(مكتب الدراسات والتوثيق بهيئة التنسيق الوطنية)
أولاـ الإعلانات العامة
جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان(10كانون أول1948) – كغيره من الصكوك الدولية – مؤلفاً من ديباجة ومجموعة من المواد بلغت الثلاثين، وقد تضمن العديد من الحقوق المدنية والسياسية، وكذلك الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هذه الطائفة الأخيرة من الحقوق التي خصص لها الإعلان المواد من 22 إلى 27 ، وهي تتمثل في:
• الحق في الضمان الاجتماعي المادة 22
• الحق في العمل وحرية اختياره والحق في الحماية من البطالة، والحق في أجر مساو للعمل، وأجر عادل يكفل للشخص ولأسرته حياة كريمة، وكذا الحق في إنشاء الانضمام إلى نقابات حماية لمصلحته المادة 23
• الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، ولا سيما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر المادة 24
• لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، والحق للأمومة والطفولة في رعاية خاصتين، ينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء كانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية المادة 25
• لكل شخص الحق في التعليم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً… ويجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماءً كاملًا وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية… وللآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم المادة 26 ويختتم الإعلان قائمة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمناداة بحق كل شخص في المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية، وبالاستمتاع بالفنون، والإسهام في التقدم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه، فضلا عن حق كل شخص في حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة عن أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه المادة 27
لقد صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بصورة توصية. وتوصيات الجمعية العامة – كما هو معروف – ليست ملزمة بذاتها، خلافاً لما هو عليه الحال بالنسبة للصكوك الدولية. فهل الإعلان خال من أي أثر قانوني؟
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : بات تقليدياً ومألوفاً القول بأن الإعلان العالمي ملزِم معنوياً وأدبياً للدول، كما غدا من
نافلة القول إن عدداً من الحقوق الواردة فيه أصبحت جزءاً من القانون الدولي العرفي. وحتى الحقوق التي لم تتمتع بهذه الصفة إلى الآن، فإنها مقبولة ومعترف بها بصورة واسعة من جانب الدول. ولعل أهميته وقيمته القانونية الصرفة تكمن – باعتراف واضعيه – بأنه ‘التقاء الجميع على فهم مشترك’ لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي يعترف بها، والتي يشير إليها ميثاق الأمم المتحدة. ويمكن الدفاع عن القوة الإلزامية للإعلان بالنظر إليه كتفسير رسمي ومعتمد للنصوص
الخاصة بحقوق الإنسان في ميثاق الأمم المتحدة، الذي هو عبارة عن معاهدة دولية ملزمة لأطرافها، وبمعنى آخر، فإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمثل إعلاناً تفسيرياً صادراً عن جهة مختصة داخل الأمم المتحدة، يضيء عدداً من الجوانب ذات الصلة بنصوص حقوق الإنسان المدرجة في الميثاق. ومما يؤيد وجهة النظر هذه، أن الأمم المتحدة نفسها كثيراً ما استندت إلى نصوص الإعلان عندما يتعلق الأمر بتطبيق أحكام الميثاق المتعلقة بحقوق الإنسان.
بالرغم مما قيل في القيمة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإنه لا ريب، أن هذا الإعلان قد شكل مصدراً لإلهام الدول في مجال حقوق الإنسان، وبات مرجعية أساسية لتفسير وفهم نصوص الميثاق المتعلقة بحقوق الإنسان. كما أكدت اتفاقيات دولية كثيرة على الحقوق المعلنة فيه كلها، وقد كان بمثابة الخطوة الأولى في طريق التنظيم الفعال لحماية حقوق الإنسان على الصعيدين الدولي والداخلي. أما الخطوة الثانية، فقد تحققت بإقرار الجمعية العامة عام 1966 للعهدين الدوليين لحقوق الإنسان.
كذلك من بين الإعلانات والاتفاقيات العامة التي نصت على جملة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
- الإعلان العالمي الخاص باستئصال الجوع وسوء التغذية لسنة 1974 .
- إعلان مبادئ التعاون الثقافي الدولي لسنة 1969 .
- الاتفاقية العامة المتعلقة بمكافحة التمييز في مجال التعليم لسنة 1960 .
ثانياـ الاتفاقيات الخاصة
إن غياب الطابع الإلزامي الصريح للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كان حافزاً لحمل منظمة الأمم المتحدة على تكثيف جهودها لوضع صيغة تجعل من الحقوق الواردة في الإعلان مدونة في اتفاقية مبرمة بين الدول تترتب عليها التزامات طبقاً للقانون الدولي. وهكذا، ومباشرة بعد اعتماد الإعلان العالمي، كلفت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة حقوق الإنسان بتحضير مشروع معاهدة دولية لحقوق الإنسان مع إمكانية إدخال مبدأ تقديم الشكاوى.
وبعد مرحلة تحضيرية دامت 18 عاماً، تمكنت لجنة حقوق الإنسان من أن تقدم للجمعية العامة صكوكاً دولية على درجة كبيرة من الأهمية هي: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ثم البروتوكول الاختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد تم إقرارها وفتح باب التوقيع عليها بتاريخ 16 كانون الأول/ 1966 .لقد تبنى العهدان الدوليان لسنة 1966 معظم الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتوسّع، كما تناولا عدداً من الحقوق الجديدة. ويتكون العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى الديباجة، من 31 مادة موزعة على خمسة أقسام، ويستهل القسم الأول بمادة واحدة تكرس المبدأ القائل بحق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في التصرف الحر في ثرواتها ومواردها الطبيعية، ويعزى تخصيص هذه المادة الأولى لهذا الحق الجماعي إلى السياق الدولي الذي تم فيه اعتماد العهدين الدوليين، أي في سياق حركة مقاومة الاحتلال وإنهاء الاستعمار في العديد من مناطق العالم لا سيما في أفريقيا وآسيا، وكذلك عقب تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان منح الاستقلال للدول والشعوب بمقتضى القرار 1415 الصادر بتاريخ 14 كانون الأول/ 1960 ، وقرارات أخرى موالية تؤكد هذا الحق وتفصل فيه.
أما القسم الثاني من هذا العهد من المادة الثانية إلى المادة الخامسة، فينص على مبدأ المساواة في التمتع بالحقوق المقررة في العهد، وعلى واجب الدول الأطراف في أن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها التمتع بدون أي تمييز بهذه الحقوق فالعهد يمنع على الدول أن تتيح لأشخاص أو أقلية أو غيرهما التمتع بحقوق دون بقية الأشخاص أو المكونات المجتمعية، وذلك على أساس الانتماء أو اللون أو الجنس أو المستوى الاجتماعي. في حين عمل القسم الثالث من المادة 6 إلى المادة 15 على التفصيل في الحقوق الأخرى التي يقرها العهد، وذلك على النحو التالي:
1ـ الحق في العمل
نصت عليه المادتان السادسة والسابعة، ويشمل حق كل شخص في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وأن توفر الدول برامج التوجيه والتدريب الفني والمهني التي تيسّر للفرد اكتساب مهارات تساعده على العمل.
يشمل هذا الحق أيضاً ضرورة توفير شروط عمل عادلة ومرضية، تكفل على الخصوص:
. أ ـ مكافأة توفر لجميع العمال -كحد أدنى- أجراً منصفاً ومتساوياً للعمل المتساوي دون تمييز.
ب. بعيش كريم للعامل وأسرته.
. ج ـظروف عمل تكفل السلامة والصحة.
. دـ تساوي الجميع في فرص الترقية.
. هـ ـ ا لاستراحة وأوقات الفراغ.
والدولة مكلفة بأن تصدر التشريعات التي تكفل تحقيق هذه الشروط، ولا عذر لها بنقص الموارد المالية، إذ إنها شروط مرتبطة بفرص العمل المتاحة فعاًلاولا يحتاج تنفيذها إلى زيادة في الموارد المالية، ولكنها لازمة وضرورية لكفالة العدالة والمساواة بين مَن توفرت لهم فرص العمل فعلا.
2ـ حق تكوين النقابات
تعهدت الدول الأطراف بكفالة الحق في تكوين النقابات وحق الأفراد في الانضمام إليها دون أية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي من أجل المحافظة على الأمن القومي أو النظام العام، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. كما كفل العهد الدولي حق النقابات في تكوين اتحادات فيما بينها، وحقها في تكوين
منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها. وبالطبع، فإن لهذه النقابات حق ممارسة نشاطها بحرية في ظل اشتراطات القانون لحماية الأمن القومي والنظام العام وحقوق وحريات الآخرين، بشرط ألا تخرج هذه الاشتراطات القانونية عما هو متعارف عليه في ا لمجتمع المنظم تنظيماً ديمقراطياً.
3 ـ الحق في الإضراب
نصت المادة الثامنة صراحة على حق العمال في الإضراب، بشرط ممارسته وفقاً للقانون. ويعتبر هذا النص معدلًا وناسخاً للقوانين التي تحظر حق الإضراب في الدول التي وافقت وصدقت على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ إنها بالتصديق والنشر لهذا العهد تكون قد أكسبته صفة التشريع الوطني الذي يلغي أو
يعدل ما سبقه من تشريعات تحظر الإضراب، ولا يسمح بمصادرة هذا الحق وإنما يترك للدولة فقط تنظيم ممارسته بالقانون.
4ـ الحق في الضمان الاجتماعي
أقرت الدول الأطراف بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية.
5ـ حماية الأسرة
وإذ تشكل الأسرة الوحدة الاجتماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، فقد أوجب العهد الدولي على الدول منح الأسرة أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة ممارسة الحق في الزواج برضاء الطرفين، ثم توفير الحماية الخاصة للأمهات خال فترة معقولة قبل وضع الطفل وبعده، واتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال والمراقبين، وعدم إساءة استخدامهم في العمل.
6ـ المستوى المعيشي الكافي
أقرت الدول الأطراف بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجاتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وتعمل الدول في سبيل ذلك على تحسين طرق إنتاج وحفظ وتوزيع المواد الغذائية.
7ـ المستوى الصحي
تعمل كل دولة على أن يتمتع كل إنسان بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والعقلية وتتخذ في سبيل ذلك التدابير التالية، وذلك طبقاً للمادة الثانية عشرة:
- أخفض معدل موتى المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نمواً صحياً.
- بتحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية.
- الوقاية من الأمراض الوبائية والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها.
- تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية، والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.
8 ـ الحق في التربية والتعليم
لكل فرد الحق في التربية والتعليم المادة 13 ،و توجه الدولة التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والإحساس بكرامتها، وتوطيد احترام حقوق الإنسان. ويتطلب هذا الحق جعل التعليم الابتدائي إلزامياً وإتاحته للجميع مجاناً، وتعميم التعليم الثانوي بمختلف مستوياته وجعله متاحاً للجميع بكافة الوسائل المناسبة، ولا سيما الأخذ
تدريجياً بمجانية التعليم، وجعل التعليم العالي متاحاً للجميع على قدم المساواة، تبعاً للكفاءة.
9ـ الحق في الثقافة
يشمل حق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية، وأن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وتطبيقاته، واحترام حرية البحث العلمي والنشاط الإبداعي وتشجيع الاتصال والتعاون الدولي في ميدان العلم والثقافة.
ويتحدث الجزء الرابع من العهد الدولي عن آليات مراقبة تنفيذ الحقوق السابقة، فيلقي على عاتق الدول الأطراف واجب تقديم تقارير دورية تشرح فيها التدابير التي اتخذتها لتنفيذ وتنمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وترسل هذه التقارير إلى الأمين العام للأمم المتحدة حيث يحيل نسخاً منها إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للنظر فيها، كما يحيل نسخاً من التقرير إلى الوكالات الدولية المتخصصة المعنية بما ورد في التقرير. وللدول أن تشير في تقريرها إلى العوامل والمصاعب التي تمنعها من الوفاء الكامل بالالتزامات المنصوص عليها في العهد الدولي. ويعمل المجلس الاقتصادي
والاجتماعي مع الوكالات الدولية المتخصصة على مساعدة الدولة على الوفاء بالتزاماتها بالعهد الدولي من خال المساعدات المالية والفنية.
يمكن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أيضاً أن يحيل إلى لجنة حقوق الإنسان التقارير
المقدمة من الدول ومن الوكالات المتخصصة لدراستها ووضع توصية عامة بشأنها أو الاطلاع عليها فقط، كما يشرك العهد الدولي الجمعية العامة للأمم المتحدة في الإشراف العام على تنفيذ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أيضا من أهم الإعلانات والاتفاقيات الخاصة التي تعني بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نجد:
– إعلان الحق في التنمية لسنة 1986 .
• الاتفاقية الدولية الخاصة بالحرية النقابية وكفالة الحق النقابي رقم 87 / 1984 .
• الإعلان الخاص حول التقدم والإنماء في الميدان الاجتماعي لسنة 1969 .
• الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم 1960 .
——————————————————————————————-