كتب الدكتور طارق كتيلة على صفحته
يمكن تصنيف السوريين في الخارج إلى أربع مجموعات رئيسية بناءً على موقفهم من الحكومة السورية الحالية برئاسة الرئيس الشرع، وهو موقف يتأثر بشكل كبير بخلفياتهم الثقافية والدينية والاجتماعية.
1. المجموعة الأولى – المؤيدون بشكل مطلق
تضم هذه المجموعة بشكل رئيسي المحافظين والتيارات الإسلامية، وهي متماهية تماماً مع الحكومة الجديدة وتمنحها دعماً غير مشروط. غالباً ما تنطلق مواقف هذه الفئة من اعتبارات دينية وثقافية محافظة، وترى في الرئيس الشرع و حكومته ذات الخلفية المحافظة و الإسلامية ممثلاً لتوجهاتها.
وتُقدّر نسبتها بين 30% و35% من السوريين في الخارج، وقد تكون النسبة أعلى داخل سوريا.
2. المجموعة الثانية – التيار الوسطي المعتدل (بيضة القبان)
يمتد هذا التيار من محافظين معتدلين إلى ليبراليين وطنيين، وهو لا يؤيد الحكومة بدافع الولاء، بل انطلاقاً من رغبة حقيقية في تحقيق الاستقرار والنهوض بسوريا في مرحلة ما بعد الأسد.
يتألف هذا التيار بشكل رئيسي من العرب السنّة الوسطيين، لكنه يضم أيضاً طيفاً واسعاً من مختلف مكونات المجتمع السوري، من كافة الأديان والطوائف، يجمعهم هدف مشترك يتمثل في بناء دولة قوية تضمن حياة كريمة لجميع أبنائها.
يشترط هذا التيار في دعمه التزام الحكومة بمبادئ المواطنة، والانفتاح على جميع المكونات، واحترام الحريات العامة والخاصة.
وقد نجح الرئيس الشرع حتى الآن في كسب ثقة هذه الفئة من خلال خطاب براغماتي متوازن، رغم أن بعض التصرفات من الفصائل المسلحة، خصوصاً في الساحل والسويداء، أثّرت سلباً على مزاجها العام.
مع ذلك، لا تزال هذه الفئة تحافظ على ثقتها بالحكومة وتُعد من أكثر المجموعات تأثيراً في الخارج، وتشكل عنصراً حاسماً في تأمين الدعم الدولي. تُقدّر نسبتها بين ٣٠% و35%.
3. المجموعة الثالثة – المعارضة للسلطة السابقة والحالية
تتكوّن هذه المجموعة بشكل رئيسي من ليبراليين ويساريين، إضافة إلى شرائح من مكونات الشعب السوري من غير المكون السني المسلم، الذين يساورهم القلق تجاه الخلفية الإسلامية لبعض قيادات الحكومة الجديدة.
ورغم ترحيبهم بسقوط نظام الأسد، إلا أنهم لم يستطيعوا تقبّل الحكومة الحالية، نظراً لمخاوفهم من تراجع الطابع المدني للدولة واحتمال تغليب البُعد الديني على العمل السياسي.
تطالب هذه الفئة بإقامة دولة مدنية علمانية تفصل بين الدين والدولة بشكل واضح، على غرار النموذج الفرنسي، وترى أن استمرار النفوذ الديني في السلطة يهدد مبادئ المواطنة والمساواة بين جميع المكونات.
تُقدّر نسبة هذه الفئة بين 15% و20% من السوريين في الخارج.
4. المجموعة الرابعة – أنصار النظام السابق (فلول الأسد)
تتكوّن من أفراد ومجموعات لم تتقبل سقوط النظام السابق، إما نتيجة مصالح اقتصادية ارتبطت بالفساد، أو بسبب ولاء تاريخي او طائفي للأسد.
بعضهم حاول التأقلم مع الواقع الجديد لفترة قصيرة، لكنه عاد إلى مواقفه القديمة مستنداً إلى أحداث مثل ما جرى في الساحل.
تُقدّر نسبتهم بين 15% و20% أيضاً.
في الختام
حتى يتمكن الرئيس الشرع من الحفاظ على شرعيته وتعزيزها في الداخل والخارج، لا بد له من الاعتماد على المجموعتين الأولى والثانية.
فالمجموعة الأولى تُشكّل قاعدة دعم ثابتة وصلبة و يهمها تحسن الوضع المعيشي و الاقتصاد بشكل اساسي، بينما تُعدّ المجموعة الثانية العنصر الحاسم في ترجيح كفة التأييد الشعبي، حيث يمكن أن ترفع نسبة الدعم إلى ما يزيد عن 50%، وربما تصل إلى ٧٥% إذا استُثمرت ثقتها بالشكل الصحيح.
ولضمان استمرارية هذا الدعم، لا بد من ترجمة الخطاب البراغماتي المتقدم الذي يتبناه الرئيس الشرع إلى خطوات عملية وملموسة على الأرض، تبدأ بضبط الفصائل المسلحة، وترسيخ سيادة القانون، وحماية الحريات الفردية والدينية، بما يعزز بناء دولة عادلة تقوم على المواطنة المتساوية