رأي القدس – القدس العربي
الجمعة , 15 نوفمبر , 2024
لم يجد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب شخصا أنسب لترشيحه لمنصب سفير واشنطن في إسرائيل من مايك هاكابي، حاكم ولاية أركنساس السابق، المعروف بدعمه المطلق لإسرائيل، الذي تحدّث بهذه المناسبة لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء، ليكرّر موقفه المعلن السابق والمعروف عن دعمه لضم إسرائيل لأراضي الضفة الغربية المحتلة.
تناغم ذلك مع تصريحات جديدة لبنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، قال فيها إنه أخبر ترامب في محادثاته الأخيرة معه أنه يجب عندما يتقلد منصبه «إعادة إمكانية السيادة على الضفة الغربية إلى الأجندة» وكذلك مع تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي قال إنه حان الوقت في حقبة ترامب الجديدة لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، كما تتكامل الوقائع الآنفة مع تعيين المستوطن يحيئيل ليتر (والذي كان مستشارا لنتنياهو) سفيرا لإسرائيل في واشنطن.
عند سؤال هاكابي إن كان ترامب سيسعى لضم الضفة الغربية لإسرائيل قال إنه «أثبت بالفعل في ولايته الأولى أنه لم يكن هناك رئيس أمريكي أكثر منه مساعدة بتأمين فهم لسيادة إسرائيل من خلال نقل السفارة والاعتراف بهضبة الجولان والقدس عاصمة».
والحقيقة أن مجرد اختيار هاكابي نفسه لهذه المهمة يؤكد بقوة هذا التوجّه، فواضح أن ترامب اختاره بناء على مواقفه السياسية المتعصّبة بشدة للدولة العبرية، وللجناح الديني الصهيوني الأكثر تطرّفا فيها، وهو ما يوضحه تصريح سابق له تداوله الإسرائيليون مؤخرا بقوة على شبكات التواصل وقال فيه إنه «لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية، وانما يهودا والسامرة، ولا يوجد شيء اسمه مستوطنات، إنها أحياء ومجتمعات ومدن، ولا يوجد شيء اسمه الاحتلال».
إضافة إلى تحقيق مطالب الحكومة الإسرائيلية المنخرطة في جرائم الحرب والإبادة الجماعية للفلسطينيين، ولإلغاء وجودهم السياسيّ، يرغب الرئيس الأمريكي المنتخب في تحقيق هدف آخر يتكشّف في وصفه هاكابي بـ«زعيم ديني» فهذا القسيس المسيحي المولود عام 1955، معروف أيضا بكونه مقدم برامج تلفزيونية تبشيرية، ويمكن اعتبار ترشيحه هديّة لتيار المسيحية الإيفانجيليكية الصهيونية الداعم له، وهو أمر سيعزز منطق صراع الأديان، ويؤجج السرديّات الملتهبة سواء لتيّارات اليمين المسيحي المتطرّف الغربي، أو تيّارات السلفية الجهادية المسلحة الإسلامية.
يأتي الترشيح بعد أشكال من الدعم تلقّاها ترامب من قبل قادة عرب ومسلمين في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، ساهمت في الترويج له وفي انتخابه، وبعد وعود من حملة ترامب بـ«إنهاء الحرب في غزة».
أراد كثير من الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين الانتقام من الإدارة الأمريكية الحالية والثأر من دورها في الإبادة الجارية حتى الآن في غزة، كما صوّت بعضهم لترامب، كما قال قادتهم، لأن أجندته الاجتماعية المحافظة أقرب إلى قيمهم الدينية والاجتماعية، وهما حجّتان متهافتتان فلا «إنهاء الحرب» يعني إنهاءها لصالح الفلسطينيين، ولا احتقار حق الإجهاض، والتأمين الصحي، والأقليات الدينية والجندرية يعني أن إدارة ترامب ستحترم حقوق العرب والمسلمين وقيمهم.
والنتيجة أن أول ما فعله ترامب لـ«مكافأة» الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين الذين صوّتوا له، ولمن روّجوا له في العالم بسبب تعاطفهم مع القضايا العربية والإسلامية في العالم، هو إعلان تسليم أمور الفلسطينيين والشرق الأوسط لثلّة الإرهاب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي في إسرائيل، وفوق ذلك السعي لإنهاء الوجود السياسي للفلسطينيين وإلغاء «حل الدولتين».