فشلت كل الجهود التي بذلت لتحقيق الانتقال السياسي وفي كافة المسارات التي تمت تحت الرعاية العربية والأممية ورغم القرارات الدولية التي دانت استخدام النظام البائد الأسلحة المحرمة دولياً، بما فيها الانتهاكات في سجون التصفية والابادة التي وثقتها مؤسسات العدل الدولية وصور قيصر ،مع كل ذلك تم العمل على إعادة تأهيل النظام عربياً ودولياً وكاد أن يستمر لحقبة أخرى لولا ارادة الشعب السوري التي لن تقهر بعون الله، الذي استمرت ثورته أربعة عشر عاماً ليحقق الإنجاز الكبير بخلع النظام وداعميه الذين عملوا على استمرار استبداده ومن ثم على نجاته من المحاكم الدولية والقصاص من القتلة.
تصدر المشهد الفصائل العسكرية التي عملت كل هذه السنين في مواجهة النظام نتيجة انسداد وعطالة المسار السياسي حيث استطاع المقاتلون في آخر المطاف إخراج هذا المسار من عطالته، مستفيدين من كل الظروف التي باتت تحيط بالنظام، وجاء الإنجاز المبارك الذي تحقق بين 29 نوفمبر/ تشرين ثاني، والثامن من كانون الأول / ديسمبر 2024 تاريخ هروب رأس النظام بمساعدة روسية إلى موسكو. وهنا نثني على رؤية السيد أحمد الشرع قائد العمليات العسكرية قبل أن يصبح رسمياً رئيساً للجمهورية العربية السورية، بإن هذا الإنجاز مبني على هرم من التضحيات الشعبية، ومن العمل السياسي والإعلامي والثقافي، شاركت فيه كل القوى الحية في المجتمع السوري.
الأخوة والأخوات الكرام
إن النظام البائد عمل بتخطيط وتصميم وتتابع على تفكيك وشرذمة الحياة السياسية للشعب السوري، وعلى تصحيرها، وعلى العبث بالأحزاب والتنظيمات التي عُرفت بها سورية منذ بداية تاريخها الحديث.
وقد أثرت هذه السياسة الممنهجة سلبياً في كل هذه القوى على عموم الحركة السياسية في سورية، وقد جاء هذا التأثير عبر منافذ عدة من بينها أن النظام كان يتستر بالدعوة إلى الوحدة، وإلى الاشتراكية، كما كان يتستر بالدعوة إلى تحرير فلسطين والمقاومة والاستقلالية، وكان عمله الحقيقي يدمر كل هذه المفاهيم ويقود سورية والمجتمع السوري في اتجاه التمزق والتبعية والتخلف والانقسام الطبقي الاجتماعي، بل ترك البلد بلا جيش أو مؤسسات أو خزينة، تبين لقوى الثورة و المعارضة السياسية أن سورية في حالة انكشاف تام، أمنياً وعسكرياً واقتصادياً ومجتمعياً، وأن إعادة سورية الى بداية الطريق الصحيح يحتاج إلى جهد جبار قادر على مواجهة المخاطر الراهنة والمتمثلة في خطوط عامة أهمها:
1) تأمين وحدة سورية جغرافياً وسياسياً ومجتمعياً، ما يعني تملك القدرة على التصدي لمشاريع تقسيمها، والدعوات المبطنة لحماية “الأقليات”.
2) توفير الأمن الوطني للداخل السوري الذي يحقق السلم الأهلي، والأمن الإقليمي في مواجهة استغلال العدو الصهيوني لهذا الوضع بتصعيد عدوانه على سورية، وقيامه بتدمير كل ما يعتبره خطراً عليه ـ من عناصر القوة والمنعة ـ حال استقراره بيد الإدارة الجديدة.
3) إعادة بناء القوات المسلحة (الجيش، والأمن، والشرطة)، بعد أن تحللت كل هذه القوى وفقدت طبيعتها ووظيفتها على يد النظام البائد. للتصدي لكافة المؤامرات التي تحاك من الداخل والخارج في زرع الفوضى وسحب البلاد الى الاقتتال الأهلي، الذي يتطلب بناء جيش وطني احترافي له هوية وعقيدة عسكرية في ضم كافة الضباط المنشقين للاستفادة من خبراتها في البناء الأكاديمي للجيوش النظامية الذين لم تتلوث أيديهم بدماء السوريين.
4) توفير الحد الأدنى من مستوى الحياة للمواطن السوري الذي قاده النظام البائد إلى مستويات من الفقر لم يشهدها على مدى تاريخه، وهنا تبرز ضرورة معالجة قضايا الكهرباء، والماء، والغاز، والنقل.
5) إعادة بناء العلاقات الإيجابية مع المحيط العربي والدولي في محاولة لدفعهم للمساهمة في التعافي المبكر لسورية، في وقت يضغط فيه الجميع لجعل الثمن بالتخلي عن موجبات الالتزام بمفهوم الأمن الوطني والقومي، وبسلامة الوطن ووحدته، وبثروته وأصوله السيادية، والتسليم للمشروع الصهيوني في إدارة وقيادة المنطقة.
6) التصدي لكل المحاولات المبذولة من قوى عديدة لتركيب سلطة سورية جديدة تقوم وتستجيب لمفاهيم اجتماعية وقيمية لا تخدم سورية ومستقبلها. وتعمل على تفجير صراعات من أنواع مختلفة بين قوى المجتمع المتنوعة.
7) وضع أنظمة وقوانين تعزز الشفافية والوضوح بين مختلف الأطراف وتحقق المساءلة والمحاسبة، وتحقق العدل والأمان، وتوفر المساواة أمام القانون، وهذا ما اصطلح على تسميته بالحوكمة، وأن تستند هذه الحوكمة على أسس دستورية واضحة لمواجهة كل تلك التحديات والمهام. ولضبط حركة القوى الجديدة الحاكمة، ولتوفير سبل المشاركة الشعبية في توفير مستلزمات هذه المرحلة.
ومنذ لحظة الانتصار أعلنا عن أهمية التفاعل الإيجابي مع الادارة الجديدة ،نترقب النتائج ونتابع تصريحات السيد احمد الشرع رئيس الجمهورية في إنجازه للوعود ، باستكمال تحرير البلاد، وتأمين وحدتها الجغرافية والسياسية والمجتمعية، وبتجريد قوى النظام البائد من كل أدوات القوة التي يمتلكونها، من “السلاح، والإدارة، والثروة” داخل الوطن وخارجه، والعمل على توقيف كل المسؤولين عن تلك المرحلة وتقديمهم إلى المحاكمات العادلة التي تلتزم بمبادئ العدالة الانتقالية دون الثأر والانتقام، والكشف عن المغيبين ،والكشف عن الذين تم تصفيتهم في المقابر الجماعية.
وحين أصدرت السلطة الجديدة الإعلان الدستوري التزاماً منها على طريق انجاز الدستور الدائم، والسلطة التشريعية .ولأهمية الإعلان الدستوري فقد وقفنا ملياً أمام هذه الوثيقة، ولحظنا ثغرات فيها كان من أهمها أنها تعمل على مركزة السلطة بيد رئيس الجمهورية، وتجعل شرعية كل السلطات الأخرى مستمدة منه، كما لحظنا ذلك الحذر الذي اتسم به الإعلان حينما تجنب الحديث عن مفاهيم الديمقراطية والتعددية السياسية الحزبية، وتداول السلطة، وبعدم وضوح دور الدولة في الحفاظ على أصول الثروة في سورية، ومن ضمنها القطاع العام، وعدم وضوح التزام الدولة إزاء القوى والطبقات الأكثر فقراً في المجتمع، وملاحظات أخرى خاصة بالالتزام تجاه فلسطين، والأمن القومي العربي.
وقد حرصنا أن تصل ملاحظاتنا إلى القيادة السورية في إطار إيجابي قائم على ترشيد المرحلة الانتقالية المحفوفة بالمخاطر في هذه المرحلة الخطيرة من حياة سورية، ومن منطلق الالتزام بالعمل الديمقراطي، والتعددية السياسية، والحرية الشعبية، مما يعزز قدرة القيادة السورية على مواجهة التحديات والمهام المطلوبة منها.
وحينما تمت أحداث الساحل، وما ارتكب فيها من غدر وقتل لعناصر القوات الأمنية، ثم ما ترتب على تلك الجريمة من تجاوزات وردود فعل قامت بها عناصر مسلحة تعمل مع الدولة بحق المواطنين المدنيين في بعض مناطق الساحل راح ضحيتها مئات من الضحايا، وقفنا موقفاً داعماً لتشكيل لجنة تقصي الحقائق وانتظار نتائجها لإحقاق العدالة على الجميع دون استثناء او تمييز، للرد على مشاريع القوى المضادة وتطمين الأهالي بالقصاص.
وإذا كان تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتهاء عمل حكومة تصريف الأعمال استجابة لوضع محددات الحوكمة، فإن هذا التنوع في تشكيل الحكومة بقي في الحدود الشكلية الدنيا، ولم يرقَ إلى مستوى الطموح الذي كنا ـ وكان كثير مثلنا ـ نتطلع إليه، في التوجه الى الفعاليات السياسية واشراكها في عملية البناء تجسيدا لمفهوم التنوع التي تشير الى حرية العمل السياسي.
الأخوة والأخوات الكرام
لأننا ندرك بإحساس عالٍ من المسؤولية ما أصاب كافة القوى السياسية المعارضة، وكل الحياة السياسية في سورية، بسبب عملية التدمير الممنهجة للمجتمعات الحضرية في سورية، والهجرة القسرية التي أجبر عليها أكثر من نصف المجتمع السوري يتقدمهم عنصر الشباب. ونتيجة التقسيم العملي لسورية وفق “سلطات الأمر الواقع” التي جعلت بلادنا تنقسم إلى أربعة قطاعات منفصلة يصعب التنقل بينها.
إننا نرى أن الهدف هو في إعادة السياسية للمجتمع وللحياة العامة، وأن نفعل التفكير والسلوك الإيجابي بكل جوانب الحياة السياسية والفكرية، وفي اكتشاف أفضل السبل وأكثرها جدوى لتحقيق أهدافنا الوطنية والقومية، ولتحقيق التنمية المستقلة والمستدامة، وتمكين القوى الشعبية، وقوى العمل الرئيسية في المجتمع التي يقع عليها أعباء بناء المجتمع المنشود،
وفي برنامجنا ورؤيتنا السياسية أكدنا على الأولويات التالية:
1) نتطلع إلى إغناء الحياة السياسية والحزبية في سورية، وتعزيز دور وفاعلية منظمات المجتمع المدني، بأشكالها النقابية والثقافية والوظيفية والإنسانية، وجعلها مستقلة وقادرة على الفعل والنمو من خلال الإمكانات المادية التي يوفرها المجتمع نفسه، تحصيناً لها من تأثير أي تمويل خارجي.
2) الانتهاء من فكرة العمل الحزبي السري قدر الممكن، الذي حكم نشاط القوى السياسية عامة، واليوم نتطلع لأن تكون كل أشكال العمل السياسي والاجتماعي تحت رعاية القانون وبحمايته.
3) نهدف وبإرادة واعية الى عرض كل الأفكار والمفاهيم والخطط وأساليب عملنا على أوسع قاعدة شعبية وسياسية لتشاركنا في عمليات المراجعة والنقد والتفكير وصولا لصوغ ميثاق عمل سياسي لنا، يرشدنا لسنوات قادمة تغطي على الأقل الفترة اللازمة لنهوض سورية واستعادتها عافيتها، وهذه فترة ليست بالقليلة.
4) مازلنا نعمل على بناء تحالفات سياسية على أوسع مدى ممكن للعمل على دفع مجتمعنا ودولتنا لإنجاز التعافي بأقل تكلفة وبأسرع وقت.
وإذا كان لي أن اختم ورقتي هذه فإني أكثف الخاتمة في عدة نقاط نراها أولوية توجهنا في هذه المرحلة، وتهيئ لنا فرص الاطلالة على المرحلة القادمة مرحلة الدستور الدائم والحياة السياسية والاجتماعية المستقرة:
1) الالتزام بالعمل على توفير كل السبل حتى لا ينتكس الإنجاز الذي تم في ٨/١٢/٢٠٢٤ عبر بناء نظام متماسك مؤسس قانونياً ودستورياً ضمن آليات واضحة وشفافة في خطة عمل الحكومة الجديدة للبناء والتطوير.
وهنا نقول: إن الفشل ممنوع، وسيكون كارثياً حتى على وجود الوطن إذا حدث ذلك لا قدر الله، وإن الجميع، جميع القوى الوطنية السياسية والعسكرية والمواطنين سيتحملون دون استثناء مسؤولية الفشل، وستقع المسؤولية الأولى لهذا الفشل على السلطة الجديدة بحكم مكانتها ودورها.
2) تأمين وحدة سورية الجغرافية والمجتمعية وعلى قاعدة المواطنة، حيث للمواطن السوري الحرية الكاملة في أن يملك ويعمل ويستثمر ويقيم في أي مكان على الأرض السورية. لا يمنعه من ذلك اختلاف في الدين أو المذهب أو الخصوصية العرقية. وحيث أن المواطنين جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات تحت سقف القانون، وفق نص الدستور.
إن الطائفية هي النقيض لمفهوم المواطنة، ويجب أن تسقط الطائفية والتحريض عليها مرة واحدة ونهائية وكذلك سردية حماية الأقليات التي تعتبر جزء فاعل ضمن الأكثرية المتعايشة مع الجميع بذات الحقوق والواجبات تحت سقف القانون ومشرعنة ضمن الدستور.
3) بناء الجيش الوطني، والأمن الوطني العام على قاعدة المواطنة، أي بمشاركة كل مكونات المجتمع السوري، لا يقصى عنه أحد بسبب الدين أو العرق أو المذهب. وبما يحفظ ويحمي الوطن، ويحقق الاستقلالية له، ويتصدى لأي عدوان قد يستهدفه، والتعاون مع كل المحيط العربي والإقليمي لتحقيق هذا الهدف. ونحن كنا وما زلنا مع تفعيل مفهوم ” الخدمة العسكرية” وإعادة النظر بأسسها باعتبارها الأداة الأكثر فاعلية في هوية هذا الجيش وعقيدته العسكرية بقيم وطنية راسخة. وللحيلولة دون ولادة جيش له سمات فصائلية ذات مرجعيات متعددة.
4) العمل الدؤوب على تحقيق العدالة الانتقالية، باعتبارها مدخلاً ضرورياً للمجتمع الآمن، والطريق لمعالجة مخلفات مرحلة النظام البائد والانتقال من موجات الانتقام الفردي أو الجماعي ـ كما حدث في الساحل مؤخرا ـ إلى مسارات العدالة التي يقيمها القانون وتحميها الدولة.
5) العمل السريع والحاسم لإغلاق ملف المغيبين قسرا، وكشف مصائرهم، وإصدار كل ما يخص الوضع القانوني والانساني لأسرهم. وهذا ملف طويل يغطي نحوا من خمسة وأربعين عاما على الأقل.
6) الدفع لبناء حياة سياسية سورية صحيحة قائمة على مفهوم الديمقراطية وآلياتها، وعلى التعددية السياسية الحزبية، وعلى حرية الصحافة، وشفافية الممارسة، وتقويم دور النقابات المهنية، على قاعدة الثقة بالشعب السوري، وبقدرته على الاختيار، وحقه في ذلك. وتشجيع إقامة منظمات المجتمع المدني وتوفير الاستقلالية لها، باعتبارها إحدى مكونات النظام الديمقراطي.
7) بناء منظومة عمل اقتصادية، توفر للمجتمع مطلبي “الكفاية والعدل”، بما يعني ذلك من توفير الاحتياجات الرئيسية للمواطن السوري، والبيئة المناسبة للاستثمار. والاستقلالية الاقتصادية للمجتمع. وبما يساعد على إعادة بناء وطننا المدمر، ويشجع النظام العربي والدولي على المساهمة الجادة في انجاز هذه المهمة. والعمل على إطلاق منظومة قانونية ومؤسساتية تستهدف استرجاع ثروة المجتمع التي نهبها النظام السابق سواء كانت داخل سوريا أو خارجها.
نحن من الذين يؤمنون بأن اعتماد مفهوم ” النظام الاقتصادي الحر” لا يمكن أن يوفر أي أساس حقيقي لنهضة سورية، وخصوصاً في هذه المرحلة. إن من شأن هذا “الشعار / المفهوم” أن يبدد ما يملكه المجتمع من ثروات تمثل بعضها في القطاع العام تحت وهم أنه قطاع خاسر، وهذا حكم جائر ومموه، لا يريد الخير لهذا الشعب، وأمامنا شريحة من الاقتصاديين والتجار مع هذا التوجه الذي كان من نتيجته ضياع الثروة التي يمثلها هذا القطاع في مختلف المجالات لصالح نمو رأسماليات طفيلية لم تقدم لوطنها أي خير.
نحن نتطلع إلى نهوض اقتصادي سوري قائم على التعاون والتكامل بين القطاعات الأربعة: العام، والخاص، والتعاوني، والوقفي. كما نتطلع الى استجلاب الاستثمار الخارجي العربي والدولي للمساهمة في نهوض سوريا وتوفير البيئة الاستثمارية القانونية والآمنة والشفافة الجاذبة له.
8) تعزيز كل الفرص لإعادة بناء منظومة التعليم في سورية على قاعدة كفاءة قطاع التعليم الحكومي، باعتباره القطاع الرئيسي للتعليم، واستعادته لمكانته التي كان عليها، بعناصرها الرئيسية “المعلم، مناهج العلم والتربية، والتكنولوجيا، وانشاءات البنية الأساسية”.
9) صون وتعزيز الثروة الوطنية بمختلف مظاهرها باعتبارها أصول وطنية لا يجوز التفريط بها تحت أي اعتبار، وبناء شراكة حقيقية بين القطاعات الاقتصادية وأشكال الملكية الإنتاجية المتعددة العامة، والخاصة، والتعاونية، والوقفية.
10) تعزيز الموقف التاريخي الثابت لسورية تجاه أمتها العربية وقضاياها وفي المقدمة منها قضية فلسطين الوطن والشعب، لتكون سورية دائما قلب العروبة النابض.
11) العمل المكثف مع كل القوى الوطنية ومع السوريين عموما حتى يتضمن الدستور الدائم المرتقب لسورية كل هذه الأهداف، ومعززا لها.
سورية واحدة، أرضاً وشعباً، واضحة الهوية، يعطيها تنوع مكوناتها مزيداً من القوة والفرادة، يقوم نظامها على مفاهيم المواطنة والعدل والمساواة أمام القانون، وعلى التعددية السياسية والتنافس بين القوى السياسية وفق برامج تستهدف رفعة الوطن والمواطن، وكرامة السوري وحرمة دمه تتقدم على كل شيء.
وأنا أدعوكم جميعاً للعمل من أجل هذا الهدف. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حلب 17/4/2025 م. أحمد العسراوي