من كتابة أ ف ب
الجمعة 17 / 05 / 2024
صورة وزعتها وكالة سبوتنيك الروسية للقاء غير رسمي بين الرئيسين الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين في تشونغنانهاي في بكين في 16 أيار/مايو 2024 © ميخائيل ميتزل
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة رغبة موسكو في تعزيز تعاونها مع بكين في مجال الطاقة، وذلك في تصريحات من مدينة هاربين بشمال شرق الصين، في اليوم الثاني من زيارته للدولة الآسيوية، والذي سيركّز على تعزيز التجارة بين موسكو وبكين.
ووصل بوتين الخميس الى بكين في زيارة دولة تستمر يومين، هي الأولى له الى الخارج منذ فوزه بولاية جديدة في آذار/مارس، والثانية الى ثاني قوة اقتصادية في العالم منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
والتقى الرئيس الروسي نظيره الصيني شي جينبينغ الخميس، وأشادا بالعلاقات المتنامية بين بلديهما لما تشكّله من عامل “استقرار” و”سلام” في العالم.
وعززت موسكو وبكين علاقاتهما الاقتصادية والتجارية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022. وتبدي دول غربية حليفة لأوكرانيا تدعمها بالأسلحة، مخاوفها من أن يشمل هذا التقارب المجال العسكري، رغم غياب ما يثبت ذلك الى الآن.
وتمثّل الصين شريان حياة أساسياً لروسيا في المجال الاقتصادي، في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو منذ غزوها لكييف.
وأكدت الصين رسميا وقوفها على الحياد في حرب أوكرانيا، لكنها لم تدن هجوم موسكو، وهو ما جعلها عرضة لانتقادات من الغرب الحليف لكييف. وتدعو بكين إلى احترام سلامة أراضي كل الدول بما يشمل أوكرانيا ضمنا، مع تأكيدها ضرورة أخذ مخاوف روسيا بالحسبان.
– معرض تجاري –
وتأتي زيارة بوتين لهاربين في إطار السعي لتعزيز العلاقات التجارية. فالمدينة التي يقطنها عشرة ملايين نسمة، تقع على بضع مئات من الكيلومترات من الحدود الروسية وتعدّ محورية في التبادلات بين الجانبين.
وتشكّل روسيا مورداً أساسياً للصين في مجال الطاقة، خصوصا بعد العقوبات الغربية على موسكو التي قلّصت بشكل حاد، صادراتها من النفط والغاز.
وقال بوتين في افتتاح معرض تجاري روسي صيني في هاربين الجمعة إن “روسيا مستعدة وقادرة على أن تغذي من دون انقطاع الاقتصاد الصيني، الشركات، والمدن بطاقة مقبولة الكلفة ونظيفة بيئياً”.
وأضاف “بينما يقف العالم على مشارف الثورة التكنولوجية المقبلة، نحن مصمّمون على تعزيز التعاون الثنائي في مجال التقنية المتقدمة والابتكار على الدوام”.
ووفق وكالة “تاس” الرسمية، يعقد بوتين مؤتمراً صحافياً مع وسائل الإعلام الروسية في وقت لاحق من اليوم.
وكان الرئيس الروسي أكد الخميس أن “العلاقات بين روسيا والصين ليست انتهازية وليست موجهة ضد أي أحد. وقال “يشكّل تعاوننا عامل استقرار على الساحة الدولية”، مضيفا “معا، ندعم مبادئ العدالة ونظاماً ديموقراطياً عالمياً يعكس الوقائع المتعددة القطب، ويكون مبنياً على القانون الدولي”.
بدوره أكد الرئيس الصيني لضيفه أن العلاقة بين بكين وموسكو “مؤاتية للسلام”. وقال شي، وفق وزارة الخارجية الصينية، إن “العلاقات بين الصين وروسيا لا تصب في مصلحة البلدين الكبرى فحسب، بل هي مؤاتية للسلام أيضا”، مؤكدا استعداده لتعزيزها.
ووقّع الرئيسان بياناً مشتركاً لتعميق “الشراكة الاستراتيجية الشاملة”، علما أن زيارة بوتين تأتي في عام يحيي البلدان الذكرى الخامسة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وفي بيان مشترك الخميس، شددت بكين وموسكو على ضرورة تجنّب أي “تصعيد” جديد في أوكرانيا، وانتقدتا الخطوات التي من شأنها “إطالة أمد” النزاع، في إشارة ضمنية الى الأطراف الغربية التي يكّرر الكرملين تحميلها مسؤولية إطالة أمد الحرب جراء المساعدات العسكرية التي توفرها لكييف.
وكان شي جينبينغ أكد في وقت سابق الخميس توافق الصين وروسيا على ضرورة التوصّل إلى “حل سياسي” للنزاع.
– واشنطن تنتقد “الأمر ونقيضه” –
ودافع الرئيس الصيني العائد حديثاً من جولة أوروبية شملت فرنسا وصربيا والمجر، عن حق بكين بعلاقات اقتصادية طبيعية مع موسكو.
ويثير هذا التقارب خشية كبيرة في دول الغرب. وحذّرت واشنطن بكين من مغبة توفير دعم عسكري لموسكو، لكنها تؤكد في الوقت عينه أنها لم ترَ بعد دليلا على حصول ذلك. الا أن الولايات المتحدة تعتبر أن الدعم الاقتصادي الصيني يتيح لروسيا تعزيز إنتاجها العسكري خصوصا الصواريخ والمسيّرات والدبابات.
ويرى محلّلون أن الصين الباحثة كذلك عن تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، قد تكون متردّدة في زيادة تعاونها مع روسيا في الوقت الراهن.
واعتبرت واشنطن الخميس أنّ الرئيس الصيني لا يمكنه أن يحسّن العلاقات مع الغرب وأن يدعم روسيا في الوقت نفسه.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة فيدانت باتيل للصحافيّين إنّ “جمهوريّة الصين الشعبيّة لا يمكنها أن تجمع بين الأمر ونقيضه”.
وأضاف أن بكين لا يمكن أن “تكون لها علاقات (أفضل) مع أوروبا ودول أخرى بينما تستمر في الوقت نفسه في تأجيج أكبر تهديد للأمن الأوروبي منذ زمن طويل”، في إشارة إلى غزو أوكرانيا.
وازدادت المبادلات التجارية بين الصين وروسيا بشكل ملحوظ منذ بدء غزو أوكرانيا، وتخطت 220 مليار يورو في العام 2023، وفق الجمارك الصينية.
الا أن الصادرات الصينية الى روسيا تراجعت في آذار/مارس ونيسان/أبريل، بعد تلويح واشنطن بفرض عقوبات ثانوية على المصارف الأجنبية المرتبطة بالمجهود الحربي الروسي، ما يسمح لوزارة الخزانة الأميركية باستبعادها من النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار. ومذاك، أوقفت مصارف صينية عدة التعاملات مع عملاء روس أو أبطأتها، وفق مصادر من البلدين.
وأقر الكرملين بهذه المشكلة في شباط/فبراير الماضي، وانتقد الناطق باسمه دميتري بيسكوف لاحقا الضغوط الأميركية “غير المسبوقة” على الصين.
من جهتها، لم تعترف بكين بوجودها، لكنّ وزارة خارجيتها صرّحت لفرانس برس أنها تعارض “العقوبات الأميركية الأحادية الجانب وغير القانونية”.
بور-اوه-كا/كام/الح