بغداد – سكاي نيوز عربية
19/6/2023
الصور جاءت في تقرير للصليب الأحمر الدولي
© Sky News Screen Grab
مع تصاعد تحديات التغير المناخي التي تعصف بالعراق، نشرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، السبت، تقريرا بعنوان “بالصور لا الأرقام: ماذا فعل التغير المناخي في العراق؟” تضمن مجموعة من الصور الصادمة التي توثق فداحة التدهور البيئي الذي تعيشه بلاد الرافدين.
وجاءت الصور في إطار مسابقة للتصوير الفوتوغرافي عن آثار التغير المناخي، نظمتها بعثتها في العراق العام الماضي بالتعاون مع الهلال الأحمر العراقي، وذلك في محاولة لإعادة تسليط الضوء على تفاقم خطر التغير المناخي على بلاد الرافدين، مع تسارع وتيرة الاحترار والجفاف وشح المياه والتصحر وتقلص المساحات الخضراء .
الصورة بألف كلمة
وتسلط مبادرة المنظمة الدولية هذه وفق خبراء الضوء على ضرورة توثيق تداعيات التغير المناخي وآثاره عبر الصور والمقاطع المصورة، التي يمكنها إحداث فرق والتعريف بشكل ملموس ومباشر بخطورة ما يحدث، فالصورة بألف كلمة كما يقال .
واعتبرت المنظمة أن التدهور البيئي هو قضية محلية عراقية وعالمية، وأن من الملحّ تطوير هكذا مبادرات توعوية لجعل هذه القضية محورا دائما للبحث والنقاش، وصولا لكبح تدهور المناخ وتطرفه ووضع الحلول والمعالجات الضرورية والمستدامة .
يقول الخبير البيئي العراقي الدكتور رمضان حمزة، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية :
* توثيق تداعيات ظاهرة التغير المناخي عبر الصور مهم جدا لعرض مدى فداحة التدهور البيئي والمناخي على عامة الناس، بحيث لا تبقى فقط هذه المسألة حبيسة أروقة الأوساط العلمية والأكاديمية أو الوزارات المختصة، وهو ما يسهم في التأثير أكثر على مشاعر المتلقي وعواطفه وإدراكه عبر معاينة مدى الضرر الذي لحق بالبيئة من حوله، لكنها مع ذلك قد لا تكون بالضرورة معبرة دوما عن كامل المشهد، وقد لا تعكس الواقع بكافة تفاصيله.
* دور مثل هذه المبادرات محفز ولا شك لتسليط الضوء على الصورة الكاملة لتغير المناخ، والذي هو مشكلة عالمية وجودية تحتاج لمعالجات علمية وجادة بجداول ومعلومات وأرقام وتحليلات ومحاكاة واستنتاجات ومن ثم إقرار حلول، لكنها تبقى مبادرات رمزية تكشف هول الكارثة فقط، وتضغط لدفع السلطات والسكان نحو الوعي أكثر بخطورة الوضع جراء استشراس ظاهرة التغير المناخي في العراق.
* الحلول والمعالجات فهي تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومات والوزارات المعنية، وبالتشاور والتنسيق مع الخبراء والمختصين والمنظمات الأممية، ولعل أهم خطوة في هذا المجال في العراق هي البدء بممارسة ضغوط دبلوماسية وسياسية مكثفة حيال بلدان المنبع المجاورة للعراق، والتي تساهم بسياساتها المائية المجحفة في تعاظم خطر شح المياه والجفاف والعطش في بلاد الرافدين، عبر التجاوز على حصصها وحقوقها في نهري دجلة والفرات وروافدهما.
* التغير المناخي يعصف بشدة بالعراق، والذي يعاني للموسم السادس من الجفاف، وعواقبه ستمتد لسنوات طويلة تطال مختلف أوجه الحياة والانتاج والنشاط الإنساني، وتترتب عليه أزمات اجتماعية واقتصادية وأمنية متداخلة ومعقدة، ولا سيما في المجتمعات المحلية الأكثر هشاشة وتضررا في المناطق الريفية والطرفية.
* من المهم جدا العمل على نشر الوعي البيئي أكثر، والتعريف بمخاطر ومدى تعاظم ظواهر تطرف المناخ وتغيره، عبر تنظيم فعاليات ومبادرات ترصد الواقع البيئي المتأزم بتفاصيله عن كثب، وتنقله للناس وبما يجعله قضية رأي عام .
أرقام ونسب صادمة
* العراق خامس البلدان الأكثر تعرضا للتدهور المناخي عالميا، نظرا إلى الظواهر المناخية العنيفة مثل درجات الحرارة العالية، وعدم كفاية الأمطار ونقص هطولها، والجفاف وندرة المياه، وتكرار العواصف الرملية والترابية والفيضانات.
* في عام 2013 مثلا هبت على العراق أكثر من 300 عاصفة رملية، بينما في الفترة ما بين عام 1950 إلى عام 1990 كان عدد العواصف الرملية أقل من 25 عاصفة في السنة الواحدة فقط .
* 94% من النازحين في محافظات العراق الجنوبية ذكروا ندرة المياه سببا رئيسيا لنزوحهم.
* في عام 2001 اختفى 90% من الأهوار ففقد العراق التنوع البيولوجي، وكان ذلك سببا للنزوح واسع النطاق.
الزراعة الذكية أمل يتشبث به العراق قبل اختفاء المحاصيل
كيف تأثرت مزارع النخيل في العراق بالجفاف وقلة الأمطار؟
تتحرك الحكومة العراقية في عدة اتجاهات لملاحقة آثار تغير المناخ على الزراعة والمياه، ومن ذلك اعتماد الأساليب الحديثة في الري و”الزراعة الذكية” للنجاة من شبح نفاذ المخزون المائي واختفاء المحاصيل الاستراتيجية.
والخميس، صرح وكيل وزارة الزراعة العراقي، ميثاق عبد الحسين، بأن بلاده تخطط لرفع الإنتاج الزراعي لمحصول الحنطة للموسم المقبل باستخدام التقنيات الحديثة، والتوجه نحو الزراعة الذكية باستخدام المرشات الحديثة لمواجهة شح المياه وتغير المناخ.
وخلال مشاركته في إطلاق مشروع الأسر الريفية في جنوبي العراق، لفت إلى أنه بالتعاون مع كندا وبرنامج الأغذية العالمي (الفاو) فإن “الموسم الزراعي الماضي سجل نجاحات كبيرة، وحقق نحو 4 ملايين و500 طن من محصول القمح، وهي معدلات ممتازة”.
وتابع: “ليس أمام العراق سوى التوجه نحو الزراعة الذكية واستخدام التقنيات الحديثة لتطوير القطاع الزراعي؛ لمواجهة المتغيرات المناخية وقلة التدفقات المائية في نهري دجلة والفرات”.
خطة متكاملة
المستشار السابق للجنة الزراعة والري بالبرلمان العراقي، عادل المختار، يرسم لموقع “سكاي نيوز عربية” صورة لانعكاس حالة المياه والمناخ على زراعة بلاده:
شح المياه والتغيرات المناخية أثرت بشكل كبير على المحاصيل الإستراتيجية في العراق، وكذلك على بقية المحاصيل، والثرة الداجنة والحيوانية في تراجع خطير.
الثروة السمكية أيضًا تأثرت بشكل كبير بسبب الشح المائي؛ وبالتالي احتياجات العراق من اللحوم والأسماك أصبحت مهددة أيضًا.
خطة التعويض
عن خطة الحكومة لتعويض هذا النقص ومعالجة تأثيرات المناخ، يقول المختار:
العراق يحتاج إلى خطة متكاملة وثورة زراعية يقودها فريق خبراء لمواجهة نوبات الجفاف الحادة المتوقع أن تضرب البلاد السنوات القادمة، بجانب تأثرها بسد الجزرة التركي الذي يسبب جفاف مياه نهر دجلة.
اللجوء إلى التقنيات الحديثة أو الزراعة الذكية عمل كبير يحتاج لوقت وإمكانات كبيرة، والأزمة الحالية تحتاج لحلول سريعة لتوفير احتياجات العراقيين العاجلة؛ لذلك ينبغي أن يصاحبها تحركات سريعة لرفع إنتاجية محصول القمح.
الخزين المائي مهدد
حذرت وزارة الموارد المائية في العراق في مارس الماضي، من أن الوضع المائي هو الأكثر حرجا منذ ثلاثينيات القرن الماضي، كما جاء في تصريحات صحفية لمدير الهيئة العامة للسدود والخزانات بالوزارة، علي راضي ثامر.
وتفصيلا، فإن الخزين المائي في وضع حرج جدا، ومجموع الخزين الحالي يتراوح بين 7 و7.5 مليار متر مكعب، فيما كان يتراوح في نهاية 2019 ما بين 55 و60 مليار متر مكعب، وهو فرق شاسع جدا.
أحد أسباب هذا التراجع هو تتابع المواسم الشحيحة في الأمطار، وهذا العام مر على العراق رابع موسم شحيح، فضلا عن قلة الإيرادات المائية الوافدة من ناحية تركيا، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة.