من كتابة خاص – سكاي نيوز عربية
الأربعاء 28-شباط 2024
سفينة حربية أمريكية
قررت الصين التي تجنى 160 مليار دولار سنويا من صادراتها عبر ممر البحر الأحمر، تحريك إسطول بحري نحو ذلك الممر الملاحي الدولي الذي تعثر بشكل كبير مع تدخل عسكري حوثي منذ نوفمبر الماضي، وازداد مع مواجهات أمريكية بريطانية ضده لا تزال مستمرة.
هذا الظهور الصيني، يمكن قراءته وفق 4 خبراء معنيين بالشأن الصيني والإيراني والأميركي والدولي تحدثت معهم “سكاي نيوز عربية”، في إطار زيادة نفوذ بكين بالمنطقة، ورسالة إنذار لواشنطن وضغط عليها دون صدام، وتأمين لمصالح بكين، متوقعا أحدهم أن يكون هناك تنسيق صيني إيراني في هذا التحرك في ضوء شراكتهما القوية.
وفي 19 ديسمبر 2023، أعلنت الولايات المتحدة، تأسيس تحالف “حارس الإزدهار”، ثم أعلان الاتحاد الأوروبى بعدها، فى 19فبراير الجاري عن تأسيسه لما يعرف بقوة “أسبيدس” فى البحر الأحمر وأعلنت الصين في 24 من الشهر ذاته. إرسال أسطول عسكري لمنطقة البحر الأحمر.
وفق تقديرات غير رسمية، يمر سنويا عبر مضيق باب المندب بالبحر الأحمر نحو 160 مليار دولار من الصادرات الصينية بما فيها 60% من صادرات بكين المتوجهة إلى أوروبا، ومع التدخل الحوثي ضد السفن المرتبطة بإسرائيل، في 19 نوفمبر زادت من تكلفة الشحن لحاوية تتجه من الصين لدول الاتحاد الأوروبي من 1500 دولار إلى 7000 دولار.
وبحسب تقديرات حديثة لصندوق النقد الدولي، فإنّ النقل البحري للحاويات عبر البحر الأحمر انخفض بنسبة 30 بالمئة تقريبًا خلال عام واحد
ظهور دفاعي
الأكاديمية المصرية المتخصصة فى الشؤون الصينية، الدكتورة، نادية حلمى، تقرأ في حديث مع “سكاي نيوز عربية”، التوجه الصيني مع تصاعد أزمة البحر الأحمر في التالي :
تخوف الصين من تزايد حدة التواجد العسكرى المتزايد فى منطقة البحر الأحمر، واحتمالية نشوب صراعات أوسع إذا ما استمرت إسرائيل فى الحرب بغزة أو وسعت نطاق عملياتها لتشمل مدينة رفح الفلسطينية، لذا تسعى الصين لحماية مصالحها فى البحر الأحمر وفى أفريقيا التي ضخت فيها عشرات المليارات من الدولارات.
يعد البحر الأحمر بالنسبة لبكين، الشريان الرئيسي للبضائع الصينية إلى أوروبا، ومنه تمر 99% من سفن الحاويات التى تبحر بين أوروبا والصين، عبر قناة السويس قبل ديسمبر 2023، وأثرت هجمات الحوثيين على السفن بهذا الممر وغيرت نسبة كبيرة منها مسارها حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح، مما زاد من الوقت والتكلفة وحدوث تباطؤ بحركة التجارة الدولية، وبالتالي هذا التواجد تأكيد لتأمين لمصالح بكين، في ظل تنامي صراع القوى العظمى وعسكرة البحر الأحمر.
تريد الصين تعزيز الوجود الأمنى الدفاعى والتأمينى فى البحر الأحمر، بما يضمن تقليل آثار ذلك الصراع .
حرصت الصين على رفض ما يقوم به الحوثيون وأيضا عدم الانضمام إلى تحالف الازدهار الأميريكي البريطاني، بل وأدانت الصين كافة ضرباته لليمن وامتنعت عن قرار بشأنه في مجلس الأمن، في محاولة للمحافظة على العلاقات الجيدة التى تربطها مع الدول العربية.
الضغط على واشنطن في اتجاه حل الأزمة الرئيسية في قطاع غزة، فموقف الصين مما يجرى فى المنطقة بعد حرب غزة يعد واضحا خاصةً فيما يجرى تحديداً فى منطقة البحر الأحمر، حيث اعتبرت بكين أن ما يجرى من توترات في البحر الأحمر ناتج من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وأن الحل لعودة الأمان إلى المنطقة يكون بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب الدائرة هناك.
تواجد مقلق له 5 أسباب
من زواية أخرى، ترصد الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أسباب الظهور الصيني بالبحر الأحمر في عدة نقاط قائلة:
هناك سبب وجيه للقلق بشأن السفن الصينية، لأن الوجود العسكري الأميركي في البحر الأحمر وخليج عدن في وضع ضعيف الآن، في ظل نقص أسلحة لدى الترسانة الأميركية تتحدث عنه وسائل إعلام بواشنطن، وعدم تواجد أوروبي موسع في عملياتها بالبحر الأحمر.
لا يوجد سبب دفاعي يدفع الصين إلى نقل أسطول الحراسة الخاص بها إلى خليج عدن، حيث إن سفنها ليست مستهدفة فحسب، بل محمية من قبل الحوثيين.
ليس لدى الصين ما تخشاه من حليفتها الوثيقة إيران أيضاً، نظراً لحجم تجارة النفط بينهما، لذا فإن هذه الخطوة لتخويف الولايات المتحدة وتأسيس وتعزيز الوجود العسكري الصيني في المنطقة، واستعراض قوتها بالمنطقة وإرسال إشارة مفادها أن الصين أصبحت قوة بحرية قوية لا يجب مواجهتها وأنها لا تخشى الظهور في مناطق صراع بعيدة عن مصالحها الإقليمية المباشرة.
ظهور السفن الصينية قد يضع قيداً إضافياً على ممارسة الولايات المتحدة للقوة في المنطقة، مما يحد من الهجمات بسبب القلق من التصعيد غير المقصود مع الصين.
وترى إيرينا تسوكرمان هذا الظهور نتاج تحرك صيني مبكر ليس وليد أحداث البحر الأحمر بالقول:
الصين تحركت إلى الشرق الأوسط، أولاً من خلال العلاقات التجارية والتجارية، ثم بشكل متزايد من خلال التعاون الدفاعي، والآن تحت ذريعة مهمة الحراسة .
وعن اختيار توقيت الظهور الصيني، تضيف تسوكرمان قائلة:
الصين تختار هذا التوقيت لأنها تزيد من تقسيم البحرية الأميركية بين بحر الصين الجنوبي وخليج عدن؛ وتريد إظهار أنها اكتسبت قوة كافية لتكون قادرة على مواجهة الولايات المتحدة في كلا المنطقتين.
كل هذا لا يعد اختبارًا للقدرات العسكرية الأميركية بقدر ما يمثل اختبارًا للإرادة السياسية، وتعرف بكين بشكل صحيح أنها ضعيفة، خاصة في هذا التوقيت.
يأتي التحرك في ظل معرفة بكين أن الكونغرس مستقطب من خلال الاعتبارات الحزبية في عام الانتخابات؛ وتردد الإدارة الأميركية في مواجهة الخصوم الرئيسيين.
تنسيق ورسالة
محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي، لتحليل السياسيات الإيرانية، يرى في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، أن هذا الظهور الصيني لم يكن ليتم بمنأى عن التنسيق مع إيران، ويوضح ذلك في نقاط:
هذا الظهور الصيني، من المؤكد أنه ضمن اتفاقية أمنية استراتيجية مع طهران الخمس وعشرينية (وقعت في 2021) والتي تحتم على الصين حماية مصالح إيران والعكس.
هذا التنسيق سبقه إجراء الصين مناورة بحرية مؤخرا مع ايران قبالة سواحها بمشاركة روسيا، في أول مرة تشارك فيها طهران مع مناورات عسكرية مع قوى أخرى خارج حدودها السياسة.
بالتأكيد تم تدخل بكين بتشاور صيني إيراني، خاصة أن هناك معسكرا أنشأته الصين وروسيا لمواجهة نفوذ حلف التانو بزعامة أميركا والقوى الغربية، ويأتي بعد عمليات أميركية بريطانية وأخرى أوروبية في جنوب البحر الأحمر.
ويرى د. محمد محسن أبو النور، سببا أخر لهذا الظهور بخلاف التنسيق الإيراني يتمثل في أن:
الصين تدخل البحر الأحمر حتى ترد الصاع لواشنطن التي حاولت التدخل في منطقة مضيق تايوان، في إطار المزاحمة بالتعاون مع إيران، كما فعلت واشنطن مؤخرا في ذلك بحر الصين الجنوبي بالتعاون مع شركائها كاليابان.
استكمال لسياسة تواجدها بالمنطقة
متفقا مع بعض ما سبق يرصد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون الأميريكية الدكتور نبيل ميخائيل، في حديث مع “سكاي نيوز عربية” أسباب هذا التدخل الصيني بالبحر الأحمر في:
التصريحات الصينية تسير في اتجاه تأمين الملاحة والتجارة والدولية ومحاربة الإرهاب، لكن هي أيضا تأتي على خلفية الوجود الأميركي البريطاني ومزاحمة ومنافسة ذلك الوجود بالبحر الأحمر.
يأتي في ظل تنامي التواجد الدولي في الممرات الدولية وبالتالي ترى الصين أنه لابد أن يكون لها وجود.
الوجود البحري الصيني بالبحر الأحمر ضمن سياسية صينية نشطة تجاه الشرق الأوسط والدول العربية والإسلامية، وتكلمة لدورها النشط عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا في تلك المنطقة التي تبحث فيها عن فرص تواجد بشكل مستمر.