فلسطينيون في خان يونس يتجمعون يوم الجمعة لشراء الخبز، وسط شح في الموارد الغذائية والوقود، مع احتدام الصراع بين إسرائيل وحركة (حماس) في قطاع غزة. تصوير: إبراهيم أبو مصطفى – رويترز © Thomson Reuters
من نضال المغربي وجيمس ماكنزي
السبت 18 / 11 / 2023
غزة/القدس (رويترز) – قال مسعفون إن ضربات جوية إسرائيلية على مبان سكنية في جنوب قطاع غزة قتلت ما لا يقل عن 32 فلسطينيا يوم السبت، بعد أن أصدرت إسرائيل تحذيرا جديدا للمدنيين للفرار في أحدث مؤشر على أنها تخطط لمهاجمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الجنوب بعد السيطرة على الشمال.
مشهد لغارة جوية في قطاع غزة، الذي يشهد صراعا بين حركة (حماس) وإسرائيل، يوم الجمعة. تصوير: ألكساندر إيرموشينكو – رويترز © Thomson Reuters
وقد تجبر مثل هذه الخطوة مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين توجهوا جنوبا هربا من الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة على الانتقال مرة أخرى، جنبا إلى جنب مع سكان مدينة خان يونس التي يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الخطيرة.
وقال مارك ريجيف، أحد مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لشبكة (إم.إس.إن.بي.سي) يوم الجمعة “نطلب من الناس الانتقال. أعلم أن الأمر ليس سهلا بالنسبة للكثيرين منهم، لكننا لا نريد أن يقع المدنيون في مرمى إطلاق النار”.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ أن قتل مسلحو الحركة 1200 شخص وأخذوا 240 رهينة في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، تقصف إسرائيل معظم أنحاء مدينة غزة ودكتها دكا، وأمرت بإخلاء النصف الشمالي بأكمله من القطاع، مما أدى إلى تشريد نحو ثلثي سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون. ويخشى الكثيرون ممن فروا أن يصبح نزوحهم دائما.
وأعلنت السلطات الصحية في غزة يوم الجمعة ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من 12 ألف شخص، منهم 5000 طفل. وتعتبر الأمم المتحدة هذه الأرقام موثوقا بها على الرغم من عدم تحديثها الآن بانتظام بسبب صعوبة جمع المعلومات.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن 26 فلسطينيا قتلوا وأصيب 23 آخرون في قصف جوي إسرائيلي على شقتين بمبنى متعدد الطوابق في حي سكني مكتظ بمدينة خان يونس في ساعة مبكرة من صباح السبت.
وقال فلسطيني يدعى إياد الزعيم لرويترز إنه فقد خالته وأبنائها وحفيدا لها في القصف الجوي في خان يونس ، وإنهم جميعا كانوا ضمن من نفذوا أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء شمال غزة ليموتوا في المكان الذي قال لهم الجيش إنه سيكون آمنا.
ومن أمام مشرحة مستشفى ناصر في خان يونس حيث تم وضع 26 جثة قبل أن ينقلها ذويهم لدفنها، أشار إلى أن هؤلاء الذين قتلوا لم يكن لهم أي صلة بحماس.
وعلى بعد كيلومترات قليلة إلى الشمال، قالت سلطات الصحة إن ستة فلسطينيين قتلوا يوم السبت في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت منزلا في دير البلح.
ولم يشر بيان أصدره الجيش يوم السبت إلى المواقع التي استهدفها بالقصف. وقال فقط إن القوات الجوية قصفت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية عشرات الأهداف في غزة بما في ذلك مسلحون ومراكز قيادة ومواقع إطلاق صواريخ ومصانع ذخيرة.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن مسلحي حماس يستخدمون المباني والأحياء السكنية في قطاع غزة المكتظ بالسكان كغطاء لمواقع العمليات والأسلحة، وهو ما تنفيه الحركة.
وأسقطت إسرائيل ليل الخميس منشورات على المناطق الشرقية من خان يونس تطلب فيها من السكان الإخلاء إلى الملاجئ، مما يشير إلى أن العمليات العسكرية هناك باتت وشيكة.
وقال ريجيف إنه سيتعين على القوات الإسرائيلية التقدم داخل المدينة لإخراج مقاتلي حماس من الأنفاق والمخابئ تحت الأرض، لكن لا توجد مثل هذه “البنية التحتية الهائلة” في المناطق الأقل بناء في الغرب، وهي الأقرب من ساحل البحر المتوسط.
وأضاف أنه نظرا لقرب المناطق الغربية من معبر رفح الحدودي مع مصر، فمن الممكن إدخال المساعدات الإنسانية “بأسرع ما يمكن”.
* مستشفى الشفاء
في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، قالت إسرائيل إن قواتها عثرت على مركبة بها عدد كبير من الأسلحة وهيكل تحت الأرض قالت إنه منفذ إلى أحد أنفاق حماس، بينما تمشط المجمع بحثا عن ما تقول إنه مركز قيادة للمسلحين.
وصار المستشفى محورا للقلق الدولي حيال الأزمة الإنسانية المتفاقمة عندما أصبح الأسبوع الماضي الهدف الرئيسي للهجوم البري الإسرائيلي. ويقول الجيش إن المستشفى يقع فوق مخبأ كبير تحت الأرض لحماس. وتنفي حماس والعاملون في المستشفى ذلك ويقولون إن إسرائيل لم تتوصل إلى أي نتائج هناك تثبت شيئا من هذا القبيل حتى الآن.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه اشتبك لفترة وجيزة مع مسلحين خارج المستشفى الأسبوع الماضي قبل الدخول للتفتيش واستجواب الموظفين، وإنه لم تقع أعمال عنف بالداخل.
ونشر الجيش الإسرائيلي مقطعا مصورا لما قال إنه مدخل نفق في منطقة مكشوفة من مجمع الشفاء الطبي وتناثرت فيها الخرسانة وحطام الخشب والرمل. وتم الحفر في المنطقة فيما يبدو. وظهرت جرافة في الخلفية.
وتنفي حماس استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية.
وقال مسؤولون فلسطينيون يوم السبت إن الجيش الإسرائيلي أمر بإجلاء جميع العاملين وما بين 1000 إلى 1500 مريض من مستشفى الشفاء، ليواجه من تم إجلاؤهم رحلات على طرق خطرة تم قصفها وتتناثر فيها الجثث.
ونفى الجيش هذا الاتهام قائلا إنه استجاب لطلب مدير الشفاء “بإتاحة وقت أطول والمساعدة” في المزيد من عمليات الإجلاء الطوعية عبر “طريق آمن”. وأضاف أن الأطباء والمسعفين يمكنهم البقاء لدعم المرضى الذين يعانون من حالة ضعف شديد بحيث لا يمكن إجلاؤهم.
وقال موظفو مستشفى الشفاء إن أحد الأطفال حديثي الولادة توفي في المستشفى يوم الجمعة، وهو أول طفل يموت هناك في يومين منذ دخول القوات الإسرائيلية. ولقي ثلاثة أطفال حديثي الولادة حتفهم في الأيام السابقة بينما كان المستشفى محاصرا.
*تسليم الوقود
مع دخول الحرب أسبوعها السابع، لم تظهر أي دلالة على أي هدوء على الرغم من الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار أو على الأقل لهدنة إنسانية لتخفيف معاناة المدنيين الناجمة عن نقص الغذاء والدواء ومياه الشرب والوقود.
ووسط تحذيرات من أن حصارها سيؤدي إلى المجاعة والمرض، أذعنت إسرائيل على ما يبدو يوم الجمعة للضغوط الدولية، ووافقت على السماح بدخول شاحنات الوقود إلى غزة ووعدت “بعدم فرض قيود” على المساعدات التي تطلبها الأمم المتحدة.
ولكن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قال إن المساعدات لم تدخل غزة لليوم الثالث على التوالي يوم الجمعة وإن التوزيعات توقفت فعليا بسبب نقص الضمانات الأمنية والوقود. وقال إن مياه الصرف الصحي بدأت تتدفق في الشوارع في بعض المناطق نتيجة نقص الوقود لتشغيل البنية التحتية.
وتأجج العنف مجددا في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وقال مسعفون فلسطينيون يوم السبت إن هجوما جويا إسرائيليا وقع ليلا في مخيم بلاطة للاجئين قرب مدينة نابلس في الضفة الغربية أسفر عن مقتل خمسة على الأقل من مسلحي الجناح العسكري لحركة فتح التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
(إعداد حسن عمار وأميرة زهران للنشرة العربية – تحرير مروة سلام)