بقلم محسن حزام
١٥/١/٢٠٢٣
1 من 2
يجب ان نقر حقيقة بان علم السياسة لا يعرف المستحيلات، وان السياسة فن التكيف في إدارة الزوايا.
السؤال يبدأ من هنا:
هل اللعبة الجيوسياسية المتحكمة في الواقع السوري وصلت إلى خواتيمها؟ أم لازالت النهايات مفتوحة أمام المتغيرات الطارئة؟؟
– 1 –
اليوم يتحفنا الجانب الأمريكي كالعادة بطرح بدائل تنسجم مع مشروعه في التعامل مع الأزمة السورية ولو كانت لا تتوافق مع طبيعة الجغرافية السياسية، وذلك في تمرير تغريدة خارج السرب عبر بعض المسؤولين الأمريكيين بمقترح أن يكون الحل المرشح للتعامل مع هذه المسألة وفق تعقيدات الوضع الدولي في الاستفادة من تجربة ألمانيا الاتحادية بشقيها الشرقي والغربي، يتم فيها تقسيم سورية الى قسمين، كيان دولة في الشمال الشرقي وكيان دولة في الوسط والجنوب، كما تروج أيضا السياسة الكولونيالية بأن الأيام كفيلة في عودة التقارب بين الدولتين وفي إعادة لحمتهما كما حدث أثناء هدم جدار برلين ( في توحيد الألمانيتين ) مع ان أمريكا نفسها على علم مسبق ان هذا الأمر ليس له سوق للصرف في سورية ومرفوض من غالبية الشارع السوري وخط احمر بالنسبة للجوار الإقليمي ( تركيا وإيران ) والذي لا تسمح به لأنه يفضي لقيام كيان فيدرالي للكرد في الشمال الشرقي لسورية يتحقق فيه مطلبهم في ما يسمى (دولة غرب كردستان) وهذا يعتبر بمثابة أمن قومي لكلا الطرفين لا يمكن تجاوزه بهذه السهولة.
في ذات السياق يتناسى الجانب الأمريكي وعن سابق إصرار المصطلح الذي يتم تداوله حول وحدة الأراضي السورية والذي يتغنى به جميع الساسة الأمميين وكذلك كافة الأطراف الضامنة المتدخلة في الملف السوري أثناء اللقاءات الدبلوماسية والمؤتمرات التشاورية والتي هي تعتبر بند أساسي في القرار الأممي ٢٢٥٤ وفي مخرجات استانا بكل نسخه، ويرى الجانب الأمريكي أيضا أن اليوم ليس هو الوقت المناسب لتطبيع العلاقات مع النظام السوري وتحسين سلوكه عبر وكلائه في المنطقة، وعزز ذلك بإصدار قرار الكبنتاغون من الكونغرس لمحاصرة النظام السوري ومحاسبته، وعمل بالتنسيق مع الأردن على حملة جديدة من اجل التفكير في تشكيل إدارة ذاتية في الجنوب السوري تحاصر تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية إلى دول الخليج والتي تشرف عليه كل من القوات الإيرانية والفرقة الرابعة التي تحركت فورا ومن أجل حماية خط التصريف في حشد جديد للفرقة الرابعة التي انسحبت سابقا باتفاق مع الجانب الأردني برعاية روسية لمسافة ٢٠ كم عن الشريط الحدودي مقبل فتح معبر نصيب الحدودي.
جملة هذه المواقف تطرح تساؤلا في غاية الأهمية:
هل يمكن لصراع المصالح الحالي بين الدول المتدخلة، عندما يصل إلى نهاياته (في النقطة الحرجة)، أن يفضي إلى ترسيم المقترح الأمريكي، ويتم التوافق عليه من خلال رؤية تشاركية تحقق المصالح وتؤجل بعض نقاط الخلاف بين الأطراف، عندها يتم البدء في مشروع تقسيم الجغرافية السورية، ويبدأ توزيع الحصص كمناطق نفوذ للقوى المتصارعة.
هنا تكون الطامة الكبرى في الإعلان عن سايكس بيكو بنسخة جديدة عملت عليها أمريكا بمفهوم القاعدة الميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة) ولو كانت هذه الوسيلة تتعدى من خلالها على مصالح الدول وجغرافيتها السياسية وتتجاوز فيها أيضا رغبات الشعوب.
إذا ما تحقق هذا الاحتمال – لا قدر الله – سيكون بمثابة شرط اذعان على النظام السوري والمعارضة مجتمعين لأنه من باب الاحتمال يمكن أن يوثق بقرارات أممية، فتكون له قوة القانون الدولي بالتنفيذ. في هذه الحالة
ماهي ردود الأفعال المتوقعة منهما (نظام ومعارضة).. ؟؟ وكيف ستكون المخرجات؟
الأمر مفتوح على الكثير من الاحتمالات التي قد تعقبها العديد من النتائج،
الأيام القريبة القادمة تجيب عن ذلك.
يتبع