د. سليم بدليسي
23 يوليو 2022
سبعة عقود مرت على قيام ثورة 23 يوليو 1952 وها قد مضى أكثر من نصف قرن من زمن الردة عليها وما زالت حملات التهجم على الثورة وعلى قائدها جمال عبد الناصر مستمرة ومتصاعدة بأقلام وأصوات أعدائها (وما وراءهم من مؤسسات دول قوية وغنية….) ليثبتوا أنهم ما زالوا وحتى اليوم في مواجهة محتدمة مع الثورة وقائدها..
لا بل يأتي من يردد الترهات التي يسوقونها دونما ادراك لما يرددون.. ودون إعمال عقولهم فيما يسمعون ممن يريد غسل أدمغتهم والتعمية على ذاكرتهم التاريخية ورؤيتهم الحالية والمستقبلية وبالتالي على مسخ دورهم الإنساني الوطني والقومي..
أهل يرى هؤلاء أن الواقع المصري والعربي حالياً يتمتع بأعظم أحواله قوة وسعادة ؟..
إن ما نعيشه اليوم من ضعف وتعاسة هو النقيض لما فعلته ثورة يوليو ولما أرادته في مشروعها.. المشروع الذي سار به جمال عبد الناصر طيلة ثمانية عشرة عاما قدما وتقدما..
تجربة وطنية رائدة في البناء التنموي الإقتصادي والاجتماعي لتحقيق مجتمع الكفاية والعدل : الكفاءة في الإنتاج والتصنيع والري والاستصلاح والاستزراع.. العدالة في توزيع الثروة الوطنية وتنمية حياة الطبقات الشعبية الفقيرة والمتوسطة ورفع مستوى معيشتها صحة وتعليما وثقافة ودخلا..
وفي سياسة الاستقلال والتحرر من هيمنة الأحلاف الأمريكو-صهيونية وأدواتها الرجعية والتي أرادت الهيمنة على الإرادة والكرامة والمقدرات والمصالح الوطنية والقومية..
وفي الحياد الإيجابي وريادة حركات التحرر العربية والأفريقية والعالمثالثية ودعمها… في مواجهة استراتيجية للإستعمار وللكيان الصهيوني التوسعي الغاضب أداة التفتيت والتخلف في المنطقة العربية.. والوصول الى صياغة بنود المشروع القومي العربي التحرري التقدمي النهضوي الحضاري والذي سار بهذه البنود نظريا وعمليا نحو التبلور والتجذير..
ولكن التجربة والمشروع قد أفشلهما كل من وما هو مضاد لهما.. فتعثرت التنمية وانحرف مسار الاقتصاد والمجتمع عن خط التقدم المنشود..
قضي على المشروع العربي النهضوي ليحل محله مشروع التراجع والهبوط والإستسلام والمشروع الامريكو-صهيوني القديم للشرق الأوسط الجديد ..
ولا بد لأي دارس موضوعي أن يقارن بين النقيضين : ثورة 23 يوليو ومناحيها والواقع الحالي ومعطياته ليستخلص الدروس والعبر ويتلمس طريق المستقبل..
فكما سبق وان قال المفكر العربي إلياس مرقص في الذكرى الثلاثين لثورة يوليو :
” ان ثورة 23 يوليو كلها تصرخ ضد السلوكيات العربية والأوضاع العربية الحالية .. ليست هي المسؤولة عن تدهور العرب. بالعكس التدهور كله جاء ضدها. أخطاؤها جزء من خطها الصحيح المعقول المناسب. هذا الخط كان صحيحا قابلا للتصحيح والأحكام والتعميق.”..
فما هو الخط المعاكس؟ هو ما نشاهده ونحياه في واقعنا العربي التعيس اليوم.. أعداء ثورة يوليو وعبد الناصر قد عبروا عن مشروعهم.وقطعوا فيه شوطا كبيرا.. فهل صحيح ما قاله المفكر العربي إلياس مرقص :
” إن ثورة 23 يوليو حية في الوجدان والوجود العربيين كقضبة وكمسألة. ” ؟.
هذا أكيد ومؤكد.. ولولا ذلك لما استمرت أبواق من يعاديها ترغي وتزبد تهجما عليها وعلى مبادئها وقائدها إفكا وتشويها للوقوف في وجه قيام المشروع العربي النهضوي الحضاري والذي لا أمل لمصر وللعرب بحياة تحت شمس المجد الا بإستكماله والسير به..
د. سليم بدليسي