طه العيسوي
المصدر: عربي 21
28 ، فبراير 2022
قالت الناشطة الحقوقية السورية والمنسقة العامة لمنظمة “عائلات من أجل الحرية”، آمنة الخولاني* ، إن “وضع المعتقلين السياسيين لم يتغير أبدا، بل إنه يزداد سوءا يوما بعد يوم، وما زال يمضي من سيئ إلى أسوأ؛ فالسجون السورية هي قبور تحت الأرض”، مؤكدة أن “هناك حالات اعتقال جديدة، وهناك مَن يموتون تحت التعذيب حتى الآن في سوريا”.
ووصفت، في مقابلة خاصة مع “ضيف عربي21″، “عمليات التسوية الأمنية والمصالحات” التي قال النظام السوري إنه أجراها في بعض المناطق بأنها “دعاية كاذبة”، موضحة أن “عدد الحالات التي سلمت أنفسها وماتت تحت التعذيب لا يُحصى، والحالات الموثقة لمَن أجروا تلك المصالحة المزعومة وتعرضوا للإخفاء القسري بعد أسبوع عددها أيضا لا يُحصى”.
واعتبرت “الخولاني” المحاكمات لبعض منسوبي النظام في ألمانيا “إنجازا لروابط الضحايا والحقوقيين السوريين، لأنه -ولأول مرة- تتم محاكمة رموز النظام قبل انتهاء الصراع؛ فالنظام ما زال على رأس السلطة وأتباعه يُحاكمون كمجرمي حرب في محاكم دولية، بينما لم تُوقَع اتفاقية سلام حتى الآن، فهذه حالة جديدة ومهمة نحن نؤسس لها”.
ولفتت “الخولاني” إلى أنه “يمكن استثمار تلك المحاكمات الدولية بشكل صحيح عن طريق السياسيين الذين حان دورهم عبر أخذ هذه الأحكام والذهاب بها إلى القوى الدولية التي تدعي دعم الشعب السوري وحقوق الإنسان لتكون ورقة عمل وورقة تفاوض لهم… لكن إن لم تُستثمر بشكل صحيح فلن تكون لها أي فائدة”.
بداية لو نتعرف عليكم أستاذة آمنة؟ وما الذي دفعكم إلى الاتجاه للعمل الحقوقي؟
لقد انخرطت في مجال العمل العام وحقوق الإنسان قبل اندلاع الثورة السورية، وحينها لم يكن هناك «مجتمع مدني»، ولكن كان هناك بعض الأنشطة المدنية التي كنّا نقوم بها مع بعض الأفراد في سوريا، وكما هو معلوم أن سوريا تعيش منذ فترة طويلة في ظل حكم حزب البعث وعائلة الأسد (الأب والابن) في حالة من الحكم الاستبدادي الشمولي الديكتاتوري، وهذا الأمر جعل الكثير من الشباب – حتى قبل الثورة السورية – يفكرون في تغيير هذه الحالة، لكن العمل في هذا المجال له أثمان باهظة جدا، وقد كان لديّ تجربة نشاط مدني مع بعض الأصدقاء من الشباب والبنات خلال عام 2003 في مدينتي داريا – إحدى ضواحي العاصمة دمشق – وبالرغم من بساطة الأنشطة (مظاهرة صامتة، وتنظيف شوارع المدينة)، إلا أنها أدت إلى اعتقال الشباب في سجن صيدنايا، والنساء إلى أفرع المخابرات، كانت تجربة صغيرة، لكنها تعطيك صورة كبيرة عن الحالة الاستبدادية، وحالة القمع التي كان يمارسها النظام السوري ضد السوريين قبل الثورة.
ومع اندلاع الثورة السورية كان الوضع الطبيعي لي ولإيماني بالعدالة وحقوق الإنسان، وحرية الفرد، وحرية التعبير، وقناعاتي تجاه العدالة – ليس في سوريا فقط وإنما بشكل عام – أن أكون جزءا في الثورة السورية؛ فلم يكن لدي خيار سوى صفوف الثوار.
ومنذ بداية الثورة خرجت مع الشباب والنساء في دمشق وفي داريا للتنسيق، ولقيادة الاعتصامات، والمظاهرات، والأنشطة المدنية، وتوزيع المنشورات، وكل ما له علاقة بالحراك السلمي في بداية الثورة، بالإضافة إلى انخراط إخوتي الشباب في الثورة، وأدى كل ذلك لاستدعائي من قِبل الأمن، ومن ثم إيقافي عن العمل، فقد كنت قبل الثورة مُعلمة في إحدى المدارس الثانوية بدمشق، بالإضافة لعضويتي في لجنة المناهج بوزارة التربية في العاصمة، وتم إيقافي عن العمل بتهمة “تخريب أفكار الجيل” وغيرها من التهم التي ابتدعها النظام. بعد ذلك تم اعتقال إخوتي نتيجة انخراطهم بالعمل الثوري، وتنظيم المظاهرات السلمية. في البداية اعتقلوا إخوتي مجد وعبد، وبعد عام من اعتقالهم، اعتقلوني أنا وزوجي من أمام أطفالنا، ثم اعتقلوا باقي إخوتي بلال ومحمد، حتى جاء على أمي يوم ترى فيه أبناءها الأربعة وأنا وزوجي مُعتقلين. بالرغم من عدم انخراط إخوتي جميعا في المظاهرات السلمية، إلا أن الجميع تم اعتقاله على خلفية اسم العائلة واسم المدينة.
والقصة تطول بعد ذلك؛ فبعد إطلاق سراحي من المعتقل سافرت إلى لبنان بطريقة غير قانونية، وبقيت مع أبنائي حتى أُطلق سراح زوجي بعد عامين ونصف العام، ثم أُطلق سراح أخي بلال، وقد تابعت نشاطي وعملي في لبنان؛ فقمت مع مجموعة من السيدات السوريات بتأسيس حركة “عائلات من أجل الحرية”، وهي حركة تهدف لقيادة وتسليط الضوء على ملف المعتقلين، وهو ملف مؤلم وصعب وكبير؛ فأنا ناجية من المعتقل وزوجي ناجٍ أيضا، وما زال إخوتي مُعتقلين حتى الآن، فقد جربت الألم من جميع الجهات، بالإضافة إلى كوني ناشطة حقوقية بالأساس، واعتقالي كان نتيجة العمل في حقوق الإنسان، وليس العكس.
كيف تنظرون إلى أوضاع المعتقلين السياسيين في سجون النظام السوري اليوم؟
الحقيقة أن الوضع لم يتغير أبدا، بل إنه يزداد سوءا يوما بعد يوم، وما زال يمضي من سيئ إلى أسوأ، وحتى كلمة “سيئ” لا تُعبّر عن الوضع؛ فالسجون أو المعتقلات السورية هي قبور تحت الأرض، وأنا لا أبالغ في الوصف؛ فقد عشت في تلك القبور 6 أشهر، وزرت إخوتي في صيدنايا – وبالطبع لم تكن الزيارة بطريقة شرعية، بل كانت بالواسطة والرشاوى – وأنا أعرف هذه السجون جيدا، وأعرف أشكال مَن يخرجون منها، ومع الأسف ما زالت حالة الاعتقال كما هي، وفي اللحظة التي أتحدث إليك فيها الآن هناك حالات اعتقال جديدة، وهناك مَن يموتون تحت التعذيب حتى الآن في سوريا.
لكن البعض يرى أن حجم التعذيب والانتهاكات قد تراجع مؤخرا مع تراجع حراك المعارضة.. ما صحة ذلك؟
لا، لم يتراجع وسأوضح لك، هل بإمكانك إحصاء عدد الشباب أو الذكور بشكل عام داخل مناطق سيطرة النظام؟، الجواب أن النسبة قليلة جدا، والسبب في ذلك أن النسبة الأكبر منهم غادرت سوريا إلى بلاد اللجوء والمهجر (دول الجوار السوري وأوروبا)، ونسبة ثانية من الرجال استشهدوا خلال المعارك أو القصف، ونسبة أخرى في المعتقلات، ربما بلغ عدد المعتقلين اليوم ربع مليون معتقل على الأقل، ومعظمهم من الشباب، هذا العدد بخلاف المؤيدين للنظام أو عناصر في الجيش، وبخلاف مَن يعيشون خارج سيطرة النظام، واليوم لا يستطيع أي شخص داخل مناطق سيطرة النظام أن ينطق ببنت شفة وإلا سيكون مصيره الإخفاء، حتى بعد حصار الغوطة وداريا وحمص وتهجير أهلها إلى الشمال، وأجرى ما سماه النظام “المصالحات”، ثم وعد الباقين الذين يسلمون أنفسهم بالعفو عنهم.. كل ذلك كانت دعاية كاذبة؛ لأن الحالات التي سلمت أنفسها وماتوا تحت التعذيب عددها لا يُحصى، والحالات الموثقة لمَن أجروا تلك المصالحة المزعومة وتعرضوا للإخفاء القسري بعد أسبوع عددها أيضا لا يُحصى.
قبل نحو عام أطلقت منظمات حقوقية سورية ودولية ميثاق “الحقيقة والعدالة أولا” للضغط على النظام السوري للإفراج عن المعتقلين والمختفين قسريا.. فكيف تنظرون إلى هذا الميثاق؟ وما الجديد بشأنه؟
ميثاق “الحقيقة والعدالة أولا” وقعناه مع باقي روابط الضحايا، ومع عدد من أهالي الضحايا، بهدف تكوين مظلة جامعة لنضال الناجين وأهالي الضحايا السوريين، لوضع خارطة طريق من أجل قضية الاعتقال في سوريا، ما زلنا نتابع هذا الموضوع، وما زلنا نتواصل مع الجهات الدولية، كما أننا ننسق مع المنظمات الحقوقية السورية والعالمية.
أيضا هناك مسار آخر مهم جدا ونعمل عليه الآن، وهو مطالبة مجلس الأمن بإصدار قرار دولي بشأن قضية الاعتقال في سوريا، وقد استطعنا في “عائلات من أجل الحرية” قبل حوالي ثلاث سنوات، وبعد ضغط وحشد كبير، التواصل مع صناع القرار لتُخصص جلسة في مجلس الأمن حول قضية الاعتقال في سوريا، وانعقدت الجلسة الرسمية الأولى في شهر آب/ أغسطس 2019، وقد حضرت الجلسة وتحدثت فيها عن تجربتي الشخصية وعن معاناة العائلات، وكان الهدف من ذلك استصدار قرار من مجلس الأمن يدين الاعتقالات في سوريا، وحينها تحدثت وجها لوجه أمام بعثة النظام السوري التي استمعت لما دار في الجلسة، وكانت تلك خطوة مهمة وجيدة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية، وما زلنا ندفع بهذا الاتجاه.
هناك مطالبات بضرورة فصل مصير المعتقلين عن الأمور والخلافات السياسية.. فهل يمكن الفصل بين الملف الحقوقي والملف السياسي؟
هذه المطالبات لها أسباب مبررة، لأنه أحيانا يتم ربط إطلاق سراح المعتقلين بالانتقال السياسي، وفي أحيان أخرى يتم التعامل معهم باعتبارهم «أسرى حرب»، وهو ما نرفضه، فتنتقل مناقشة قضية إنسانية حقوقية إلى العسكريين، ومن ثم التحول من إطلاق سراح معتقل إلى التبادل العسكري لأسرى الحرب.
لذا، نحن نؤكد مطالبتنا بأن يبقى ملف المعتقلين في جنيف، وأن يكون “فوق تفاوضي” بمعنى مناقشته بدون التفاوض على أي إجراءات سياسية، أما الحديث عن الانتقال السياسي، وجرائم بشار الأسد فهي أمور مهمة بالطبع، لكن الأهم أن يُناقش ملف المعتقلين باعتباره “حالات إنسانية”، لأن هناك حالات كثيرة لاعتقال نساء وأطفال من أجل الضغط على ذويهم؛ فأحيانا كانوا يعتقلون الزوجة والأطفال لعدم تمكنهم من الأب، وهناك حالات لمعتقلين دون أي نشاط سياسي، وحتى مَن اعتقل على خلفية نشاط سياسي كانوا نشطاء سلميين، لمجرد مشاركة في مظاهرة، أو أنه كتب مقالا، أو ظهر في برنامج تلفزيوني.
هل ما يُوصف بـ”فشل” المعارضة السورية سياسيا انعكس سلبا على ملف المعتقلين والمختفين قسريا؟
بالطبع هذا الأمر انعكس بشكل سلبي؛ لأنه في المرحلة الأولى كانت المعارضة تعتبر هذا الملف جزءا من ملفاتها، لكن لم يكن له الأولوية، وأحيانا كان يُزج به داخل نقاشات سياسية، وفي جميع الحالات لم تأت المعارضة بنتيجة؛ فالمعارضة السياسية لم تنجح في عقد مؤتمر دولي من أجل المعتقلين، أو توصل الملف لأي منصة دولية، بينما نحن – عائلات من أجل الحرية – وبدعم من منظمات حقوقية سورية ودولية، وبعد العمل لثلاث سنوات استطعنا أن نصل إلى مجلس الأمن، وقبل التوجه إلى مجلس الأمن تحدثت في مؤتمر بروكسل عن قضية المعتقلين، ثم تحدثت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وزميلتي تحدثت في مجلس حقوق الإنسان بجنيف؛ فاستطعنا نحن كأهل القضية وكحقوقيين أن نوصل قضية المعتقلين إلى أماكن لم يستطع السياسيون على مدار سنوات (منذ 2011 وحتى 2019) الوصول لها، أو انجاز أي شيء في ملف الاعتقال؛ فيجب أن نستلم هذا الملف وندفع به بالتوازي مع مسار عمل المعارضة في المجالات الأخرى.
لماذا فشلت المعارضة في تحقيق أي إنجاز ملموس في الملف الحقوقي؟
كما ذكرت من قبل: المعارضة لديها العديد من الملفات المختلفة، كما أنها لم تتفق في العمل على عدد من الملفات السياسية، ولها أكثر من منصة؛ فكان ملف الاعتقال سببا في خلق التجاذبات بينهم.
قبل أيام بدأت محكمة ألمانية بمحاكمة طبيب سوري بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية خلال عمله لصالح النظام السوري، وذلك في ثاني قضية من نوعها بعد الحكم على ضابط المخابرات السابق أنور رسلان.. فكيف تنظرون إلى مثل هذه المحاكمات وآثارها؟
مثل هذه المحاكمات أعتبرها إنجازا للحقوقيين السوريين، وللمجتمع المدني السوري، وروابط الضحايا السوريين، لأنه ولأول مرة يتم محاكمة رموز النظام قبل انتهاء الصراع؛ فالنظام ما زال على رأس السلطة وأتباعه يُحاكمون كمجرمي حرب في محاكم دولية، ولم تُوقَع اتفاقية سلام حتى الآن، فهذه حالة جديدة ومهمة نؤسس لها.. هذا من حيث أهمية الحدث.
والمحاكم الألمانية بدأت بهذا المسار – مسار العدالة والمحاسبة – منذ ثلاث سنوات حتى تم النطق بالحكم على هذا الطبيب، فسواء الضابط أو الطبيب كلاهما موظفان عند النظام السوري، فالأول رئيس فرع، والآخر طبيب في مشفى عسكري تابع للنظام؛ فهي إدانة حقيقية للنظام نفسه؛ فضابط المخابرات ورئيس الفرع حكم عليه بالمؤبد لأنه قمع المتظاهرين واعتقلهم، وقتلهم تحت التعذيب في أفرع النظام التي ما زالت قائمة، وهي إدانة لبشار الأسد نفسه، لكنها بالطبع لا تكفي، بينما يمكن استثمارها بشكل صحيح، وإن لم تُستثمر بشكل صحيح فلن تكون لها أي فائدة. والاستثمار يكون عن طريق السياسيين الذين حان دورهم، فهذه محاكم نزيهة حاكمت رموز النظام بناءً على قوانين ومعاهدات دولية، وهذه القوانين وتلك المعاهدات لم يضعها الحقوقيون السوريون ولا المحامون السوريون، وإنما المجتمع الدولي؛ فعلى السياسيين السوريين اليوم أن يأخذوا هذه الأحكام الصادرة في ألمانيا ويذهبوا بها إلى القوى الدولية التي تدعي دعم الشعب السوري وحقوق الإنسان لتكون ورقة عمل وورقة تفاوض لهم.
بالطبع ليست ألمانيا فقط، فهناك كندا وهولندا وفرنسا والسويد وغيرها من الدول التي يُتداول فيها قضايا ضد النظام السوري، وكلها بدعم وجهود كبيرة من السوريين أنفسهم، لتثبت أن العدالة لا يمكن تجاوزها.
ما تقييمكم لموقف المجتمع الدولي من قضية المعتقلين السوريين وأسرهم؟
مع الأسف.. المجتمع الدولي “ضجيجٌ بلا طحين”؛ فهناك حديث دائم عن قيم حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية، واتفاقيات مناهضة التعذيب، وهم يرون بأعينهم الصور التي تخرج من سوريا، وقد صادق المجتمع الدولي على الصور التي أخرجها قيصر من سوريا – التي تم تسريبها – وهي عبارة عن 50 ألف صورة لـ 11 ألف معتقل ماتوا تحت التعذيب، ثم قام المجتمع الدولي بفرض عقوبات اقتصادية، لكن بماذا تفيد؟، هل أوقفت القتل والاعتقال؟، هي فقط تضغط على النظام – وأنا لست ضد تلك العقوبات – لكنها غير كافية، وقد ثبت بالوثائق التي بين أيديهم جرائم هذا النظام؛ فيجب استخدام تلك الوثائق، وهو ما نقوم به، ومثل هذه الأحكام تدفع المجتمع الدولي “الأخرس” والصامت عن ما يجري في سوريا بحق المعتقلين وبحق كل الشعب السوري إلى التحرك.
ما أفق إنهاء أزمة المعتقلين السياسيين والمختفين قسريا في سجون النظام السوري؟ وكيف ذلك؟
ملف المعتقلين هو أصعب وأكبر الملفات وأكثرها إيلاما اليوم في سوريا، والنظام يعلم ذلك، لذا فإن هذا الملف الوحيد الذي يرفض النظام التفاوض بشأنه، وقد التقيت أكثر من مرة بالمبعوث الأممي لسوريا «غير بيدرسون» – ومن قبله «ستيفان دي ميستورا» وكنت أحمّلهم رسائل للنظام: “لماذا لا يقوم النظام – كبادرة حسن نية – بإطلاق سراح الأطفال، أو المرضى، أو كبار السن، أو النساء” فكان يأتينا الرد دائما بأن ما نقوله كذب ودعاية كاذبة.
واليوم نسمع مؤشرات عن “إعادة تعويم النظام”؛ فنجد البحرين أعادت سفيرها، وبالنسبة لي أرى أن هذه المحاولات ليست جدية، ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا موقفها واضح من هذا النظام المجرم، وأعتقد أن المحاكمات التي جرت في ألمانيا، وتجري في معظم دول أوروبا ضد رموز النظام – ليست فقط من أجل قضية المعتقلين، فهناك جريمة استخدام الأسلحة الكيماوية – هذه المحاكم وغيرها ستقف حجر عثرة أمام مَن يحاولون التطبيع مع النظام، فلا أحد يستطيع التطبيع مع “مجرم حرب”، كما أنها ستدعم جهد كل مَن يمنع هذا التطبيع، وستقف في وجه كل مستثمر يرغب في الاستثمار في سوريا، هل يستثمر مع “مجرم حرب” أم يتورط في مشاكل مع بنوك دولية؟، وهل سيبني مشروعاته فوق أراض سلبت من أهلها، أو ربما فوق قبور جماعية؟، لذا فإن أثر هذه المحاكمات ليس على الضحايا أنفسهم أو ذويهم وإنما سيمتد أثرها إلى الحالة السياسية بشكل عام.
هل هناك أمل قريب لإنهاء أزمة المعتقلين؟
بالتأكيد هناك أمل، لكن مع الأسف ليس قريبا، الأمل موجود لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي؛ فعندما خرجت من المعتقل عاهدت نفسي وعاهدت النساء المعتقلات اللاتي تركتهن خلفي أمام الله سبحانه وتعالى أن أكون صوتهن في كل مكان، وسأقرع كل الأبواب، وسأدق كل الأجراس من أجل قضية المعتقلين، ولست وحدي؛ فنساء سوريا نساء عظيمات وسنعمل معا في هذا الملف، ومع غيرنا من الحقوقيين السوريين.
*آمنة الخولاني في سطور
ناشطة في المجتمع المدني السوري منذ فترة طويلة. وهي حاصلة على ماجستير في التاريخ ودبلوم في التربية من جامعة دمشق.
ساهمت في تأسيس “مجموعة شباب داريا للتغير السلمي”، بينما اعتقل النظام كل أعضائها في عام 2003.
وبعد اندلاع الثورة السورية اُعتقلت مع عائلتها على خلفية نشاطهم السلمي.
لاحقا، نجت هي وزوجها من المعتقل، لكن إخوتها ما زالوا حتى الآن قيد الإخفاء القسري لدى النظام السوري.
وفي آب/ أغسطس 2019، شاركت في الجلسة الرسمية الأولى التي عقدها مجلس الأمن من أجل قضية المعتقلين في سوريا.
أما في عام 2020 فحصلت على “الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة” من وزارة الخارجية الأمريكية لنشاطها في مجال حقوق الإنسان.
عملت من أجل قضية الإخفاء القسري في سوريا والدفاع عن حقوق النساء والعدالة والديمقراطية في سوريا، وشاركت في العديد من المؤتمرات الدولية من أجل القضية السورية.
أسست مع مجموعة من النساء حركة “عائلات من أجل الحرية”، وهي المنسقة العامة للحركة، وضمن الفريق الإداري للمجلس السوري البريطاني، ومساهمة في عدد من التجمعات المدنية والسياسية السورية.