تقارير عربية
بيروت – ريتا الجمّال
العربي الجديد
31 يناير 2025
انتشار الجيش واليونيفيل في جنوب لبنان، مارون الراس 29 يناير 2025 (العربي الجديد)
أكد لبنان تمسكه بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها في الحرب الأخيرة ضمن المهلة المحددة في 18 فبراير/شباط المقبل، وذلك بعدما كان وافق على تمديد ترتيبات وقف إطلاق النار مع انقضاء مهلة الستين يوماً، في 26 يناير/كانون الثاني الجاري، التي نص عليها الاتفاق. وشدد الرئيس اللبناني جوزاف عون خلال لقائه، اليوم الجمعة، وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن “لبنان يرفض المماطلة في الانسحاب تحت أي ذريعة كانت”، مؤكداً ضرورة “إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال حربها على لبنان”، وأضاف: “المنطقة العربية تشكل جسماً واحداً متكاملاً والتحديات تحيط بالجسم ككل”، مشدداً على “أهمية التعاون المشترك للتمكن من اجتياز المرحلة الراهنة في المنطقة والمخاطر التي تحيط بها”.
واطلع عون من قائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عودة، اليوم الجمعة، على التقارير المتعلقة بالوضع في الجنوب، وطلب منه تفقده والاطلاع على الوضع ميدانياً فيه ولا سيما بعد انتشار وحدات الجيش. وصعد جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الماضية من اعتداءاته التي لم تقتصر فقط على القرى الحدودية، والمواطنين العائدين إليها والجيش اللبناني والمسعفين، بل طاولت النبطية جنوباً وكذلك البقاع، وأسفرت اعتداءات الاحتلال منذ يوم الأحد الماضي بحسب متابعة “العربي الجديد” لتقارير وزارة الصحة عن استشهاد 28 شخصاً وجرح 214.
ويهدّد تمادي الاحتلال في خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار، التي تجاوزت عتبة الألف منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الهدنة “الهشة” بين لبنان وإسرائيل خصوصاً أنّ حزب الله عاد في تصريحاته أخيراً إلى التلويح بأحقية الردّ بوجه الاعتداءات الإسرائيلية في ظل الصمت الدولي وعجزه عن وضع حد للتصعيد الممنهج. ويؤكد حزب الله عبر تصريحات أوساطه ومسؤوليه بأن تمديد اتفاق وقف إطلاق النار لا يعنيه، وعلى إسرائيل أن تنسحب بشكل كامل من الأراضي التي تحتلها، وذلك في وقت يرفض الأهالي فيه تأخير عملية الانسحاب، ويصرّون على العودة إلى قراهم رغم التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية وعمليات الخطف والأسر التي يمارسها جيش الاحتلال إلى جانب مواصلته سياسة التفجير والتجريف والتدمير.
وبرر رئيس البرلمان نبيه بري “موافقة لبنان على تمديد المهلة حتى 18 فبراير” الذي أعلن عنه البيت الأبيض منتصف ليل الأحد الاثنين، قبل أن تتبناه رسمياً الحكومة اللبنانية، بأن بيروت اشترطت وقفاً فورياً لإطلاق النار والخروقات وتدمير المنازل وغيرها بالإضافة للتعهد بموضوع الأسرى.
التمادي الإسرائيلي والتراخي الدولي يهدّدان وقف إطلاق النار في لبنان
من جهته، اعتبر عضو كتلة حزب الله البرلمانية “الوفاء للمقاومة” النائب إبراهيم الموسوي، اليوم الجمعة، أن الاعتداء الإسرائيلي على جنتا البقاع، الذي أدى إلى سقوط شهيدين وإصابة عشرة أشخاص بجروح، “يشكل انتهاكاً شديد الخطورة، وعدواناً فاضحاً وصريحاً يخرق الإجراءات التنفيذية للقرار 1701، وهو ما يضع الجهات المسؤولة المعنية والضامنة لتنفيذ الاتفاق أمام مسؤولياتها في التصدي الحازم لانتهاكات العدو على السيادة اللبنانية”. وأضاف: “هذا التصعيد المتمادي والممنهج من قبل العدو دون تحرك جدي مسؤول من الجهات الدولية الضامنة يظهر لامبالاتها أو عجزها في أحسن الأحوال، ويؤكد تحلل العدو من أي التزامات جدية وعدم احترامه للمجتمع الدولي برمته”.
وأشار الموسوي إلى أن “الدولة اللبنانية ممثلة برئاسة الجمهورية والحكومة والجيش مطالبة بالتحرك الفوري وبكافة الوسائل المتاحة لوضع حد سريع لانفلات الإجرام الصهيوني ووقف هذه الاستباحة المستمرة لدماء اللبنانيين ولسيادة الدولة على أراضيها”، ورأى أن “تواصل الاعتداءات الإجرامية ضد لبنان واللبنانيين من جانب العدو دون قيام المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عقابية رادعة أو إدانة العدو وإلزامه باحترام الاتفاقات والتفاهمات المتفق عليها، يُعد تشجيعاً له على الاستمرار في أعمال العدوان يصل إلى حد القبول الضمني والتواطؤ معه في سياسة القتل والتدمير والتجريف وانتهاك السيادة، وهو أمر مدان بالكامل كما يتعارض مع أبسط مبادئ احترام سيادة الدول وحماية شعوبها وممتلكاتها”.
حزب الله: تقرير “وول ستريت” تبرير للخروقات الإسرائيلية
على صعيد متصل، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في تقرير لها، اليوم الجمعة، بأن إسرائيل اشتكت إلى لجنة الإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار، التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية وتشارك فيها فرنسا، أن “دبلوماسيين إيرانيين وغيرهم، يسلمون عشرات الملايين من الدولارات نقداً إلى حزب الله لتمويل إحياء المجموعة”، ونسبت الصحيفة الكلام إلى مسؤول دفاعي أميركي. وقالت إسرائيل بحسب التقرير إنها “ملتزمة بمنع حزب الله من إعادة البناء وهددت بضرب مطار بيروت إذا تم استخدامه لتهريب المساعدات للمجموعة”.
ووفقاً للصحيفة تقول إسرائيل في شكواها إن المبعوثين الإيرانيين يسافرون جواً من طهران إلى مطار بيروت الدولي بحقائب مليئة بالدولارات الأميركية. كما زعمت إسرائيل في شكواها أن المواطنين الأتراك استُخدموا لنقل الأموال من إسطنبول إلى بيروت عن طريق الجو. وقال بهنام خسروي، الدبلوماسي في السفارة الإيرانية في لبنان، لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية هذا الشهر إن طهران لا تستخدم طائرات الركاب لتهريب الأموال إلى لبنان، كما قال مسؤولون أتراك إن أي مبالغ نقدية كبيرة تتحرك عبر مطار إسطنبول كان من الممكن اكتشافها بواسطة أجهزة الأشعة السينية أو غيرها من التدابير الأمنية. وأشار المسؤولون إلى أنه لم يتم العثور على مثل هذه الحركات.
وفي وقتٍ لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات اللبنانية حول هذا التقرير، قال مصدر نيابي في حزب الله (فضل عدم ذكر اسمه) لـ”العربي الجديد” إنّ “هذه كلها محاولات إسرائيلية ومن خلفها أميركية لتبرير الخروقات والاعتداءات والجرائم الإسرائيلية الفاضحة لقرار وقف إطلاق النار، ولتبرير أيضاً الغياب التام للجنة الإشراف التي تترأسها أميركا، وعجزها عن وضع حدٍّ لهذه الخروقات”. وأضاف أنّ “هذا التقرير كما غيره من التقارير التي نشرت سابقاً يأتي في سياق الكذب الإسرائيلي والذرائع التي يستند إليها الاحتلال لتبرير جرائمه، ورمي الاتهامات على حزب الله ولبنان بخرق الاتفاق، كما يفعل عندما يزعم ضرب أهداف تابعة لحزب الله بينما هو في الحقيقة يستهدف ويقتل بشكل مباشر وعلى مرأى العالم كله المدنيين العائدين إلى قراهم ومنازلهم”.
رسائل حزب الله السياسية على وقع مشهدية التحرير في جنوب لبنان
ولفت المصدر إلى أنّ “أميركا وإسرائيل كما فعلتا خلال فترة العدوان، منذ أكتوبر 2023، تعملان على ترهيب الناس وتقليب بيئة حزب الله والشعب اللبناني عليه، لإظهاره مسؤولاً عما يحصل، وتوجد أطراف داخلية معروفة تغذي أيضاً هذا السيناريو، خدمة لمصالحها وأجنداتها الخارجية، والتي بدل أن تدين الاعتداءات الإسرائيلية تبررها وتدين وجود حزب الله وتصوب على سلاحه ودوره”، معتبراً أنه “على الدولة اللبنانية التحرك لوضع حد لهذه التهديدات والخروقات ورفض أي ذرائع يلجأ إليها الإسرائيلي، ولا يزال بتمديده مهلة الانسحاب والإيحاء ببقائه مدة أطول”.