كوبنهاغن – ناصر السهلي
01 مارس 2025
سجال ترامب وزيلينسكي يثير قلق أوروبا بشأن فاتورة الحرب
جاء السجال بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس من جهة، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من جهة أخرى، أمس الجمعة، ليضع الأوروبيين أمام حقائق تسارع اهتزاز أسس العلاقة عبر الأطلسي. هذا التسارع جاء قبل مرور شهر على دخول ترامب مجدداً إلى البيت الأبيض باتصاله بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير/شباط الماضي، واندفاعه نحو “سلام فوري” في أوكرانيا من دون التحدث مع الحليف الأوروبي.
وعبّر مستشار ترامب السابق جون بولتون عما يجول في تفكير أوروبا الفزعة، حين اعتبر في مقابلة مع “سي أن أن” الأميركية أن نتيجة الاتصال ببوتين تعني “أنهم في الكرملين يشربون الفودكا مباشرة من الزجاجة الليلة”، وأنه “كان يوماً عظيماً لموسكو”. وبكل بساطة، يقرأ الأوروبيون ترامب على أنه يريد “رمي أوكرانيا تحت عجلات الحافلة”. قراءة تستند إلى فهمهم تعهدات ترامب لبوتين حول مصالحه في أوكرانيا. فأوروبا تعيش منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 هاجس ما تطلق عليه “الوقوف بوجه العدوانية الروسية”، وبنت سرديتها على أن وقفتها مع كييف بمثابة “الدفاع عن أوروبا”.
قلق أوروبا الأعمق
قلق ساسة بروكسل في الاتحاد الأوروبي، وإلى حد ما معهم بريطانيا، لا يتعلق فقط برمي ترامب فاتورة الحرب على طاولتهم، بل ما هو موضوع على طاولة بوتين-ترامب. فبحسب بعض ساسة القارة المصابة بهلع التخلي عنها، يبدو أن فرض تنازل أوكرانيا عن بعض أراضيها ورفض ترامب ونائبه جي دي فانس تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا يعنيان “فتح شهية بوتين”.
الدروس ورسائل ترامب في موقعة المكتب البيضاوي بدت واضحة للأوروبيين بشأن “تدفيع” القارة وأوكرانيا أثمان مساهمة بلاده في التسليح والمال، وتحت عنوان “أميركا أولاً”، حيث يصر الرجل على أن بلاده قدمت 350 مليار دولار، في حين يضع معهد كييل للدراسات الاقتصادية المبلغ عند سقف 121 ملياراً على شكل مساعدات وقروض. بالنسبة له، فإن تدفيع الأثمان والوصول إلى سلام مع بوتين يتطلب تنازل كييف له عن نصف ما في جوف أرضها من ثروات ومعادن وأتربة نادرة، وعن أراضيها لمصلحة موسكو.
وفي سياق تعهدات ترامب لبوتين بحسب ما يقرأ الأوروبيون، يأتي رفض منح أوكرانيا ضمانات أمنية وعضوية الناتو، في وقت تُجبَر كييف على التنازل عن أراضيها وعدم إمكانية العودة إلى حدود 2014 (تاريخ ضم روسيا شبه جزيرة القرم)، وذلك ما أكده وزير دفاع ترامب بيت هيغسيث الشهر الفائت في بروكسل. وهو ما يعده الأوروبيون بمثابة التأسيس لنظام دولي جديد، كما تنقل صحيفة إنفورماسيون.
الواضح أنهم في القارة العجوز يرون ما يجري أبعد من أوكرانيا، فهم يخشون من ترسيخ العقيدة الأميركية الجديدة، ومن أنها رسالة إلى روسيا بإمكانية ضم الجمهوريات السوفييتية السابقة، ويتحدثون تحديداً عن دول البلطيق الصغيرة، ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، التي يضم بعضها أقليات ناطقة بالروسية، بالإضافة إلى قلق دول اسكندنافية مثل فنلندا والسويد حين التجأت إلى عضوية الناتو بعد الحرب الأوكرانية لتعزيز الضمانات الأمنية.
وبالنسبة لبعض خبراء ومحللي ما يجري، فإن السياسة الأميركية “يمكن أن تشجع أيضاً الصين على ابتلاع تايوان، ناهيك عن نيات ترامب تجاه بنما وكندا وغرينلاند وغزة”، بحسب ما نقلت إنفورماسيون الدنماركية عن بعض من يعتبرون أن مثل هذا النظام الدولي الجديد، الذي تتقاسم خريطته الدول الكبرى بناء على مصالحها كما ساد مطلع القرن الماضي، وهو نظام “جنة للإمبرياليين في العالم”.
مسألة “الضمانات الأمنية” لم تعد تخص أوكرانيا فقط، بل حتى في رفض ترامب إمكانية تفعيل البند الخامس من ميثاق “ناتو” (ويسمى أيضاً بند الفرسان، وفيه تلزم الدول الـ32 الدفاع عن أي عضو يتعرض لاعتداء)، إذا ما تعرضت قوات حفظ السلام الأوروبية المفترضة في أوكرانيا لاعتداء روسي.
ترامب.. تشامبرلين 2025
مؤشرات كثيرة زادت من الضغوط على الأوروبيين ومخاوفهم حيال التخلي الأميركي عن الحلفاء، ومن هنا يمكن فهم تأييد أغلبية ساسة أوروبا زيلينسكي، كما ذهبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين ومقررة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاجا (كايا) كالاس إلى اعتبار أوكرانيا هي أوروبا، وشددوا على الوقوف معها، وبينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني القادم فريدريش ميرز ورئيس حكومة بولندا دونالد توسك ورئيس حكومة السويد أولف كريسترسون، وكذلك فعلت الدنماركية ميتا فريدركسن التي تقف على خط النار مع ترامب بسبب إصراره على تنازلها له عن جزيرة غرينلاند.

كيف “طرد” ترامب زيلينسكي دون اتفاق أو وجبة غداء؟
في مقابل ذلك، سبح رئيس الحكومة المجري القومي المتشدد فيكتور أوربان عكس التيار الأوروبي في تأييده ترامب “الرجل القوي يصنع السلام”. وبالطبع كان الروس سعداء لعبارات ترامب عن بوتين، ومرافعته عنه بوجه مؤامرة الديمقراطيين لتصويره متدخلاً في انتخابات 2016، إلى جانب تحميل أوكرانيا مسؤولية غزو روسيا لها.
يصل الأمر ببعض الأوروبيين المصدومين من مسارعة ترامب لفرض تنازلات للسلام في أوروبا إلى مقارنته برئيس حكومة بريطانيا الأسبق آرثر نيفل تشامبرلين، الذي قال جملته الشهيرة عن “السلام في عصرنا” بعد معاهدة مؤتمر ميونخ عام 1938 (حيث قبلت فيها باريس ولندن مطالب الزعيم أدولف هتلر بضم أجزاء من تشيكوسلوفاكيا). وثمة من يعتقد بينهم أن ترامب وبوتين ينظران إلى قارتهم على أنها “مجموعة دول صغيرة تفتقر إلى الوحدة ويمكن التغلب عليها”.
إذاً، قد تضع المؤشرات، التي وصلت إلى ذروتها أمس في البيت الأبيض، أوروبا أمام حقيقة مثيرة للهلع. ولعل أهمها اعتبار حليفهم الأميركي نفسه لاعباً محايداً، ما يفرض على ساستها وضع كل السيناريوهات على طاولتهم، وأخطرها وقوف أميركا متفرجة حال تعرض دولهم لاعتداء. والسؤال الجوهري بينهم: هل يجب تأسيس دفاع عن القارة بشكل مستقل عن أميركا؟ في وقت تشكل فيه الصناعات العسكرية الأميركية نحو نصف مشتريات أسلحة القارة.

موقع أميركي: تحول مثير في حرب أوكرانيا من ستارلينك إلى ستارشيلد
الجزيرة نت
السبت، ١ مارس / آذار ٢٠٢٥
موقع أميركي: تحول مثير في حرب أوكرانيا من ستارلينك إلى ستارشيلد ذكر موقع ناشيونال إنترست الأميركي أن تكنولوجيا الأقمار الصناعية مثل ستارلينك وستارشيلد التي قدمها إيلون ماسك أحدثت تحولا في حرب أوكرانيا، حيث ساعدت على تعزيز القدرة العسكرية الأوكرانية وجعلت الحرب تنافسا في الفضاء يعتمد على السرعة والاتصال.
وأوضح الكاتب براندون جيه ويخرت في تقرير نشره الموقع أن الوصول إلى ستارلينك وستارشيلد ساعد في إبقاء كييف في المعركة.
واعتبر أن السرعة تعتبر ميزة حاسمة في الحروب الحديثة، والاتصالات المتطورة تساعد على تحقيق ذلك، مبرزا أن خطط الحرب الروسية كانت تتضمن منذ البداية هجوما واسعا على البنية التحتية للاتصالات في أوكرانيا بهدف عزلها عن بقية العالم، مما يحرم الأوكرانيين من القدرة على التواصل وكذلك تنسيق دفاعهم عن وطنهم.
قلق روسيي صيني في ظل هذا الوضع، ناشد الأوكرانيون إيلون ماسك لمنحهم حق الوصول إلى شبكة الأقمار الصناعية ستارلينك التابعة لشركته “سبيس إكس”. ولم تكن ستارلينك مخصصة للاستخدام العسكري، حيث كان الهدف الأصلي منها هو توفير الإنترنت الموثوق لبعض أصعب أجزاء العالم للوصول إليها.
وأشار الكاتب إلى أن الأقمار الصناعية نفسها صغيرة ويمكن نشرها بتكلفة منخفضة، علاوة على ذلك، فهي قابلة للاستبدال.
ومن خلال منح أوكرانيا القدرة على الوصول لأنظمة اتصالات إيلون ماسك في الوقت الذي كانت فيه القوات الروسية تتقدم من جميع الجبهات في بداية الحرب، تمكن الأوكرانيون من الاستمرار في القتال، وتغيير مسار الحرب على الفور.
وأفاد الكاتب أنه مع إدراك دور ستارلينك في مقاومة أوكرانيا لغزو روسيا في بداية الحرب، بدأت روسيا والصين في التفكير في طرق لتعطيل نظام ستارلينك، وقد قامت بكين بتطوير نظام ليزر قادر على الانتشار عبر كوكبة ستارلينك بأكملها.
ستارشيلد ومن جانبه، أصبح ماسك حذرا من استخدام الأوكرانيين لنظام ستارلينك لأن هذا النظام لم يكن مخصصا للاستخدام العسكري، لذلك قام بتحويل الأوكرانيين إلى ستارشيلد، النسخة العسكرية من ستارلينك.
وتعد شبكة ستارشيلد -بحسب الكاتب- غامضة للغاية نظرا لطبيعتها السرية، ولكن ما هو معروف هو أنها تعتمد على نموذج ستارلينك وتعمل على تحسينه بشكل كبير لدعم عمليات عسكرية متقدمة ومعقدة.
وشدد ويخرت على أن الوصول إلى ستارلينك وستارشيلد يمكن أن يساعد أوكرانيا بشكل محدود، إذ في الحرب الطاحنة المستمرة مع روسيا، ستكون القوة التي تستطيع تحمل الإصابات والأضرار لفترة أطول من الأخرى هي القادرة على الانتصار، ولا يمكن لستارلينك وستارشيلد تغيير هذه الحقيقة.