القدس المحتلة – العربي الجديد
رام الله
26 يناير 2025
عائلة تركب عربة يجرها حصان في غزة، 21 يناير 2025 (فرانس برس)
لاقت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، تنديداً فلسطينياً، معتبرة أنها تنساق مع أجندة اليمين الإسرائيلي المتطرف، واستمراراً لسياسة التنكر لوجود الشعب الفلسطيني وإرادته وحقوقه، في حين احتفى مسؤولون إسرائيليون بالتصريحات، داعين إلى تشجيع “الهجرة الطوعية” لأهالي قطاع غزة.
وتحدث ترامب عن اتصاله أمس بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قائلاً: “أخبرته بأنني أود منك أن تستقبل المزيد؛ لأنني أنظر إلى قطاع غزّة بأكمله الآن وهو في حالة من الفوضى، إنها فوضى حقيقية. أود منه أن يستقبل أشخاصاً”. وأضاف: “أود أن تستقبل مصر أشخاصاً أيضاً”، وأفاد بأنه سيتحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأحد بهذا الشأن. وعندما سُئل عما إذا كان هذا اقتراحاً مؤقتاً أو طويل الأجل، قال ترامب: “يمكن أن يكون هذا أو ذاك”.
الرئاسة الفلسطينية: تهجير الفلسطينيين من غزة يتجاوز الخطوط الحمراء
عبّرت الرئاسة الفلسطينية، مساء اليوم الأحد، عن رفضها الشديد وإدانتها أيَّ مشاريع تهدف إلى تهجير أبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، قائلة إن هذا الأمر “يشكّل تجاوزاً للخطوط الحمراء التي حذّرنا منها مراراً”. وأكّدت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها، أن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن أرضه ومقدساته، وقالت: “لن نسمح بتكرار النكبات التي حلّت بشعبنا في عامي 1948 و1967، وإن شعبنا لن يرحل”.
وجدّدت الرئاسة الفلسطينية شكرها لمصر والأردن على مواقفهما الحاسمة والرافضة لتهجير الشعب الفلسطيني إلى خارج وطنه، كما شكرت جميع الدول الشقيقة والصديقة التي ساندت الشعب الفلسطيني في هذا الموقف. وأكّدت الرئاسة أن الشعب الفلسطيني وقيادته لن يقبلا بأيّ سياسة تمس وحدة الأرض الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مشددة على أن أي محاولة للمساس بالثوابت الفلسطينية والعربية والدولية مرفوضة وغير مقبولة إطلاقاً. كما طالبت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمواصلة جهوده لدعم المساعي لتثبيت وقف إطلاق النار واستدامته، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، وتولي السلطة الفلسطينية مهامها في قطاع غزة، مع التركيز على تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وقالت الرئاسة إن دولة فلسطين تدعو إلى التركيز في هذه المرحلة على تثبيت وقف إطلاق النار واستدامته، ومواصلة توفير المساعدات الإنسانية ومساعدة أبناء شعبنا النازحين للعودة إلى مساكنهم، وتوفير وسائل الإيواء والكهرباء والمياه وإعادة تأهيل المرافق التعليمية والصحية، والتمهيد لإعادة الإعمار. وأضافت: “كلنا ثقة بأن الدول الشقيقة والصديقة ستقوم بواجبها لتوفير الدعم اللازم لهذه الأهداف الإنسانية النبيلة”.
وأكدت الرئاسة أن دولة فلسطين على استعداد لتولي مهامها كاملة في قطاع غزة، ومواصلة مساعيها من أجل تحقيق السلام العادل وفق رؤية حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وحذرت من تداعيات هذه السياسة الإسرائيلية الخطيرة التي تُسهم في تقطيع أوصال قطاع غزة وتهجير أبنائه، الأمر الذي سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمن، والمساس بسيادة دولة فلسطين وسيادة الدول العربية المجاورة.
وقالت الرئاسة: “نجدد التأكيد مرة أخرى على أن الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، هي صاحبة القرار والمصير والمستقبل حفاظاً على المشروع الوطني والهوية الفلسطينية”. وأشارت الرئاسة الفلسطينية إلى أن الرئيس محمود عباس يجري اتصالات عاجلة مع قادة الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأميركية بهذا الخصوص، نظراً إلى خطورة تداعيات هذا الأمر على فلسطين والأمن القومي لدول المنطقة.
فتح تعلن رفضها القاطع لتهجير الفلسطينيين
في السياق، أكدت اللجنة المركزية لحركة فتح، اليوم الأحد، رفضها القاطع لمحاولات تهجير أبناء الشعب الفلسطيني من أرضه، والتي أجمع العالم على أحقيتهم في إقامة دولتهم عليها. وشددت المركزية، في بيانها، على أهمية أن يواصل الرئيس الأميركي العمل من أجل تثبيت واستدامة وقف إطلاق، وتوفير المساعدات وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، وتمكين السلطة الفلسطينية من تولي مهامها كاملة في قطاع غزة، والذهاب إلى صنع السلام الدائم والعادل وفق قرارات الشرعية الدولية، مؤكدة أن تنفيذ حل الدولتين بإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية سيوسع نطاق السلام لجميع دول الجوار والعالم.
وأشارت مركزية فتح إلى أن قراري رفع العقوبات عن المستوطنين والمصادقة على أوزان جديدة من القذائف الأميركية لصالح إسرائيل، إنما سيصبان في تأجيج الصراع بدلاً من إخماده وتوجيه الطاقات والجهود من أجل السلام. وأكدت أن أية مواقف يجب أن تعزز مساعي العالم لإنهاء الصراع، مشددة على أن فلسطين للفلسطينيين الذين لن يرحلوا عنها، ولن يتنازلوا عن أرضهم وركام منازلهم التي ينتظرون بشوق وتلهف كبيرين في مناطق التماس في غزة للعودة إليها رغم معرفتهم بحجم الكارثة التي تنتظرهم، وذلك لإصرارهم على دفن أبنائهم وأقاربهم الموجودين تحت الركام، وإعادة إعمار تلك المنازل، واستعادة حياتهم الطبيعية وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم.
وحيّت اللجنة المركزية موقف الشقيقتين مصر والأردن، ورفضهما الثابت لأي شكل من أشكال التهجير، وإصرارهما والقيادة الفلسطينية والعالم على حل الصراع وفق القرارات الأممية والقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان، وليس وفق نزوات اليمين المتطرف في إسرائيل. ودعت اللجنة المركزية لحركة فتح إدارة ترامب إلى العمل قدماً من أجل السلام والاستقرار، وتجنب كل ما يقود المنطقة إلى المزيد من الأزمات بفعل رغبات الحكومة الإسرائيلية الحالية وإجراءاتها التعسفية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، بما يشمل حصار الفلسطينيين في الضفة الغربية في كنتونات جغرافية، وفرض الأمر الواقع عبر توسيع المستوطنات واستهداف الآمنين في مخيماتهم وقراهم ومدنهم.
حماس: شعبنا يرفض جرائم التهجير القسري
إلى ذلك، دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان، الإدارة الأميركية إلى: “التوقف عن هذه الأطروحات التي تتماهى مع المخططات الإسرائيلية، وتتصادم مع حقوق شعبنا وإرادته الحرة، وأن تعمل بدلاً من ذلك على تمكين شعبنا الفلسطيني من نيل حريته وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وتوجيه الضغط على الاحتلال المجرم، لتسريع آليات إعمار ما دمّره خلال حربه الوحشية على قطاع غزة، وإعادة الحياة فيه إلى طبيعتها”، مضيفة أن: “شعبنا الفلسطيني الذي وقف صامداً أمام أبشع عمليات الإبادة في العصر الحديث، والتي مارسها جيش الاحتلال الصهيوني الفاشي ضده، ورفض الاستسلام لجرائم التهجير القسري، خصوصاً في شمال قطاع غزة؛ يرفض بشكل قطعي أي مخططات لترحيله وتهجيره من أرضه”، كما دعت الدول العربية والإسلامية، وخاصة الأشقاء في مصر والأردن؛ إلى التأكيد على مواقفهم الثابتة برفض التهجير والترحيل، وتقديم كل سبل الدعم والإسناد لشعبنا، وتعزيز صموده وثباته على أرضه، والعمل على تقديم كل ما يلزم لإزالة آثار العدوان الفاشي الذي تعرّض له قطاع غزة.
من جهته، توعّد عضو المكتب السياسي لحماس، باسم نعيم، في تصريحات لوكالة فرانس برس، بـ”إفشال” فكرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، مضيفاً “شعبنا كما أفشل على مدار عقود كل خطط التهجير والوطن البديل سيفشل كذلك مثل هذه المشاريع”، في إشارة إلى مقترح ترامب.
“الجهاد الإسلامي” تدعو لرفض دعوة ترامب
بدورها، أدانت حركة الجهاد الإسلامي، في بيان، نشرته على منصة تليغرام “بأشد العبارات تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب”، مشيرة إلى أنها “تنساق مع أسوأ ما في أجندة اليمين الصهيوني المتطرف، واستمرار لسياسة التنكر لوجود الشعب الفلسطيني وإرادته وحقوقه”. واعتبرت أنها “تندرج في إطار التشجيع على مواصلة ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بإجبار شعبنا على الرحيل عن أرضه”.
إلى ذلك، نقلت القناة 12 العبرية الخاصة عن مصادر إسرائيلية وصفتها بأنها “رفيعة المستوى” دون تسميتها قولها إن “تصريح ترامب ليس زلة لسان”. وأضافت المصادر للقناة أن التصريح “هو جزء من تحرك أوسع مما يبدو”، دون مزيد من التفاصيل.
وكانت واشنطن قد أكدت، العام الماضي، أنها تعارض النزوح القسري للفلسطينيين. وعلى مدى أشهر، أثارت منظمات حقوقية ووكالات إنسانية مخاوف بشأن الوضع في غزة، بعد أن تسببت الحرب في نزوح سكان القطاع بأكملهم تقريباً وأدت إلى أزمة غذائية.
ومنذ 7 أكتوبر (2023)، ذاق الفلسطينيون في غزة مرارة النزوح والتهجير من مكان إلى آخر في القطاع المحاصر، وعاش عشرات الآلاف منهم في خيام في محاكاة لنكبة الأجداد الذين هجّرتهم العصابات الصهيونية التي احتلت فلسطين. وكان هدف الحكومة الائتلافية الإسرائيلية معلناً وواضحاً، وهو تهجير الفلسطينيين من غزة نحو شبه جزيرة سيناء المصرية، أو إقناع دول أخرى باستضافتهم. غير أن الصمود الفلسطيني كان لافتاً في وجه آلة الحرب، ما أحبط فكرة التهجير القسري، وجعل الاحتلال يطرح فكرة التهجير الطوعي في محاولة للالتفاف على تشبث الفلسطينيين بالأرض.
ترحيب إسرائيلي
في المقابل، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، إنه يجب على حكومة بنيامين نتنياهو تشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر. وأضاف في منشور على منصة إكس تعليقاً على دعوة ترامب: “أهنئ الرئيس الأميركي ترامب على مبادرة نقل السكان من غزة إلى الأردن ومصر.. أحد مطالبنا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو تشجيع الهجرة الطوعية”. واعتبر أنه “عندما يطرح رئيس أكبر قوة في العالم الفكرة بنفسه، فإنه يتعين على الحكومة الإسرائيلية تنفيذها.. يجب تشجيع الهجرة الآن”.
بدروه، قال وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، في تدوينة بحسابه على منصة “إكس”: “بعد 76 عاماً ظل فيها غالبية سكان غزة محتجزين بالقوة في ظروف قاسية للحفاظ على طموح تدمير دولة إسرائيل، فإن فكرة مساعدتهم في إيجاد أماكن أخرى لبدء حياة جيدة جديدة هي فكرة رائعة”، على حد زعمه. وتابع: “بعد سنوات من تقديس الإرهاب، سيتمكنون (الغزيون) من تأسيس حياة جديدة وأفضل في مكان آخر”.
ومضى سموتريتش: “التفكير خارج الصندوق لإيجاد حلول جديدة هو وحده الذي سيحقق حلاً للسلام والأمن. وسأعمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء والمجلس الوزاري المصغر (الكابينت) حتى تكون هناك خطة عملياتية لتنفيذ ذلك في أسرع وقت ممكن”.
في غضون ذلك، رحب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الأحد، بموافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تزويد بلاده بشحنة قنابل بزنة ألفي رطل كانت إدارة بايدن قد جمدتها. وقال ساعر عبر حسابه على منصة إكس “شكراً للرئيس ترامب على عرض قيادته الجديد بتزويدنا بشحنة الدفاع الحيوية… تصبح المنطقة أكثر أمناً عندما تمتلك إسرائيل ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها”.