إعداد: فرانس24
نشرت في: 22/01/2025
بدأ سكان قطاع غزة بالعودة إلى مساكنهم التي دمرت بسبب قصف وعمليات عسكرية إسرائيلية دامت أكثر من عام. توقف القتال بعد التوصل لاتفاق التهدئة الذي دخل حيز التنفيذ الأحد عقب مفاوضات شاقة استمرت لأشهر. لكن بعض المراقبين يعربون عن مخاوفهم من هشاشة الاتفاق وخشيتهم من انهيار الهدنة بسبب الغموض في بعض البنود، والثقة المنعدمة بين حركة حماس وإسرائيل.

فلسطينيون يسيرون في أحد شوارع جباليا بين أنقاض المباني المدمرة بينما يتجه النازحون إلى المناطق الشمالية من قطاع غزة، في اليوم الثالث من اتفاق وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحماس، 21 يناير/كانون الثاني 2025. © أ ف ب
توقفت الحرب المدمرة في قطاع غزة أخيرا بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار تم التوصل له بعد أشهر من مفاوضات شاقة. ومع عودة السكان لمنازلهم المدمرة، يخشى بعض المراقبين انهيار الهدنة في أي لحظة، نتيجة الغموض في جزء من بنود الاتفاق الغامضة، وانعدام الثقة العميق بين إسرائيل وحركة حماس.
تمتد المرحلة الأولى من الهدنة على ستة أسابيع ويتخللها تبادل لرهائن إسرائيليين محتجزين في غزة ومعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وأعربت قطر التي توسطت في المحادثات مع الولايات المتحدة ومصر، عن أملها في أنّ تصبح الهدنة دائمة.
مع ذلك، ليست هذه النتيجة مضمونة، إذ تأخّر بدء وقف إطلاق النار نفسه والتبادل الأول للرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين، لمدة ثلاث ساعات بعد التوقيت المتفق عليه لدخول الاتفاق حيز التنفيذ الأحد.
خلال هذه الفترة أعلن الدفاع المدني في غزة أن غارات إسرائيلية تسببت بمقتل ثمانية أشخاص وإصابة 25 آخرين.
حتى الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الذي تولى منصبه الإثنين، والذي افتخر بدره في التوصل للاتفاق، قال إنه “غير متأكد” من أن وقف إطلاق النار سيستمر. وهو تقييم يشاركه فيه محللون.
وقالت آنا جاكوبس من معهد دول الخليج العربية في واشنطن لوكالة الأنباء الفرنسية “للأسف هناك خطر كبير بانهيار الهدنة واستمرار (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو في حملته العسكرية في غزة”.
حتى قطر، التي كانت من أشد المؤيدين للاتفاق، أقرت بهشاشته.
إذ حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري الثلاثاء في مؤتمر صحفي من أن “أي خرق من أي من الجانبين أو قرار سياسي… قد يؤدي بوضوح إلى انهيار الاتفاق”.
دور محوري للوسطاء
وقال الأنصاري لقناة “الجزيرة” في تصريح آخر، إن وقف إطلاق النار يراقبه الوسطاء عبر “غرفة عمليات” في القاهرة.
وأوضح أنهم يراقبون دخول المساعدات إلى غزة، وتبادل الأسرى والرهائن، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المكتظة بالسكان في غزة وعودة النازحين إلى ديارهم.
لكن المحلل جوست هيلترمان من مجموعة الأزمات الدولية أشار إلى أن “غياب نص رسمي متاح للعامة لبنود الاتفاق يفتح المجال لتفسيرات متباينة على نطاق واسع”.
وأضاف “النجاح سوف يعتمد أيضا على الوسطاء الذين يعملون كضامنين”.
وتابع “ينطبق هذا بشكل خاص على الولايات المتحدة، نظرا لثقلها. لكننا جميعا نعلم أن ترامب لا يمكن التنبؤ بتصرفاته ولديه مدى اهتمام قصير جدا”.
وتساءل “هل سيسعى (ترامب) إلى تنفيذ الاتفاق أم سيفقد الاهتمام؟”
وينص وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية لمرحلة أولى مدتها ستة أسابيع، سيتم خلالها إطلاق سراح 33 رهينة إسرائيليا مقابل 1900 فلسطيني محتجزين لدى إسرائيل.
أما ما سيأتي بعد ذلك فغير واضح. سيتم التفاوض على المرحلة الثانية التي قد تؤدي إلى نهاية دائمة للحرب، خلال المرحلة الأولى.
وكتبت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام هاوس للأبحاث، في مقال رأي “من المهم التأكيد على أن الصفقة هي هدنة هشة وليست وقفا للصراع”.
وأضافت أن ذلك “سيتطلب المراقبة المستمرة والمساءلة من الأطراف المتفاوضة. وسوف تكون هناك حاجة للعودة الفورية تقريبا إلى طاولة المفاوضات للحفاظ على المراحل المتبقية على قيد الحياة”.
ثقة غائبة ومطالب صعبة التحقيق
وتسبب هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بمقتل 1210 أشخاص، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة الأنباء الفرنسية يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
في قطاع غزة، قتل ما لا يقل عن 47100 شخص معظمهم من المدنيين، حسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس.
ولا تزال الخلافات الرئيسية بين أطراف الهدنة قائمة، بما في ذلك مطلب إسرائيل بنزع سلاح حماس، وهو أمر يستبعد تماما أن تقبل به الحركة الفلسطينية. من ناحية أخرى، تطالب حماس إسرائيل بإنهاء حصارها المستمر منذ 17 عاما لغزة، الأمر المستبعد أيضا.
وقال مايكل هورويتز، رئيس قسم الاستخبارات في شركة الاستشارات الأمنية وإدارة المخاطر لو بيك إنترناشونال، لوكالة الأنباء الفرنسية “فجوة الثقة بين الطرفين هائلة”.
وأضاف “الافتقار إلى الشفافية بشأن الاتفاق يساعد نتانياهو من خلال السماح له بالزعم بأن وقف إطلاق النار هذا ليس دائما، وأن إسرائيل ستكون قادرة على استئناف الحرب”.
ووفقا لجاكوبس، “لم يحقق نتانياهو أيا من أهدافه الاستراتيجية في هذه الحرب، لا سيما القضاء على حماس، لذا فمن الصعب أن نتخيل أنه لن يجد ذريعة لتخريب الهدنة ومواصلة الحرب”.
وتثقل الضغوط الداخلية على نتانياهو الذي يتمتع بأغلبية برلمانية ضئيلة مع شركاء الائتلاف من اليمين المتطرف الذين يعارضون الهدنة.
وفي هذا السيناريو، من غير المؤكد ما إذا كانت حماس ستشعر بالثقة الكافية لتسليم جميع الرهائن الإسرائيليين بدون خوف من المزيد من الانتقام.
وقال مساعد وزير الخارجية المصري السابق حسن هريدي “علامة الاستفهام الرئيسية تثار بعد إطلاق سراح الرهائن: هل سيواصل نتانياهو الالتزام بالهدنة؟”
فرانس24/ أ ف ب