الإثنين، 28 سبتمبر 2015 12:21 م
كتب أحمد إبراهيم الشريف
تمر اليوم الذكرى الـ 45 على رحيل الزعيم جمال عبد الناصر الذى رثاه كبار الشعر العربى بعد أن تحول إلى رمز قوى على الاستقلال وحب البناء.
1- قتلناك يا آخر الأنبياء .. نزار قبانى
1
قتلناكَ.. يا آخرَ الأنبياءْ
قتلناكَ..
ليسَ جديداً علينا
اغتيالُ الصحابةِ والأولياءْ
فكم من رسولٍ قتلنا..
وكم من إمامٍ..
ذبحناهُ وهوَ يصلّي صلاةَ العشاءْ
فتاريخُنا كلّهُ محنةٌ
وأيامُنا كلُّها كربلاءْ..
2
نزلتَ علينا كتاباً جميلاً
ولكننا لا نجيدُ القراءهْ..
وسافرتَ فينا لأرضِ البراءهْ
ولكننا.. ما قبلنا الرحيلا..
تركناكَ في شمسِ سيناءَ وحدكْ..
تكلّمُ ربكَ في الطورِ وحدكْ
وتعرى..
وتشقى..
وتعطشُ وحدكْ..
ونحنُ هنا نجلسُ القرفصاءْ
نبيعُ الشعاراتِ للأغبياءْ
ونحشو الجماهيرَ تبناً وقشاً
ونتركهم يعلكونَ الهواءْ
3
قتلناكَ..
يا جبلَ الكبرياءْ
وآخرَ قنديلِ زيتٍ..
يضيءُ لنا في ليالي الشتاءْ
وآخرَ سيفٍ من القادسيهْ
قتلناكَ نحنُ بكلتا يدينا
وقُلنا المنيَّهْ
لماذا قبلتَ المجيءَ إلينا؟
فمثلُكَ كانَ كثيراً علينا..
سقيناكَ سُمَّ العروبةِ حتى شبعتْ..
رميناكَ في نارِ عمَّانَ حتى احترقتْ
أريناكَ غدرَ العروبةِ حتى كفرتْ
لماذا ظهرتَ بأرضِ النفاقْ..
لماذا ظهرتْ؟
فنحنُ شعوبٌ من الجاهليهْ
ونحنُ التقلّبُ..
نحنُ التذبذبُ..
والباطنيّهْ..
نُبايعُ أربابنا في الصباح..
ونأكلُهم حينَ تأتي العشيّهْ..
4
قتلناكَ..
يا حُبّنا وهوانا
وكنتَ الصديقَ، وكنتَ الصدوقَ،
وكنتَ أبانا..
وحينَ غسلنا يدينا.. اكتشفنا
بأنّا قتلنا مُنانا..
وأنَّ دماءكَ فوقَ الوسادةِ..
كانتْ دِمانا
نفضتَ غبارَ الدراويشِ عنّا..
أعدتَ إلينا صِبانا
وسافرتَ فينا إلى المستحيل
وعلمتنا الزهوَ والعنفوانا..
ولكننا
حينَ طالَ المسيرُ علينا
وطالتْ أظافرُنا ولحانا
قتلنا الحصانا..
فتبّتْ يدانا..
فتبّتْ يدانا..
أتينا إليكَ بعاهاتنا..
وأحقادِنا.. وانحرافاتنا..
إلى أن ذبحنكَ ذبحاً
بسيفِ أسانا
فليتكَ في أرضِنا ما ظهرتَ..
وليتكَ كنتَ نبيَّ سِوانا…
5
أبا خالدٍ.. يا قصيدةَ شعرٍ..
تقالُ.
فيخضرُّ منها المدادْ..
إلى أينَ؟
يا فارسَ الحُلمِ تمضي..
وما الشوطُ، حينَ يموتُ الجوادْ؟
إلى أينَ؟
كلُّ الأساطيرِ ماتتْ..
بموتكَ.. وانتحرتْ شهرزادْ
وراءَ الجنازةِ.. سارتْ قريشٌ
فهذا هشامٌ..
وهذا زيادْ..
وهذا يريقُ الدموعَ عليكْ
وخنجرهُ، تحتَ ثوبِ الحدادْ
وهذا يجاهدُ في نومهِ..
وفي الصحوِ..
يبكي عليهِ الجهادْ..
وهذا يحاولُ بعدكَ مُلكاً..
وبعدكَ..
كلُّ الملوكِ رمادْ..
وفودُ الخوارجِ.. جاءتْ جميعاً
لتنظمَ فيكَ..
ملاحمَ عشقٍ..
فمن كفَّروكَ..
ومَنْ خوَّنوكَ..
ومَن صلبوكَ ببابِ دمشقْ..
أُنادي عليكَ.. أبا خالدٍ
وأعرفُ أنّي أنادي بوادْ
وأعرفُ أنكَ لن تستجيبَ
وأنَّ الخوارقَ ليستْ تُعاد…
2- الهرم الرابع .. في ذكرى الزعيم العربي جمال عبد الناصر
1
السيّدُ نامْ
السيّدُ نام
السيّدُ نامَ كنومِ السيفِ العائدِ من إجدى الغزواتْ
السيّدُ يرقدُ مثلَ الطفلِ الغافي.. في حُضنِ الغاباتْ
السيّدُ نامَ..
وكيفَ أصدِّقُ أنَّ الهرمَ الرابعَ ماتْ؟
القائدُ لم يذهبْ أبداً
بل دخلَ الغرفةَ كي يرتاحْ
وسيصحو حينَ تطلُّ الشمسُ..
كما يصحو عطرُ التفاحْ..
الخبزُ سيأكلهُ معنا..
وسيشربُ قهوتهُ معنا..
ونقولُ لهُ..
ويقولُ لنا..
القائدُ يشعرُ بالإرهاقِ..
فخلّوهُ يغفو ساعاتْ..
2
يا مَن تبكونَ على ناصرْ..
السيّدُ كانَ صديقَ الشمس..
فكفّوا عن سكبِ العبراتْ..
السيّد ما زالَ هُنا..
يتمشّى فوقَ جسورِ النيلِ..
ويجلسُ في ظلِّ النخلاتْ..
ويزورُ الجيزةَ عندَ الفجرِ..
ليلثمَ حجرَ الأهراماتْ.
يسألُ عن مصرَ.. ومَن في مصرَ..
ويسقي أزهارَ الشرفاتْ..
ويصلّي الجمعةَ والعيدينِ..
ويقضي للناسِ الحاجاتْ
ما زالَ هُنا عبدُ الناصرْ..
في طميِ النيلِ، وزهرِ القطنِ..
وفي أطواقِ الفلاحاتْ..
في فرحِ الشعبِ..
وحزنِ الشعب..
وفي الأمثالِ وفي الكلماتْ
ما زالَ هُنا عبدُ الناصرْ..
من قالَ الهرمُ الرابعُ ماتْ؟
3
يا مَن يتساءلُ: أينَ مضى عبدُ الناصرْ؟
يا مَن يتساءلُ:
هلْ يأتي عبدُ الناصرْ..
السيّدُ موجودٌ فينا..
موجودٌ في أرغفةِ الخُبزِ..
وفي أزهارِ أوانينا..
مرسومٌ فوقَ نجومِ الصيفِ،
وفوقَ رمالِ شواطينا..
موجودٌ في أوراقِ المصحفِ
في صلواتِ مُصلّينا..
موجودٌ في كلماتِ الحبِّ..
وفي أصواتِ مُغنّينا..
موجودٌ في عرقِ العمّالِ..
وفي أسوانَ.. وفي سينا..
مكتوبٌ فوقَ بنادقنا..
مكتوبٌ فوقَ تحدينا..
السيّدُ نامَ.. وإن رجعتْ
أسرابُ الطيرِ.. سيأتينا..
3- صلاح عبد الصبور “الحلم والأغنية”
لا.. لم يمت
وتظل أشتات الحديث ممزّقات فى الضمائر
غافيات فى السكينة
حتى تصير لها من الأحزان أجنحة
تطير بها كلامًا مرهقًا
يمضى ليلقفه الهواءُ
يرُدّه لترن فى جدرانه دور مدينة الموت الحزينةْ
أصوات أهليها الذين بنت بهم سرر البكاء
يتجمّعون على موائد السهر الفقير
معذبين ومطرقين
الدمع سقياهم وخبزهم التأوُّه والأنين
يلقون ـ بين الدمعتين ـ زفير أسئلة
تُخشخش مثل أوراق الخريف الذابلات
هل مات من وهب الحياة حياته
حقًّا أمات؟
تتجمع الكلمات حول اسمٍ سرى كالنبض فى شريانهم
عشرين عامًا
كان الملاذ لهم من الليل البهيم
وكان تعويذ السقيم
وكان حلم مضاجع المرضى
وأغنية المسافر فى الظلام
وكان مفتاح المدينة للفقير يذوده حرس المدينة عن حِماها
وكان موسم نيلها
يأتى فينثر ألف خيط من خيوط الخصب تورق فى رباها
وكان من يحلو بذكر فعاله فى كل ليلة
للمرهقين النائمين بنصف ثوب.. نصف بطن
سمر المودّة والتغنِّى والتمنِّى والكلام
والآن أصبح كل لفظ خنجرًا
ولكل أمنية عذاب
هل مات.. واحزناه!!
عشرين عامًا
نلقاك شابًّا فى رداء الحرب تنفخ فى النفير
كى توقظ الأشلاء
تجمع شمل مصر المسترَقَّة
كانت على مجرى الزمان تمزّقت قِطَعًا
فطُفتَ على مسار النيل تجمع مزقة فى إثر مزقةْ
حتى نهضت – نهضتما – ألقيتما التابوت فى لهب السعير
وعدتما فى خير رفقةْ
نلقاك كهلا أشيب الفودين فى عمر النبوةْ.
4 – عبد المعطى حجازى.. “مرثية العمر الجميل”
هذه آخر الأرض
لم يبق إلا الفراقْ
سأسوّى هنالك قبرًا
وأجعل شاهده مزقة من لوائك
ثم أقول سلامًا
زمن الغزوات مضى والرفاقْ
ذهبوا
ورجعنا يتامى
هل سوى زهرتين أضمُّهما فوق قبرك
ثم أمزِّق عن قدمى الوثاق؟!
إنّنى قد تبعتك من أول الحلم
من أول اليأس حتى نهايته
ووَفَيْتَ الذماما
ورحلت وراءك من مستحيل إلى مستحيل
لم أكن أشتهى أن أرى لون عينيك
أو أن أميط اللثاما
كنت أمشى وراء دمى
فأرى مدناً تتلألأ مثل البراعم
حيث يغيم المدى ويضيع الصهيل
والحصون تساقط حولى
وأصرخ فى الناس
– يومًا بيوم –
وقرطبة الملتقى والعناقْ
آه.. هل يخدع الدم صاحبه
هل تكون الدماء التى عشقتك حراما؟ !
كنتُ فى قلعةٍ من قلاع المدينة ملقى سجينا
كنت أكتب مظلمة
وأراقب موكبك الذهبى
فتأخذنى نشوة وأمزِّق مَظلمتى
ثم أكتب فيك قصيدةْ
آه يا سيّدى !
كم عطشنا إلى زمن يأخذ القلب
قلنا لك اصنع كما تشتهى
وأعد للمدينة لؤلؤة العدل
لؤلؤة المستحيل الفريدةْ
لم أكن شاهدًا أبدًا
إننى قاتل أو قتيل!
مت عشرين موتًا
وأهلكت عشرين عمرًا
وآخيت روح الفصول
تتوارى عصوركم وأظل أغنّى لمن سوف يأتى
فترجع قرطبة وتجوز الشفاعةْ
إننى أحلم الآن
لم تأت
بل جاء جيش الفرنجة
فاحتملونا إلى البحر نبكى على الملك
لا.. لست أبكى على الملك
لكن على عمرٍ ضائعٍ لم يكن غير وهمٍ جميل !
فوداعًا هنا يا أميرى
آن لى أن أعود لقيثارتى
وأواصل ملحمتى وعبورى
تلك غرناطة تختفى
ويلف الضباب مآذنها
وتغطّى المياه سفائنها
وتعود إلى قبرك الملكى بها
وأعود إلى قدرى ومصيرى
من ترى يعلم الآن فى أى أرضٍ أموت؟.
5- الجواهرى.. “فى ذكراك الأولى يا ناصر”
أكبرت يومك أن يكون رثاء
الخالدون عهدتهم أحياء
أَوَيُرزقون؟ أجل، وهذا رزقهم
صنو الوجود وجاهة وثراء
صالوا الحياة، فقلت دَيْنٌ يقتضى
والموت قيلَ فقلتُ كان وفاء
أثنى عليك وما الثناء عبادة
كم أفسد المُتعبّدون ثناء
لا يعصم المجد الرجال وإنّما
كان العظيم، المجد والأخطاء
قد كنت شاخص أمّة نسماتها
وهجيرها، والصبح والإمساء
ألقت عليك غياضها ومروجها
واستودعتك الرمل والصحراء
كنت ابن أرضك من صميم ترابها
تعطى الثمار، ولم تكن عنقاء
تتحضّن السرّاء من أطباعها
وتلُمّ – رغم طباعك – الضرّاء
قد كان حولك ألف جار يبتغى
هدمًا، ووحدك من يريد بناء
لله صدرك ما أشدّ ضلوعه
فى شدّة، وأرقّهن رخاء
أثنى عليك، على الجموع يصوغها
الزعماء، إذ هى تخلق الزعماء
ناهضت فانتهضت تجرّ وراءها
شمم الجبال عزيمة ومضاء
ونكست فانتكست، وكنت لواءها
يهوى، فما رضيت سواك لواء
لسنا ملائكة ولكن حسبنا
إغراؤها، لنقاوم الإغراء
فيم التعجّب، لا نُحمّل وزرنا
قدرًا، ولا ما نحن فيه قضاء
يا ابن الكنانة وابن كل عظيمة
دهياء، تُحسن فى البلاد بلاء
ذبح الفداة ورحت أنت ضحيّة
عنهم، وما أغنى الفداء فداء.
6- محمد الفيتورى.. “القادم عند الفجر”
الآن وأنت مسجى
أنت العاصفة، الرؤيا، التاريخ، الأوسمة، الرايات
الآن وأنت تنام عميقًا
تسكن فى جنبيك الثورة
ترتدّ الخطوات
تعود الخيل مطأطئة من رحلتها
مغرورقة النظرات
الآن يقيم الموت سرادقه العالى
يتدفق كالأمطار على كل الساحات
الآن يكون الحزن عليك عظيمًا
والمأساةتدوس على جثث الكلمات
الآن وهم يبكون
كأن ملايين الأرحام
ولدتك
وأنك عشت ملايين الأعوام
وكأن اسم البطل المنحوت على حجر الأهراماسمك
وكأن يد العربى الأول
– تشعل كل مآذن مكةفى ليل الصحراء – يدك
وكأنك أنت تقاتل تحت لواء محمد فى مجد الإسلام
وليلة أن سقطت خيبر
قبّلت جبين علىّ مبتسمًا
ورحلت غريبًا تحملك الأيام
لتبصر ظلّ جوادك عبر موانئ بحر الروم
وتبنى أهرامات أُميّة فوق جبال الشام
عبد الناصر
عبد الناصر
أيدى الفقراء على ناقوس الثورة
والفقراء
غرباء ومصلوبين
زحموا الباب العالى ومشوا فوق البسط الحمراء
وخديو مصر يطأطئ هامته بعد الخُيلاء
أو أنت عرابى الواقف تحت الراية
ذو الصوت الآمر
أو أنت الثورة يا عبد الناصر
أو أنت الثورة والشعب الثائر
دع لى بعض الزهرات أعلقهن على صدرك
دع لى بعض اللحظات
يا من يتضاءل مجد الموت لدى عتبات عُلاه
يا من يتجسّد – وهْو شَموخ – فى قلب المأساة
يا عطر الأيام الحُبلى بعذابات التكوين
يا من هو كل المظلومين وكل المهمومين
إنى أصغى لصدى خطواتك فى أرض فلسطين
أو أنت القادم عند الفجر إلى أرض فلسطين
عليك سلام الله
عليك سلام الله .
7- محمود درويش.. “الرجل ذو الظل الأخضر”
نعيش معك
نسير معك
نجوع معك
وحين تموت
نحاول ألا نموت معك !
ولكن لماذا تموتَ بعيدًا عن الماء
والنيل ملء يديك؟!
لماذا تموت بعيدًا عن البرق
والبرق فى شفتيك؟
وأنت وعدت القبائل
برحلة صيف من الجاهليةْ
وأنت وعدت السلاسل
بنار الزنود القويةْ
وأنت وعدت المقاتل
بمعركة تُرجِع القادسيةْ
نرى صوتك الآن ملء الحناجر
زوابع تلو زوابع
نرى صدرك الآن متراسَ ثائر
ولافتة للشوارع
نراك
نراك
نراكطويلًا كسنبلة فى الصعيد
جميلًا كمصنع صهر الحديد
وحُرًّا كنافذة فى قطار بعيد
ولست نبيًّا..
ولكن ظلّك أخضر
أتذكر؟
كيف جعلت ملامح وجهى
وكيف جعلت جبينى
وكيف جعلت اغترابى وموتى
أخضر
أخضر
أخضر؟
أتذكر وجهى القديم؟
لقد كان وجهى يُحنَّط فى متحف انجليزى
ويسقط فى الجامع الأموى
متى يا رفيقى؟
متى يا عزيزى؟
متى نشترى صيدليةْ
بجرح الحسين.. ومجد أميةْ
ونبعث فى سدِّ أسوان خُبزًا وماء
ومليون كيلو وات من الكهرباء؟
أتذكر؟
كانت حضارتنا
بدويًّا جميلًا يحاول أن يدرس الكيمياء
ويحلم تحت ظلال النخيل بطائرة
وبعشر نساء
ولست نبيًّا
ولكن ظلك أخضر ..
نعيش معك
نسير معك
نجوع معك
وحين تموت
نحاول ألا نموت معك
ففوق ضريحك ينبت قمح جديد
وينزل ماء جديد
وأنت ترانا
نسير
نسير
نسير.
8- حمد بن خليفة .. فى رثاء جمال عبد الناصر
المرء يسعى والمنية أسرع والدهر بينهما يسر ويفجع
قدر يسيره المهيمن حيثما يختاره لا حيثما نتوقع
يا أمة فجعت بفقد زعيمها وقوى الضلال لسلبها تتجمع
نفذ القضاء ولا مفر لكائن حي من الأمر الذي لا يدفع
لو كان يقبل عن جمال فدية لفدته أنفس يعرب والأدمع
لكن حكمة ربنا في خلقه للمؤمنين به دليل مقنع
واختار ربك ناصراً لجواره شأن الأمانة حينما تسترجع
يا أيها الإنسان لم ينل الألى ما نلت من حب به تتمتع
جرحت فجيعتك الضمائر كلها فكأنها في كل قلب مبضع
أنا قبل فقدك كنت شاعر قومه أزجي القريض كما أشاء وأبدع
فغدوت لا أزن القوافي حسبما أهوى ولا كيف المعاني توضع
وإذا خلت نفسي إلي فإنني استشعر العزم الذي يتضعضع
ماذا أقول وقد بلوت تصبري فوجدت صبراً منهكاً لا ينفع
حاولت إيقاف الدموع تجلداً ففشلت واستعصى علي المدمع
إني لأستعفي الأديب قصيدة هزلت وبان من الهزال الأضلع
أبكيه من حر الفراق تألما لكنني رغم البكا لا أجزع
أنا لن أسجل ههنا تاريخه فسجله بالمكرمات مرصع
والعرب تعرف فضله وجهاده كالغيث حيث يصيب أرضا تمرع
إني لأسأل كل من لاقيته هل شمسنا بعد الغروب ستطلع
وهل المهيأ بعد فقد زعيمنا سيعيد ما سلب الطغاة ويرجع
ما كان قبلك للعروبة قيمة منذ الخلافة أو مقام يرفع
حتى أنرت لها الطريق فأصبحت فعلا لكل فضيلة تتطلع
والناس مختلفون في آرائهم لكن فيك على المحبة أجمعوا
فقدتك أمة يعرب وعدوها لما يزل في قدسها يتسكع
تموز أين جمال؟ إين حبيبنا ؟ أين الخطيب العبقري المصقع؟
أين الجماهير التي تصغي له فيهزها الكلم الجميل المقنع ؟
أرجو وآمل أن يوفق ربنا من للعروبة والشريعة أنفع
9- ” الأبنودى.. مواويل وتناتيش للذكرى”
أنا باشكر اللى خلق لى الصوت وأوصاني
أقول كلام حُرّ.. مايقبلْش لون تاني
مااسكتش ع الضِّيم واهشّ الغيم بقولة “آه”
وإن سرقوا صوتي.. بينسوا ياخدوا قولة “آه”
فى الفرْح فى الجرح إيه حيلتى إلاّ قولِة “آه”
يحميك يا ولدى وكنت اسكت وتتكلم
يحميك يا ولدى واكون مجروح وتتألم
ياما حرسْت النهار.. آدى النهار.. ضلِّم
وإن شفت جرح الوطن جوّه الفؤاد علم
تقول كلام.. ياسلام.. يحيينى من تاني!!
أنا كان لى ورْدات عجب.. كبّرتها بايدي
أسقيها بالدمع بالدم اللى فى وريدي
جانى غشيم القدم وداس على ورودي
أخدم جناينى فى بستانى يا ناس إزاي؟
وإن نمت ناسى باقوم فاكر يا ناس إزاي؟
مين مرّر الشاى فى شفايفى وبكى الناي؟
ياليل يابو الهمّ.. تحتك دم.. ما تحاسب
وقوللّى إمتى يا ليل.. وفين حنتحاسب؟
إزاى بلادى تبات ليلة مع الغاصب
وإزاى يدوس وردها.. واقولّه: “ياسيدي؟!
مدّ الأمل سِكِّتُه.. وقالِّنا: “سيروا
نصيبكو حيصيبكوا تمشوا والاَّ حتطيروا
عيشوا النهارده الزمن.. بكره زمن غيره
آدى أول السكة صوت الضحكة بيلالي
والشمس أمشيلها ألاقيها اللى ما شيالي
ولا حدّ يقدر يعكّر قلبنا الخالي
لكن ومين بكرة يعرف إحنا فين فيها؟
هيه حتدينا والا احنا حندّيها؟
وإيه نصيبنا من الأيام ولياليها؟
غاب الزمن فى الزمن.. واحنا بِلا عزوة
ولا نملك الا نماشى السكة ونسيروا”!!
ويا مصْر وان خيرونى ما اسكن الاَّكي
ولاجْل تتبِّسمي.. يا ما بابات باكي
تسقينى كاس المرار.. وبرضُه باهواكي
بلدى ومالى الّا إنتى ولو ظلمتيني..
مقبولة منِّك جراح قلبى وْدموع عيني
الجرح يشْفَى إذا بإيدك لمستيني..
كلّك حلاوَة.. وكلمة “مصر”.. أحلاكي!!
التّناتيش
من يمدحُه يطلع خاسر
ويشبَّروله.. أيامه
يعيش جمال عبدالناصر
يعيش بصوته وأحلامه فى قلوب شعوب عبدالناصر
مش ناصرى ولا كنت ف يوم
بالذات فى زمنه وف حينه
لكن العفن وفساد القوم
نسّانى حتى زنازينه.. فى سجون عبدالناصر
إزاى ينسّينا الحاضر..
طعم الأصالة اللى فى صوته؟
يعيش جمال عبدالناصر
يعيش جمال حتى ف موتُه ما هو مات وعاش عبدالناصر!!
اسمه جمال وجميل فعلاً
ياما شفنا شجعان خوّافه
عظيم.. وكان إنسان طبعاً
المجد مش شغل صحافة علشان ده عاش عبدالناصر
أعداؤه كرهوه ودى نعمة
مِن كرهُه أعداؤه صادق
فى قلبه كان حاضن أمَّه
ضمير وهمَّة ومبادئ ساكنين فى صوت عبدالناصر
ملامحنا.. رجعت بعد غياب
دلوقت بس اللى فهمناه
لا كان حرامى ولا كداب
ولا نهبها مع اللى معاه أنا باحكى عن عبدالناصر
عشنا الحياة وياه كالحلم
فلا فساد ولا رهن بلاد
يومها انتشينا ثقافة وعلم
وف زمنه ماعشناش آحاد كنا جموع فى زمن ناصر
كان الأمل فى خُضرِتُه بِكْر
مافيش لصوص للقوت والمال
ومصر أبطال ورجال فكر
ومثقفين ستات ورجِال جيوش جمال عبدالناصر
كان الهلال فى قلبه صليب
ولا شفنا حزازات فى بلادنا
ولا شُفنا ديب بيطارد ديب
ولا جرَس خاصم مادنة وَحَّدْنا صُوت عبدالناصر
دفعنا تمن الحرية
بدمّ مش بدينار ودولار
يوم وقفته فى “المنشية”
خلّى الرصاص يهرب من عار أعداء جمال عبدالناصر
رغم الحصار كنا أحرار
وفى الهزيمة الشعب ماجعْش
كان اسمها “بلد الثوار”
وقرار زعيمها مابيرجعْش قرار جمال عبدالناصر
خلَّى بلادُه.. أعزّ بلاد
ليها احترام فى الكون مخصوص
لا شفنا وسط رجالُه فساد
ولا خطط سمسرة ولصوص كان الجميع عبدالناصر
لولاه ماكنتوا اتعلمتوا
ولا بقيتوا “دراكولا”
ياللى انتو زعما وإنجازكو
دخّلتوا مصر الكوكاكولا وبتشتموا ف عبدالناصر
عمره ما جاع فى زمانه فقير
أو مالتقاش دوا للعِلّة
دلوقت لعبةْ “اخطف طير”
والأمة فى خِدْمةْ شِلَّة تكره جمال عبدالناصر
يتّريقوا على طوابيرُه
علشان فراخ الجمعية
شوفوا غيره دلوقت وخيرُه
حتى الرغيف بقى أمنية يرحم جمال عبدالناصر!!
فيه ناس بتنهب وتسوِّف
لا يهمّها من عاش أو مات
ورضا العدو عنّا يخِوِّف
معناه أكيد إننا قَفَوات من يوم مامات عبدالناصر!!
الأرض رجْعت للإقطاع
وقالوا: “رجعت لصْحابها”
وصاحبَك الفلاح تانى ضاع
ضاعْت العقود واللى كتبها وخط إيد عبدالناصر!
أنا أذكُرك من غير ذكري
والناس بتفتكرك بخشوع
الأمس واليوم ده وبكره
يبكوك بعظمة مش بدموع يكفَى نقول: “عبدالناصر”
دلوقت رجعوا الفقرا خلاص
سكنوا جحورهم من تاني
رحل معاك زمن الإخلاص
وِجِهْ زمن غير إنسانى ماهوش زمن عبدالناصر!!
صحينا على زمن الألغاز
يحكمنا فيه “أهل الأعمال”
وللعدو.. صدّرنا الغاز
بفرحة وبكل استهبال نكاية فى عبدالناصر!
بنمدها بغاز الأجيال
تحويشةِ الزمن القادم
إتوحَّشوا فْ جمع الأموال
ورجعْنا سادة.. وخوادم ضد اتجاه عبدالناصر
يا جمال.. نجيب زيك من فين
يا نار.. يا ثورة.. يا ندهِةْ ناي..
البوسطجي.. إللى اسمه “حسين”
– أبوك – منين جابك؟ وإزاي.. عمل جمال عبدالناصر؟!
لو حاكتبك.. ما تساع أقلام
ولا كلام غالى وأوراق
الأمر وما فيه.. أنا مشتاق
فقُلتْ أمسِّى عليك وأنام نومةْ جمال عبدالناصر!!
10- “موال لجمال”
وألْف رحمة على اللى لِسَّه “قُلْنا وقال”.
اللى مَضَى وذمِّته.. مَثَل جميل.. يتقال.
ما هي نادْرة في مصر حاكم.. يطلع ابن حلال
حاكم.. يِدادى الجميع.. ويبوسْ رقيق الحال.
وده عِشْقِتُه: فلاحين.. طلَبة.. جنود.. عُمّال.
وخاض معارك جِسام.. مين طلّع الاحتلال..؟
مين اللى صحَّى الشعوب.. تكسَّر الأغلال؟
ويْبُخُّوا أكاذيب فى سيرتُه يسمِّموا الأجيال.
من بعد ما شفنا غيرُه.. فهمنا عهد جمال.