نوفمبر 27, 2022
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن هجمات التحالف العسكري السوري-الروسي في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 استخدمت ذخائر عنقودية محظورة في قصف أربعة مخيمات للنازحين.
قتلت الهجمات ثمانية مدنيين وجرحت العشرات، منهم امرأة حامل عمرها 28 عاما، توفيت في 15 نوفمبر/تشرين الثاني متأثرة بجراحها. كما توفي جنينها. من بين القتلى الآخرين فتاة عمرها 14 عاما، وطفلتان عمرهما أقل من ستة أعوام، وصبي عمره أربعة أشهر.
أصابت الهجمات 75 سوريا آخرين على الأقل لجأوا إلى المخيمات من أماكن أخرى في سوريا. قال شاهدان إنه لم يكن ثمة نشاط عسكري للجماعات المسلحة في المخيمات أو حولها وقت الهجمات.
قال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “يستمر التحالف العسكري السوري-الروسي باستخدام الأسلحة المحظورة ضد المدنيين المحاصرين في سوريا مع ما يحمل ذلك من عواقب مدمرة”.
وأضاف كوغل: “الذخائر العنقودية لا تؤذي السوريين اليوم فحسب، بل يمكن أن تستمر الذخائر الصغيرة غير المنفجرة في القتل لفترة طويلة مستقبلا”.
يمكن إطلاق الذخائر العنقودية من الأرض باستخدام المدفعية والصواريخ والقذائف أو إسقاطها جوا. عادة ما تتفرق تلك الذخائر إلى ذخائر فرعية أو قنابل صغيرة عشوائيا في الهواء، منتشرةً على مساحة بحجم حي سكني.
لا تنفجر أغلب تلك القذائف لدى اصطدامها الأولي، تاركة ذخائر غير منفجرة خطيرة قادرة على أن تقتل وتبتر لسنوات أو حتى عقود، كما تفعل الألغام الأرضية، ما لم يتم إزالتها وتدميرها.
تحظر اتفاقية الذخائر العنقودية لعام 2008، التي صادقت عليها 110 دول، ووقعتها 13 أخرى، هذه الأسلحة بالكامل، وتتطلب تطهير المناطق الملوثة ومساعدة الضحايا.
سوريا وروسيا ليستا طرفين في الاتفاقية. عمل الدفاع المدني السوري، وهو مجموعة متطوعين في البحث والإنقاذ تعمل في مناطق سيطرة المعارضة، على مسح الذخائر غير المنفجرة منذ 2016.
في أعقاب هجمات الذخائر العنقودية في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، أبلغ الدفاع المدني هيومن رايتس ووتش أنه عثر على 14 وحدة ذخيرة فرعية غير منفجرة وأزالها.
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع ثمانية شهود في المخيمات، قالوا إن الغارات وقعت في وقت ما بين الساعة 6 و7 صباحا، عندما كان بعض النازحين لا يزالون نائمين، وآخرون في المسجد للصلاة، والأطفال يتجهزون للمدرسة.
تحدث الباحثون أيضا إلى عناصر من فرق الطوارئ، وحللوا الفيديوهات والصور التي التُقطت خلال الهجمات، ونُشرت على وسائل التواصل، أو قُدمت مباشرة إلى الباحثين.
تستضيف المخيمات، على مشارف بلدات كفر جالس، ومورين، وكفر روحين، أكثر من ألف عائلة نازحة. تقع جميع المخيمات على بُعد تسع كيلومترات من مدينة إدلب.
تخضع محافظة إدلب إلى حد كبير لسيطرة الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة المرتبطة بشكل فضفاض بتركيا، وهي تضم 3 ملايين مدني، نصفهم نزحوا من أماكن أخرى في سوريا. تلقى مخيم مرام المكتظ بالسكان، قرب بلدة كفر جالس، الضربة الأشد، مع ست وفيات.
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع خمسة من قاطني المخيم الذي تديره “مؤسسة مرام للإغاثة والتنمية”، وهي منظمة إنسانية غير ربحية. قال معتصم عداد، مدير مخيم مرام: “وقع الهجوم بينما كان الأطفال يتناولون فطورهم، ويستعدون للذهاب إلى المدرسة”. وأضاف: “توالت الانفجارات، وعمّت الحرائق جميع أنحاء المخيم تقريبا. أدت الانفجارات إلى الذعر والخوف، وكانت هناك شظايا في كل مكان”.
قال الدفاع المدني في سوريا إن المخيمات تعرضت لأضرار، حيث دُمرت 24 مقطورة، وتعرضت 160 أخرى لأضرار جزئية. أضاف عدّاد أن شبكات المياه والصرف الصحي في المخيم قد تضررت أيضا.
في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، قالت وكالة “سانا” الحكومية السورية للأنباء إن الحكومة السورية، بالتعاون مع القوات الجوية الروسية، هاجمت منطقة غابات تستخدمها الجماعات “الإرهابية” كمقر ومركز للتدريب. ادعى التقرير أن العملية أجريت “بدقة عالية”. يقع مخيما مورين وكفر روحين على مسافتَي 1 و3 كيلومترات من منطقة الغابات. هبط صاروخ على مسافة 250 متر من مخيم وادي خالد، وأصيب مخيم مرام مباشرة. قال عداد، “لا توجد قواعد عسكرية في هذا المخيم، ولا عناصر عسكرية في المنطقة”.
عشية 6 نوفمبر/تشرين الثاني، قال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن “غرفة عمليات الفتح المبين”، وهي تحالف لفصائل مسلحة محلية ناشطة في المنطقة، قصفت مواقع حكومية سورية في سراقب، ومعرة النعمان، وخان السبل انتقاما.
ضم التحالف “هيئة أحرار الشام”، المجموعة المهيمنة المناهضة للحكومة في إدلب، والتي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية، وفرضت عليها الأمم المتحدة عقوبات.
تظل أزمة النزوح السورية أفظع عواقب الحرب، إذ أجبرت 12.3 مليون شخص على الفرار من ديارهم منذ بداية الحرب ونزوح 6.7 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد، وفقا لـ”مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا).
تشر الدفاع المدني السوري صورا على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر بقايا السلاح المستخدم في الهجمات، وهو بقايا صاروخ ذخيرة عنقودية من طراز “أوراغان” سلسلة 9M27K”” (إم 27 كاي9) مستقر أرضا. حيث سقط قرب مخيم وادي خالد، وذخيرة فرعية واحدة على الأقل لم تنفجر من طراز “9N235” (9 إن 235) في مكان قريب.
يتراوح مدى كل صاروخ أرض-أرض 220 مليمتر من طراز أوراغان (“إعصار”) “إم 27 كاي9” بين 10 و35 كيلومتر، ويحتوي على 30 ذخيرة فرعية إما من طراز “9 إن 235″ أو 9N210″” (9 إن 210).
أفادت هيومن رايتس ووتش سابقا عن استخدام الحكومة السورية هذا الطراز من صواريخ الذخيرة العنقودية، بما في ذلك هجوم في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2015 على مخيم للنازحين. استخدمت القوات الروسية النوع نفسه من الذخائر العنقودية في أوكرانيا في العام 2022.
منذ بداية النزاع المسلح في سوريا في العام 2012، وثقت هيومن رايتس ووتش الأضرار التي لحقت بالمدنيين جرّاء استخدام الحكومة السورية الذخيرة العنقودية.
في مارس/آذار 2020، وافقت تركيا وروسيا على وقف إطلاق النار لجميع الأطراف المتحاربة في محافظة إدلب. استمرت الهجمات رغم وقف إطلاق النار.
روسيا، كطرف في التحالف العسكري، تتشارك المسؤولية عن استخدام الأسلحة المحظورة وأي انتهاكات لقوانين الحرب المرتكبة في سوريا. ينبغي أن تتوقف روسيا فورا عن توفير الذخائر لحليفتها سوريا وحثها على التوقف عن استخدام هذه الذخائر.
قال كوغل: “ينبغي تضافر الجهود الدولية لإثبات أن استمرار الفظائع في سوريا له عواقب. لن يولّد الإفلات من العقاب سوى المزيد من الهجمات غير القانونية والمذابح بحق المدنيين”.