د. مخلص الصيادي
21 / 11 / 2022
من المعلوم على وجه اليقين أن المصطلحات في وكالات الأنباء، والصحف وفي النشرات الإخبارية لا تترك لخيار الأفراد العاملين في هذه المجالات، وإنما هي محددة بدقة لأنها تأتي تعبيرا عن سياسة الوكالة، أو الصحيفة، أو المحطة التلفزيونية، أو الدولة، كل حسب تابعيته. بل إن معدي البرامج الإخبارية يلتزمون بمصطلحات الجهات التي يعملون بها، طبعا دون أن يكون ذلك ملزما لضيوفهم، ويكون دائما على رؤساء ومدراء التحرير أن يدققوا في استخدام المصطلحات، ويتأكدوا من الالتزام بما هو مقرر بهذا الشأن.
ولا تأتي المصطلحات المعتمدة ( أسماء، صفات، مكونات) اعتباطا، إذ دائما ما يكون لها أساس قانوني أو تاريخي أو اجتماعي أو جغرافي معترف به، ويكون الأخذ بمصلح محدد دليلا على التزام هذه الوسيلة الإخبارية بموقف معين.
ومما هو مؤكد حتى الآن أن أي دولة، أو مؤسسة عربية، أو دولية، أو مرجعية قانونية معترف بها، لم تنل من صفة “الجمهورية العربية السورية”، ولا من دلالة هذه الصفة، رغم التنازع الحاد حول شرعية نظام القائم في دمشق، بعدما قام به هذا النظام من جرائم بحق الوطن أرضا وحضارة وبنية أساسية، وبحق المواطن: حياته وأمنه واستقراره.
لكن مما يثير الريبة والغضب أن تعمّد الكثير من وسائل الإعلام ووكالات الأنباء وبشكل مبكر إلى اعتماد تسميات لمدن ونواحي في سوريا على غير حقيقتها، متبنية بذلك تلك التسميات التي أطلقتها عليها سلطة الأمر الواقع ممثلة بالقوى “الانفصالية/ العنصرية” التي تدعي التحدث باسم الأكراد، والتي هي في حقيقتها جزءا من حركة انفصالية كردية واسعة النطاق يمثلها حزب العمال الكردستاني، المصنف بكونه حزبا إرهابيا.
ولعل من أهم النماذج في هذا الشأن التسمية التي أطلقها الانفصاليون الأكراد على مدينة “عين العرب” السورية، حينما أسموها “كوباني”، وهي تسمية ليس لها أي سند من أي نوع كان، وليس لها أي معنى، حتى، فليس لها أساس في اللغة الكردية، وليس لها أي وجود قبل أن يطلع عليها هؤلاء بهذه التسمية، حتى إنك لا تجد أي مرجع تاريخي، ولا مذكرات لرحالة، ولا معجم لغوي، ولا قصص تاريخية وروايات اجتماعية تذكر هذا الاسم المشوه لهذه البلدة / المدينة العريقة تاريخيا، فهي كانت دائما “عين العرب”.
ولا غرابة أن يعمد هؤلاء “الانفصاليون/ العنصريون” إلى إطلاق مثل هذا التسميات، فهم كالحركة الصهيونية يريدون أن يخترعوا تاريخا وأسماء وشواهد وهمية لعلها تميزهم، فيتميزوا بها، ويتخذوها متكأ في تقديم رواية مختلفة لمسار التاريخ في هذه المنطقة، دون الوقوف عند حقيقة أن {الأوهام لا تكتب تاريخا، وأن المنطقة التي يتحركون فيها غزيرة بتاريخها، وقديمة وثابتة بأسماء مواقعها}.
ولو أن أحدا أراد أن يكتب بحثا عن “كوباني” مستعينا بأي مصدر كان، فلن يجد شيئا على الأطلاق، وكل ما سيجده أن هذه التسمية لا وجود لها قبل أن يطلقها هؤلاء الانفصاليون على بلدة / مدينة “عين العرب”، أما إذا أراد باحث أن يكتب بحثا عن بلدة / مدينة “عين العرب”، فسيجد سيلا من المعلومات التاريخية واللغوية والجغرافية والأدبية، والسلالية.. الخ. وسيجد هذه المراجع بلغات عديدة من بحاثة ورحالة ومسؤولين ودبلوماسيين كثر.
إن اسم البلد والمدينة والبلدة والموقع بمثابة الاسم للإنسان، إذ يمثل وجها من أوجه هويته، ويختزن في عمقه تاريخه الخاص، ويشير إلى علاقاته بمحيطه: بالبشر، والجغرافيا، والثقافة، والدين، والقيم.
لا غرابة أن يفعل هؤلاء الانفصاليون ما فعلوا بشأن أسماء المناطق والمدن والمواقع السورية، فهم في توجههم ومقصدهم غرباء عن سوريا، عن هذا الجزء من المنطقة العربية التي امتزجت وتفاعلت فيها كل الأعراق والديانات والمذاهب، لتكون معا وجه سوريا المميز.
لكن الغريب أن تعمد معظم وكالات الأنباء ومحطات التلفزة ومنها محطات عربية إلى اعتماد مثل هذه التسميات وهي تدعي أنها تقف ضد ” تقسيم سوريا” وتقف ضد “الحركات الإرهابية”، وسنكون سذج إن أرجعنا ذلك إلى جهل أو غفلة.
يجب أن ندين هذا المسلك، وأن ننبه إلى خطورته، ونبين أنه في مضمونه ومعناه يعني تأييدا لهذه الحركات الانفصالية/ الإرهابية، وتأييدا لمسعاها في تقسيم سوريا. ولتغيير هويتها، وأنه سلوك ونهج يخالف القانون الدولي ويخالف مفاهيم سلام وأمن واستقرار دول المنطقة.
والحفاظ على الهوية السورية، يعني الحفاظ على هوية كل جزء من أجزاء سوريا، فالهوية بصمة فريدة بذاتها لا تقبل التقسيم ولا التجزئة، ولا تقبل التلون حسب توزع السكان وتنوعهم، وليست مكانا للمساومة، أو التفاوض، كما لا يقبل المسامحة.
د. مخلص الصيادي
أبو كرم
انوه إلى كلمة كوباني هي مختلقة حديثا كانت شركة ألمانية للسكك الحديدية أسمها كونباني من القرن الماضي، و”عين العرب” ما قبل الإسلام من أورفا وحران إلى ماردين وديار بكر بني وائل وربيعة ومن الموصل إلى حلب وريفها بني عقيل ومضر ومن الرقة وجبل العرب يطلق عليهم لازالت قبائل عدنانية إلى الأردن وفلسطين.
والأكراد طردوا من حدود أذربيجان وارمينيا عام ١٨٦٠ عندما حدثت لهم حرب بينهم وبين الأرمن، فوقف قيصر الروس إلى جانب الأرمن والعثمانيين وقفوا إلى جانب الأكراد وجلبوهم الي ريف أورفا وماردين وكلس وعفرين ومرسين وريف غازي عينتاب والكثير غيرها. وكلمة سلطة الأمر الواقع هذه إجرام بحق أبناء الوطن.
سوريا عربية واحتضنت جميع شعوب الأرض متنوعة أكثر الهجرات عام ١٩١٥ هجرة الأرمن واليهود والسريان والاشوريين عام ١٩٣٣ كانت مقايضة ممنهجه باتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا هجّروهم من شمال العراق واستوطنوا على ضفاف الخابور ولاحقا نتذكر أيضا هجرة الشركس والشيشان ومن الذي هجّرهم.