صوت فلسطين
لم يكن مفاجئًا أن يتقيأ عبد الفتاح السيسي بمهاترات لم ينزل الله بها من سلطان، فقد اعتدنا على أنظمة عربية عبرية تتواطأ علنًا ضد الشعب الفلسطيني، لكن هذه المرة جاءت الفضيحة على أعتاب اجتماع جامعة الدول العربية، حيث خرج علينا السيسي بمقترح أقل ما يقال عنه إنه استهبال سياسي فجّ.
السيسي يطلب من حماس تسليم سلاحها لمصر والاتحاد الأوروبي “أمانة” حتى قيام الدولة الفلسطينية!
أيّ دولة يتحدث عنها هذا الرجل؟ أليست هي ذات “الدولة منزوعة السلاح” التي صدع رؤوسنا بها في تصريحاته السابقة؟ كيف يجتمع في العقل السويّ أن تُطالب حركة مقاومة بتسليم سلاحها مقابل وعد بدولة سبق أن أعلن السيسي نفسه أنها ستكون بلا جيش ولا قوة تحميها؟! هل يعتقد أن حماس والشعب الفلسطيني بهذا الغباء؟
لعبة قذرة قبل اجتماع الجامعة العربية
قبل يومين فقط من اجتماع جامعة الدول العربية، يأتي هذا التصريح المشبوه كجزء من حملة التضليل السياسي التي تهدف إلى:
1. إعطاء إسرائيل غطاءً سياسيًا جديدًا لإكمال مشروعها الاستعماري، عبر تقديم السيسي كوكيل عربي يروّج لخيارات “مهادنة” على حساب المقاومة.
2. إعادة تدوير المبادرة العربية العقيمة، بعد أن فشلت كل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، يحاول السيسي ترويج وهمٍ جديد للشعوب بأن هناك “حلاً سياسيًا” بينما الحقيقة أن كل شيء يتم وفق الإرادة الصهيونية.
3. تقديم نفسه كوسيطٍ “عاقل” في الصراع، ليظهر بمظهر “الرجل المسؤول” الذي يضغط على حماس للقبول بشروط إسرائيل، في حين أن كل تصريحاته مجرد دعاية فارغة لا تمتلك أي قوة تنفيذية.
هل تعتقد حماس والشعب الفلسطيني بهذه الخديعة؟
لو أن السيسي كان صادقًا في مسعاه، لما واصل فرض الحصار على غزة، ولما منع دخول المساعدات، ولما أغلق المعابر في وجه المرضى والمصابين. لكننا نعلم أن هذا النظام يعمل وفق أجندة لا تخدم إلا الاحتلال وأذرعه في المنطقة.
حماس ليست فصيلًا ساذجًا، والشعب الفلسطيني ليس قاصرًا بحاجة إلى وصاية أنظمة مترهلة تحترف الخيانة باسم “الواقعية السياسية”.
ما الذي يريده السيسي حقًا؟
السيسي لا يريد إلا الرقص على جراح الفلسطينيين، ففي الوقت الذي تصعد فيه المقاومة من مواجهتها مع الاحتلال، يأتي ليطرح مبادرة أشبه بمسخرة سياسية، هدفها كبح أي مشروع تحرري حقيقي. لو كان جادًا في دعمه لفلسطين، فلماذا لم يُسلّح المقاومة بدلًا من المطالبة بتجريدها؟ لماذا لم يُهدد إسرائيل كما يهدد المعارضين داخل بلده؟
فلسطين لا تحتاج وسطاء خونة!
تصريحات السيسي ليست سوى مزايدة تافهة على المقاومة الفلسطينية، ومحاولة يائسة لتقديم نفسه كصاحب مبادرة وهمية تُمهد لمرحلة جديدة من الاستسلام العربي. لكن فلسطين ليست للبيع، وسلاحها ليس أمانة عند خونة الأنظمة، بل هو في يد من يعرف كيف يحميه ويصوبه نحو العدو. أما هؤلاء المزايدون، فالتاريخ يعرف كيف يسجل أسماءهم في قوائم العار!
صوت فلسطين
إذا أردنا أن نقرأ بين السطور، فالأمر واضح وضوح الشمس: تصريحات السيسي ليست مجرد “رأي شخصي” أو “اقتراح بريء”، بل هي انعكاس مسبق لما سيتم تسويقه في اجتماع جامعة الدول العربية القادم.
كلنا نعلم أن هذه القمم العربية، التي تحوّلت إلى مسرح دمى يحركها النفوذ الصهيوني والغربي، لا تصدر عنها قرارات تخدم القضية الفلسطينية، بل قرارات تعكس إرادة العواصم التي تخشى المقاومة أكثر مما تخشى الاحتلال نفسه.
هل قرارات الجامعة العربية ستتماشى مع تصريحات السيسي؟
بالنظر إلى التاريخ المخزي لهذه الجامعة، يمكننا أن نتوقع السيناريو التالي:
1. تأكيد “التزام العرب بحل الدولتين” – كأن المشكلة اليوم تكمن في “غياب الالتزام”، وليس في أن إسرائيل تنسف هذا الحل يوميًا بمجازرها واستيطانها.
2. الدعوة إلى “ضمانات دولية” لأي تسوية مستقبلية – وهو المسمّى الدبلوماسي لفرض الوصاية الأجنبية على فلسطين، بحيث يتم تسليم السلاح للمجتمع الدولي كما اقترح السيسي، أي عمليًا لإسرائيل بطريقة غير مباشرة.
3. رفض “التصعيد العسكري من جميع الأطراف” – أي معادلة المقاومة الفلسطينية بالاحتلال، ودعوة مبطنة لنزع سلاح حماس والجهاد الإسلامي وبقية الفصائل، تحت ذريعة “عدم التصعيد”.
4. مطالبات هزيلة بوقف القتال دون ضمانات حقيقية – تمامًا كما حدث في كل الحروب السابقة، حيث تُطرح هدنة لا تلزم إسرائيل بأي شيء، لكنها تُستخدم كأداة للضغط على المقاومة.
لماذا تسبق هذه التصريحات اجتماع الجامعة؟
لأنها جزء من تهيئة الأجواء الإعلامية والسياسية لقرارات جاهزة مُسبقا. لن يتفاجأ أحد إذا خرج الاجتماع ببيان يكرر تصريحات السيسي بعبارات دبلوماسية، ليبدو الأمر وكأنه “إجماع عربي”، بينما هو في الحقيقة مجرد إملاءات صهيونية تمر عبر وكلاء عرب.
هل فلسطين بحاجة لقرارات جامعة الدول العربية؟
حقيقة الأمر أن هذه الجامعة لم تكن يومًا سندًا لفلسطين، بل كانت وما زالت أداة لشرعنة الاستسلام. لو كان لهذه الجامعة كرامة، لكان أول قراراتها:
• سحب الاعتراف بإسرائيل بعد كل جرائمها في غزة.
• وقف التطبيع الذي أصبح علنيًا ومتسارعًا.
• دعم المقاومة بالسلاح، بدلًا من الحديث عن نزع سلاحها.
لكنها لن تفعل، لأنها ليست جامعة عربية، بل “جامعة عبرية”، تصوغ قراراتها وفقًا لمصالح عروشٍ تخشى إسرائيل أكثر مما تخشى شعوبها.
الخلاصة: قراراتهم لا تعنينا!
إذا خرج اجتماع الجامعة العربية بقرارات تعكس تصريحات السيسي، فهذا مجرد دليل جديد على أن هذه الكيانات الرسمية ليست إلا أدوات تخدم الاحتلال. القرار الحقيقي في يد الشعب الفلسطيني، الذي يعرف أن الحقوق لا تُستجدى من أنظمة مرتعشة، بل تُنتزع بقوة المقاومة، والرصاصة وحدها هي من سيحدد مستقبل فلسطين، وليس بيانات هزيلة تصدر عن قاعة مليئة بالخونة!