المحامي محمد علي صايغ
النظام القمعي البائد خلف خلفه دولة منهارة بكافة المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.. واليوم سورية في حالة مخاض قد تحتاج لعملية قيصرية للانتقال من مشروعية الثورة إلى شرعية الدولة الدستورية.
الحالة الضبابية التي يمر بها بلدنا من دون خارطة طريق واضحة للانتقال السياسي، قد يؤدي إلى فوضى يغذيها فلول النظام البائد والعديد من الدول التي لا تريد الاستقرار لسورية تنفيذاً لأجنداتها وخاصة تلك التي لازالت تروجها حول الشرق الأوسط الجديد وتقسيم سورية والمنطقة وفق ” سايكس بيكو ” جديد.
وللخروج من عنق الزجاجة من أجل إرساء الأمن والأمان والسير باتجاه الحرية والعدالة والتنمية لا بد من رسم خارطة طريق واضحة تبدأ بالإعلان عن موعد محدد لعقد المؤتمر الوطني العام ، وتشكيل لجنة تحضيرية ذات مصداقية وشاملة لكافة الأطياف والقوى السياسية والمدنية السورية من أجل التحضير الجيد لهذا المؤتمر الوطني الواسع ، تمهيداً لانتخاب هيئة حكم انتقالية تدفع باتجاه تشكيل جمعية تأسيسية منتخبة لإنجاز دستور جديد والاستفتاء عليه، وتشكيل لجنة قانونية من المختصين لإنجاز قانون انتخابات عصري يتوافق مع نصوص الدستور الجديد ، تمهيداً للإعلان عن الانتخابات البرلمانية والرئاسية في نهاية المرحلة الانتقالية .
وفي إشارة إلى ما يمكن أن تتعرض له سورية من مخاطر فإن ما حدث في مدينة حمص والساحل السوري من دفع للفتنة تحت شعارات طائفية مقيتة استنادا إلى فيديو قديم او قد يكون مفبركاً حول قبر الحسين بن حمدان الخصيبي (معروف لدى الأهالي في حلب قبر ” الشيخ يبرق” بالقرب من ثكنة هنانو ) ، وما قد يعمل عليه فلول النظام من إثارة الفوضى والاضطرابات والفتن للدفع بالصراع الداخلي لإجهاض الثورة .. فإن ذلك يفرض على أبناء الشعب السوري وقيادته الجديدة مزيداً من اليقظة والحرص على السير الحثيث باتجاه انتقال سياسي سلس ومرن عبر خطوات ملموسة على هذا الطريق لفرض مشروعية الدولة الدستورية.
وإذا التغيير الذي حدث بسقوط النظام الاستبدادي السابق فرصة تاريخية فارقة يجب الإمساك بها ، والدفاع عنها بوعي ومسؤولية في مواجهة كل من يحاول العبث أو زرع الفوضى أو الفتن بين مكونات شعبنا الأصيلة ، فإن على كافة القوى المجتمعية السياسية والمدنية والعسكرية إطلاق المؤتمر الوطني العام الجامع في العاصمة دمشق ، لإقرار التوافق على الآليات التنفيذية للانتقال السياسي السلمي ، والانتقال من حالة الحرب التي أورثت الدمار والقتل والمعاناة لشعبنا إلى مرحلة السلام والحرية والعدالة والتنمية المستدامة كي تستعيد سورية حضورها ودورها الحضاري في المحيط الإقليمي والدولي .