سكاي نيوز عربية – أبوظبي
الاثنين 28- نيسان -2025
حريق الميناء في إيران.. باب التكهنات مفتوح
في خضم انطلاق جولة جديدة من المحادثات النووية بين طهران وواشنطن، شهد ميناء رجائي جنوب إيران انفجارا ضخما أثار موجة من التساؤلات، وسط غياب رواية رسمية حاسمة حول أسبابه حتى اللحظة.
التطور الذي وقع في ميناء بندر عباس تزامن مع أجواء تصعيد سياسي وأمني داخلي، ما دفع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى التحذير من محاولات “أصحاب المصالح الخاصة”، لعرقلة المسار الدبلوماسي، مؤكدا عبر منصة “إكس” أن الأجهزة الأمنية الإيرانية في حالة تأهب قصوى للرد على أي محاولات تخريبية أو اغتيالات.
هذا التحذير فتح الباب أمام سلسلة من الفرضيات حول طبيعة الانفجار، خاصة مع إعلان شركة “أبريلي” البريطانية للنقل البحري أن الحادث وقع نتيجة سوء التعامل مع شحنة من وقود صواريخ بالستية وصلت من الصين إلى الميناء في مارس الماضي، بهدف إعادة تعبئة مخزونات إيران بعد استنزافها خلال الحرب مع غزة.
في المقابل، نفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية وجود أي شحنات ذات طابع عسكري في المنطقة التي وقع فيها الحريق، موضحا أن جميع المواد الموجودة كانت بتروكيميائية مخصصة للأغراض الصناعية والزراعية، وليست مرتبطة بأي أنشطة عسكرية.
وأكد المتحدث أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية ضخمت الحدث بشكل مبالغ فيه، مشيرا إلى أن نتائج التحقيقات ستعلن لاحقا، فيما رفضت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة التعليق على تلك المزاعم.
في ظل التكهنات والأنباء المتضاربة، قدم المحلل الإيراني محمد صالح صدقيان تحليلا معمقا لسكاي نيوز عربية حول الحريق في ميناء بندر عباس، مشيرا إلى التحديات التي تواجه إيران في تفسير الحادث.
في حديثه، لبرنامج “التاسعة” على سكاي نيوز عربية، أكد صدقيان أن السلطات الإيرانية لم تقدم أي تفسيرات رسمية مقنعة حول سبب الانفجار، مشيرا إلى أن غياب الرواية الرسمية يعزز التكهنات حول ما حدث.
وأضاف صدقيان أن “السلطات الإيرانية تنفي بشكل قاطع أن يكون للحريق علاقة بالصناعات العسكرية أو المواد الحربية”، لكنه أشار إلى أن تصريحات الحكومة الإيرانية لا تطمئن الرأي العام.
وتساءل صدقيان: “إذا كانت هذه المواد كيميائية للصناعة والزراعة، فلماذا كانت مخزنة في موقع حساس، وخاصة في وقت حساس كهذا؟”، مضيفا أن مثل هذه الحاويات يجب أن تخضع لإجراءات أكثر دقة للحفاظ على السلامة العامة.
ثلاث فرضيات رئيسية
وأوضح صدقيان أن غياب الرواية الرسمية عزز انتشار ثلاث فرضيات رئيسية حول أسباب الانفجار:
الفرضية الأولى: أن يكون الحريق ناتجا عن ضربة إسرائيلية باستخدام طائرات عسكرية أو مسيّرة، استهدفت إحدى الحاويات الحساسة في الميناء.
الفرضية الثانية: تنفيذ عملية تفجيرية داخلية عبر عملاء للموساد الإسرائيلي، قاموا بزرع عبوة ناسفة في الموقع.
الفرضية الثالثة: أن يكون الحادث نتيجة للإهمال الداخلي وسوء تطبيق قواعد السلامة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة في بندر عباس التي تجاوزت 40 درجة مئوية.
استدعاء مشهد بيروت
أعاد الحادث إلى الأذهان انفجار مرفأ بيروت عام 2020، الذي وقع بسبب تخزين مواد شديدة الخطورة بشكل غير آمن قرب مناطق مأهولة. وتساءل الشارع الإيراني بدوره عن كيفية السماح بتخزين مواد خطرة بهذه الطريقة في ميناء رئيسي، مطالبا بالكشف عن الحقيقة ومحاسبة المسؤولين في حال ثبوت الإهمال.
في ظل الغضب الشعبي المتصاعد، زار رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف موقع الحادث، وسط وعود بالتحقيق الشفاف ومحاسبة أي تقصير.
ومع ذلك، لا تزال طهران تلتزم الصمت الرسمي الكامل حول ملابسات ما حدث، مما يترك الباب مفتوحا أمام مزيد من التكهنات، في وقت حساس تسعى فيه إيران لإنجاح مفاوضاتها النووية مع الغرب.

ماهي ارتدادات انفجار “ميناء رجائي” على الداخل الإيراني؟
سكاي نيوز عربية – أبوظبي
الاثنين 28- نيسان -2025

وسط تحديات داخلية متزايدة وضغوط دولية خانقة، هزّ انفجار قوي مدينة بندر عباس الإيرانية، مثيرا موجة تساؤلات عن أسباب الحادث، وتداعياته المحتملة على المشهد السياسي المتوتر أصلا داخل البلاد.
الانفجار الذي طال منشأة حساسة، وصفته السلطات بداية بأنه “حادث عرضي”، لكن مراقبين يؤكدون أن توقيته وموقعه يشيان بوجود أبعاد أعمق وأكثر خطورة مما تحاول الرواية الرسمية ترويجه.
بوادر تفكك داخلي وحالات اختراق أمني خطيرة
اعتبر الخبير في الشؤون الإقليمية، حكم أمهز، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن الانفجار ليس مجرد حادث معزول، بل تجسيد لمشكلة بنيوية تتفاقم داخل إيران.
وأوضح أمهز أن “ما نشهده في بندر عباس قد لا يكون الحادث الأول ولن يكون الأخير”، مضيفا أن “المؤشرات كلها تدل على وجود اختراقات أمنية متزايدة، سواء عبر عمل مجموعات داخلية معارضة أو من خلال أطراف خارجية تستثمر في حالة الاحتقان الشعبي”.
وأشار خلال مداخلته إلى أن النظام الإيراني، الذي بنى صورته التقليدية على قوة القبضة الأمنية، بات يواجه صعوبات حقيقية في التحكم بالداخل، في ظل انتشار مشاعر الغضب والخيبة، خاصة بين فئة الشباب الذين يمثلون أكثر من نصف سكان البلاد.
وفي تحليله لمآلات المشهد، يرى أمهز أن التحديات لا تقتصر فقط على البعد الأمني، بل تمتد إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية التي تغذي القابلية للانفجار، لافتا إلى أن العقوبات الأميركية وسياسات العزلة الإقليمية أسهمت في خلق بيئة خانقة تحولت إلى “أرض خصبة للاضطرابات”.
وحذر أمهز من أن النظام قد يخطئ مجددا في قراءة حجم التهديد، مشددا على أن “التجاهل أو المعالجة الأمنية البحتة قد يؤديان إلى تصعيد أكبر، وربما يفتحان الباب أمام تحركات أكثر تنظيما من الداخل”.
رهان أميركي على “الضغط الداخلي” بدل المواجهة العسكرية
موفق حرب، محلل الشؤون الأميركية في سكاي نيوز عربية، قدم قراءة موازية ولكن أكثر ارتباطا بموقف الولايات المتحدة واستراتيجيتها تجاه إيران، إذ أكد أن الانفجار وما سبقه من حوادث مماثلة يعكسان بوضوح نجاح “استراتيجية الضغط القصوى” التي اعتمدتها واشنطن ضد طهران، ولكن بشكل غير مباشر.
وأوضح حرب أن الإدارة الأميركية، سواء تحت إدارة الرئيس جو بايدن سابقا أو دونالد ترامب حاليا، اتجهت إلى دعم سيناريو استنزاف إيران من الداخل، بدلا من خوض مواجهة عسكرية مباشرة، وهي سياسة تقوم على تحفيز العوامل الداخلية كالاقتصاد المنهار، وتنامي السخط الشعبي، وتآكل الثقة بين النظام وقواعده التقليدية.
وبيّن حرب أن انفجار بندر عباس يمثل نموذجا لما وصفه بـ”الإنهاك الممنهج” للنظام الإيراني، مضيفا أن واشنطن تراهن على أن الوقت وليس السلاح هو الأداة الأقوى لإحداث التغيير في إيران.
وفي تحليله للمشهد المقبل، يرى حرب أن الولايات المتحدة قد تواصل العمل على تكثيف الضغوط السياسية والاقتصادية، بالتوازي مع دعم الحركات المدنية والمعارضة الداخلية بشكل أكثر وضوحا، مشيرا إلى أن “أي تصدع داخلي سيقود إلى إضعاف مواقف إيران الإقليمية، سواء في العراق أو لبنان أو سوريا”.
بندر عباس.. عرض لمشكلة أعمق
الحادثة الأخيرة لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق الأوسع للأزمة الإيرانية.
فمنذ سنوات، تواجه إيران سلسلة متواصلة من التحديات، بدءا من الانهيار الاقتصادي بسبب العقوبات، مرورا بأزمات الشرعية السياسية، وصولا إلى انقسامات داخل بنية النظام بين أجنحة متصارعة.
وجاء انفجار بندر عباس ليضع علامات استفهام جديدة حول قدرة الدولة الإيرانية على حماية منشآتها الحيوية، خاصة مع تصاعد الشبهات حول “عمليات تخريب داخلي منظم” لم تعد تستهدف فقط مواقع عسكرية أو نووية بل امتدت إلى البنى التحتية الأساسية.
المجتمع الإيراني.. غضب مكتوم يبحث عن متنفس
التفاعلات الاجتماعية عقب انفجار بندر عباس عكست مستوى عاليا من التململ الشعبي.
فعلى الرغم من الرقابة المشددة، انتشرت تعليقات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي تتهم النظام بالتقصير والعجز، ما يعكس فقدان الثقة بين الدولة ومواطنيها.
هذا المزاج الشعبي المتأزم يعزز فرضيات خبراء مثل أمهز وحرب بأن الداخل الإيراني دخل مرحلة جديدة من الغليان، يصعب التنبؤ بمآلاتها.
النظام الإيراني.. خيارات محدودة أمام عاصفة قادمة
في ظل هذا الوضع، تبدو خيارات النظام محدودة:
تصعيد القمع: وهو الخيار الأسرع لكنه محفوف بالمخاطر، إذ قد يؤدي إلى اتساع نطاق التمرد الشعبي.
الانفتاح الجزئي: عبر تقديم تنازلات اقتصادية أو سياسية لامتصاص الغضب، وهو خيار يواجه مقاومة قوية من التيار المحافظ داخل النظام.
التجاهل والمراهنة على عامل الوقت: مع الاعتماد على الولاءات التقليدية وبعض الحلفاء الإقليميين.
لكن مع تصاعد وتيرة الأحداث، يصبح من الواضح أن الرهان على “الوقت” قد لا يكون لصالح طهران هذه المرة.
هل دخلت إيران مرحلة العد التنازلي؟
انفجار بندر عباس ليس مجرد حادث أمني عابر، بل مؤشر على مرحلة انتقالية قد تكون بالغة الخطورة بالنسبة لإيران.
تحليلات أمهز وحرب تتقاطع حول نقطة محورية: الداخل الإيراني اليوم بات ساحة المواجهة الحقيقية، وما لم يسارع النظام إلى معالجة الأسباب العميقة للأزمة، قد تكون الأيام المقبلة حبلى بتحولات كبرى، تفتح الباب أمام مستقبل أكثر اضطرابا وأقل قابلية للسيطرة.