تطبيع ميتر
مايو 27, 2025
في بيان لافت، دعا المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، يوم 21 أيار/مايو 2025، الدول الأوروبية إلى تحويل موجة الغضب الشعبي والبرلماني تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة إلى قرارات سياسية ملزمة توقف العدوان، وتفك الحصار المستمر منذ نحو 600 يوم.
البيان يعكس إدراكًا متزايدًا داخل الأوساط الفلسطينية في الشتات لفرصة سياسية جديدة بدأت تتبلور، عنوانها: نقطة تحوّل في المزاج الأوروبي تجاه إسرائيل، بعد سنوات من الدعم غير المشروط.
جوهر المطالب: من المواقف إلى الآليات
المؤتمر حدّد أربعة مسارات مركزية ينبغي أن تتحول إليها هذه التحركات:
وقف فوري وغير مشروط للعدوان والحصار، مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودائم.
تعليق شامل لتصدير السلاح والتقنيات العسكرية إلى إسرائيل، باعتباره دعمًا مباشرًا للعدوان.
دعم مسارات المحاسبة الدولية، خاصة عبر المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.
إعادة النظر في العلاقات الثنائية مع إسرائيل، خاصة تلك التي تغذي آلة الحرب (التجارة، التكنولوجيا، الأمن السيبراني).
قراءة هذه المطالب تُظهر أن المؤتمر لم يكتفِ بالإدانة، بل حوّلها إلى جدول عمل واضح للضغط الأوروبي، ما يجعل بيانه وثيقة سياسية قابلة للبناء عليها في الحملات الحقوقية والتحرك البرلماني.
الشرعية الدولية في مفترق طرق
البيان شدد على أن أوروبا تُختبَر أخلاقيًا وسياسيًا، وأن استمرار “سياسة الكيل بمكيالين” يقوّض ما تبقى من مصداقية المنظومة الدولية، خاصة فيما يتعلق بـ:
تطبيق القانون الدولي الإنساني.
منع جرائم الإبادة الجماعية.
إنهاء الإفلات من العقاب.
وهنا يبرز دور المحاكم الدولية كميدان للرد، حيث دعا المؤتمر إلى تسريع ملاحقة قادة الاحتلال بجرائم الحرب، وإيقاف الدعم القانوني والسياسي الممنوح لهم عبر التحالفات الغربية.
من الرمزية إلى الفعل: متى تتجاوز أوروبا عتبة التردد؟
رغم أن المؤتمر رحّب بقرارات مثل:
استدعاء بريطانيا للسفيرة الإسرائيلية.
تجميد مفاوضات التجارة الحرة.
مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
دعوات وقف تصدير الأسلحة.
إلا أن البيان حمّلها طابع “الرمزية المتأخرة”، مشيرًا إلى أن ما يحدث في غزة يتطلب تحركات أكثر جرأة، تتناسب مع حجم الكارثة.
هشام أبو محفوظ، القائم بأعمال الأمين العام، اعتبر أن هذه الخطوات لم ترقَ بعد إلى مستوى “تحمّل المسؤولية الدولية”، بينما وصفها زياد العالول بأنها “ذر للرماد في العيون إذا لم تُترجم إلى عقوبات وإجراءات فعالة”.
دور الجاليات والشارع الأوروبي
في دعوة استراتيجية، حثّ المؤتمر الجاليات الفلسطينية والعربية، وأحرار العالم في أوروبا، على:
تصعيد الضغط الشعبي والإعلامي والقانوني.
العمل على عزل إسرائيل سياسيًا، وملاحقة رموزها قانونيًا.
منع محاولات تغطية الجرائم الإسرائيلية عبر الدبلوماسية الناعمة.
المؤتمر أدرك أن النخب السياسية تتحرك تحت ضغط الشارع، وأن نزع الغطاء الشعبي عن الحكومات الأوروبية هو مفتاح تحوّل مواقفها من الإدانة إلى الفعل.
البيان الأوروبي السبعيني.. مؤشرات لتغير حقيقي؟
تزامن بيان المؤتمر مع موقف غير مسبوق لقادة سبع دول أوروبية (إسبانيا، النرويج، آيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورغ، مالطا، وسلوفينيا) الذين دعوا إلى:
وقف فوري للعدوان ورفع الحصار.
رفض أي محاولات للتطهير العرقي أو التغيير الديموغرافي.
دعم حل الدولتين ضمن احترام القانون الدولي.
هذه الخطوة عكست بداية تخلخل في الإجماع الأوروبي السابق حول دعم إسرائيل، وهو ما قد يُمهّد لمسار دبلوماسي جديد أكثر اتزانًا في التعامل مع الصراع.
هل يتحول المشهد؟
الفرصة:
أوروبا تمرّ بلحظة سياسية نادرة، تتعرض فيها حكوماتها لضغط مزدوج: شعبي وحقوقي، ما يفتح الباب أمام قرارات غير مسبوقة ضد الاحتلال.
التحذير:
الخطورة تكمن في ترك هذه التحركات في إطار “الرمزية الآمنة”، دون تصعيدها إلى مستوى العقوبات، المقاطعة، والمحاسبة.
الرهان:
يكمن على وعي الشارع الأوروبي، وعلى قدرة الجاليات الفلسطينية والعربية والمنظمات الحقوقية في الاستمرار بالضغط وتقديم الأدلة القانونية، وتحشيد الرأي العام نحو تحوّل استراتيجي حقيقي.
التوصيات المقترحة في ضوء البيان:
تحويل قرارات البرلمانات الأوروبية إلى مشاريع قوانين ملزمة للحكومات.
إنشاء تحالف مدني أوروبي لحظر السلاح عن إسرائيل.
تفعيل المساءلة الجنائية عبر دعم دعاوى ضد قادة الاحتلال في المحاكم الوطنية الأوروبية.
مطالبة الاتحاد الأوروبي بتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل فورًا.
تنظيم “أسبوع أوروبي لغزة” يتضمن فعاليات شعبية وبرلمانية في كل العواصم الأوروبية.